السور و المسامير

السور و المسامير

إعداد إيلين منصور

كان الفتى سريع الغضب, حاد الانفعالات لا يستطيع السيطرة على أعصابه. وفي غضبه يتفوّه بكلمات جارحة. فأعطاه والده كيساً فيه مجموعة من المسامير وأوصاه أن يدق واحداً من هذه المسامير في سور حديقة المنزل كل مرة يغضب فيها دون أن يستطيع السيطرة على أعصابه.

في اليوم الأول دقَ الفتى 37 مسماراً في السور. لكن، مع مرور الوقت كان عدد المسامير يتراجع, فقد اكتشف الصبي أن السيطرة على انفعالاته أسهل بكثير من دق المسمار في السور. إلى أن جاء يوم لم يدق فيه الفتى أي مسمار لأنه نجح أخيراً في السيطرة على أعصابه طوال اليوم وأن لا يغضب على الإطلاق. وسرعان ما أخبر والده بهذا الأمر. فما كان من الأب إلا أن اقترح عليه اقتراحاً آخر وهو أن يخلع مسماراً من التي دقّها في كل مرة ينجح فيها في السيطرة على أعصابه ولا يغضب. مرت الأيام ونجح الابن في أن ينزع جميع المسامير التي كان قد دقها في الماضي في السور. فقد استطاع فعلاً أن يجتاز التدريب ويسيطر على نفسه ويحفظها بدون غضب. فأسرع يخبر أباه بالنجاح في التدريب وبأن جميع المسامير قد تم نزعها ولم يبقَ منها مسمار واحد في السور.

فرح الأب بما فعله الابن وأخذه من يده وذهب به إلى السور وقال له: “فعلاً يا بني أنت عملت عملاً عظيماً يستحق التقدير. لكن انظر إلى السور جيداً وإلى كل هذه الثقوب التي أحدثتها المسامير فيه. لقد شوّهت منظره ولن يعود السور إلى نفس المنظر الذي كان عليه من قبل. فعندما تغضب وتتفوه بكلمات صعبة فإنك تترك جرحاً في نفوس الآخرين. تماماً كمن يدق مسماراً في السور. وربما تعتذر لهم كما تنزع المسمار من السور لكنك ستترك جرحاً في نفوسهم. فالجراح التي تسببها كلماتنا اللاذعة تماماً مثل الثقوب التي تحدثها المسامير في السور.

Published
Categorized as قصة

Leave a comment