رأس الحكمة مخافة الله
نيقولاوس أسقف زيخا وأورخيدا
رأس الحكمة مخافة الله (أمثال 7:1).
إذا أراد أحد ما أن يعرف عدد النجوم في السماء وأسماء السمك في البحار وكمية العشب في الحقل وعادات الحيوانات في الغابات، من دون أن يكون فيه خوف الله، فإن معرفته هي مثل الماء في إناء مثقوب. وقبل الموت، سوف تجعله معرفته أكثر جبناً من الجاهل بالكليّة.
إذا استطاع أحد ما أن يحزر كل أفكار الجنس البشري وأن يتنبأ بمصير البشر وأن يظهِر كل سر تخفيه الأرض في أعماقها، من دون أن يكون فيه خوف الله، فإن معرفته هي مثل الحليب مصبوباً في وعاء نجس يفسد الحليب بأكمله. وفي ساعة موته، حكمته لن تلمع، لا بل تكون مثل قطعة من الفحم غير مشتعلة. ليلة رقاده سوف تزيد من ظلام موته.
“رأس الحكمة مخافة الله”
كيف يمكن لمَن لم يبدأ بشكل صحيح أن ينتهي بشكل صحيح” كلّ مَن يبدأ على الطريق الخاطئ عليه أن يستدير ويأخذ البداية الصحيحة، أي عليه أن يطأ الطريق الصحيح. مَن ليس فيه خوف الله لا يستطيع أن يحب الله.
ما هذا الذي نتحدّث عنه؟ مَن ليس فيه خوف الله لا يؤمن بالله. النساك العظام، أولئك الذين أماتوا أنفسهم ولفترات قد تمتد لأربعين أو خمسين سنة، عاشوا ليلاً ونهاراً حياةً ملؤها إنكار الذات حتى الموت، كانوا مملوئين بخوف الله، وهؤلاء الذين بغير خطيئة بين البشر صرخوا عند ساعة موتهم “يا رب ارحمني أنا الخاطئ”!
مخافة الله هي ملح التقوى الكاملة. من دون ملح تكون كل تقوانا فاسدة ومنحلّة. خوف الله يستر العورة، يشد المعدة ويجعل القلب رزيناً ويكبت الفكر ويجلد الإرادة الذاتية.
أين الندامة من دون خوف الله، أين التواضع؟ أين ضبط النفس؟ أين العفّة الكاملة؟ أين الصبر؟ أين الخدمة والطاعة؟
أيها الإخوة، فلنعانق هذه الكلمة كحقيقة مقدّسة “رأس الحكمة مخافة الله”. أيها الرب القدير ازرعْ خوفَك في قلوبنا، لأن لك المجد والشكر. آمين.