“صلّوا لئلا تقعوا في التجربة”
(لوقا40:22)
ماريَّا قبارة
قالَ أحدُهم: “نسيتُ بالأمسِ أن أصلّي، وهكذا مضى صباح يومي ولم يكن فيه أيّ وقتٍ لأصرفه على ركبتيّ في الصلاة مع أنّ الوقت كان متسعاً لتنظيف أسناني ولارتداء ملابسي وتصفيف شعري ولإتمام واجب الفطور وأمور أخرى عديدة؛ ولكنّه لم يتسع للصلاة. ولمّا انتهى عملي في آخر النهار وجاء المساء أسرعتُ إلى غرفتي واستلقيت على فراشي للنوم ولكنّي لم أنم، رقدتُ في الظلام أفكّر في ما عسى أن أعمله باكراً وقبل أن أستسلمَ للنومِ تذكرتُ أنّي لم أصلّي فنعستُ ورأيتُ في منامي أنّي واقفٌ في قفص الاتهام الأسود باعتباري ارتكبتُ إثماً، ومع ذلك لم يكن لديّ قدرة على البكاء، وانتظرت….
فسمعتُ القاضي يحكم عليّ بأنّي مذنب، وهنا وددتُ أن أجدَ فرصةً للصلاة، ورأيت نفسي أمام سلّمٍ وعليّ أن أصعدَ هذه السلم لأصلَ إلى شخصٍ في نهايته يدعى “الموت”، ثمّ سمعتُ الحراسَ يسألونني عمّا أريد…، ودفعوني بقوةٍ فصعدتُ السلالم قبل أن أجد فرصةً للصلاة، كنتُ أحصي درجات السلّم: واحد، اثنين، ثلاثة، أربعة،…. وكأنّي أدفع ثمن ذنبي، وتمنيتُ لو أجد دقيقةً أصرفها في الصلاة، لكن لم يُسمح لي فاقتربتُ إلى هوةٍ سحيقة لا قرارَ لها، وفي برهة يسيرة أضاء حولي نورٌ فعرفته؛ إنّه يسوع؛ كان يسوع راكعاً وحده يصلّي في البستان وتمنيتُ أن أكون بجواره وسمعتُ من بعيد صدى تسابيحَ السماء ودقاتِ أجراس الكنائس؛ فمددتُ يديَّ إلى يسوع الحلو فأمسكَ بهما للحال ولم أتحوّل عنه، وقمتُ من فراشي فإذا بي على ركبتيّ أصلّي فقد وجدتُ وقتاً للصلاة”.
لقد أعطانا اللّه وروحه القدّوس المواهب والإمكانات التي تميزنا ولكن إن لم نكن رجال صلاة فلن نلتمس من اللّه بركة لنا في خدمتنا ومواهبنا. علينا أولاً أن نتخرّج من مدرسة الصلاة قبل أن نخرج إلى ميادين الحياة والخدمة، علينا أن نعرف المخدع والخلوات ليدخل المسيح “والأبواب مغلقة”(26:20)، والأبواب ليست إلاّ ضبط الأهواء والشهوات والضعفات، فننتصر مع اللّه في الصلاة هذا إن كنّا نريد أن نكون في جيش الرب، فصلاة القلب هي قلب الصلاة، أي أنّ صلاتنا تغدو بلا معنى إن لم تكن من دفء وحرارة القلب. من السهل علينا أن نأخذ صورة المصلّين أمّا قلوبنا فبعيدة كلّ البعد عن روح ومعنى الصلاة الحقيقية.
حين لا أهتم بشيء إلاّ بالصلاة وبكلمة اللّه الفاعلة سيهتم اللّه بكلّ شيء آخر.