الصلاة

تعريب أحد الرهبان

حديث مسجّل موجّه من الأب برثانيوس الروحيين إلى أبنائه الذين يجاهدون الجهاد الحسن

على كل أبّ أن ينتبه على أبنائه الروحيين في موضوع الصلاة. وأن يعلّمهم الصلاة حسب قدرتهم لأن الصلاة هي التي توحّدنا مع الله. ونقرأ كثيراً من الأمثلة في السنكسار، منها مثلاً: القديس أرسانيوس الكبير كان يصلي من غروب الشمس حتى شروقها رافعاً يديه إلى السماء. فعندما لا يصلّي الإنسان يكون جهاده ميتاً ويجعله الشيطان بلا قوة.

أسرد لكم حادثة إنسان أتى من أثينا ليعترف، فقلت له: “هل عندك أب روحي في المدينة وتعترف له؟” فقال: “نعم. عندي منذ كنت صبياً وكنت أعترف بشكل منتظم لكني لا أشعر نفسي مرتاحاً”، قلتُ له: “لماذا؟”، قال: “لا أعرف.” فتعجّبت من هذا الشاب، الذي كان عمره حوالي العشرين سنة، وعندما انتهى من الإعتراف قلت له: “الموضوع مهم يجب عليّ أن أقترح عليك قانون صلاةٍ معيناً.” فقال: “ليكن مباركاً.” فأعطيته قانوناً من 500 مطانية كبيرة وعلى كل مطانية يقول: “أيها الرب يسوع المسيح يا ابن الله، من اجل والدة الإله وجميع القديسين ارحمني”، وأفهمته أنّه عندما ينتهي منها يمكنه أن يتناول وأن يتمّم هذه المطانيات بحسب إمكاناته من 10 إلى 50 كلّ يوم حتى ينتهي منها. انصرف الشاب إلى قلايته وأنا قد تابعت الاعترافات. بعد ساعة من الزمن قرع على الباب من جديد وقال: “بارك يا أبتي.” فأجبته: “الرب يباركك”. فقال: “لقد أتممتُ هذه المطانيات كلّها واسترحت وفهمت لماذا لم أكن مرتاحاً: لأن أبي الروحي لم يطلب مني أن أفعل ولا سجدةً واحدة.” فقرأت عليه صلاة الحلّ ثم قال لي: “إني أشعر وكأني في الفردوس”. وبعدها اقترحت عليه قانوناً مناسباً له يومياً.

لذلك أقول: على الآباء أن ينتبهوا لأبنائهم الروحيين في أمور الصلاة والصوم والسهر والخطايا المرتكَبة، ويعلّموهم أن يحترموا أهاليهم. وأنا بالفعل أضع قانوناً لكل إنسان على حسب إمكانياته. هذا يتطلب إنتباهاً كبيراً وتمييزاً. والفضيلة الكبرى هي التمييز بين الخير والشر وتحتاج إلى معونة الله والعذراء وجميع القديسين.

هذه الصلاة يمكن أن نردّدها بصوت منخفض أو بصوت قويّ بحسب ما نرتاح. مثلاً: نتجنّب أن نزعج الآخرين في غرفة مجاورة، لذلك نقولها بصوت منخفض. هكذا نقول الصلاة التي هي عبارة صغيرة ولكنها ذات قيمة كبيرة. كما قال القديس يوحنا السلمي: لا يوجد أطيب وألذّ من اسم الرب يسوع. وكما يقول القديس إغناطيوس الإنطاكي: لا يوجد أعذب وألذ من اسم الرب يسوع. ولذلك عندما مات وكشفوا على رفاته وجدوا في وسط قلبه اسم يسوع المسيح محفوراً عليه. من بعدِ ما أكلته الوحوش بقيت عظامُه وقلبُه ووجدوا على قلبه عبارة الرب يسوع. عندما نذكر هذا الإسم ترتجف الأرض وترتجف الشياطين. ولذلك تسعى الشياطين أن لا يدَعونا نصلّي هذه الصلاة فنردد أشياء أخرى. لا يستطيعون أن يتحملّوا اسم الله.

لذلك حاولوا أن تردّدوا دائماً الصلاة، إن كنتم في الطريق، في السيارة، على الأكل. هكذا نتعلّم الصلاة المستمَدّة ونبتهج، لأن لساننا الذي أعطانا الله إياه يسبِّح ويمجِّد بدل أن يقول أشياء كثيرة تجرح القلب والفكر.

من ثمّ نقول مسبحة كاملة للعذراء الكلية القداسة: “أيتها الفائق قدسها والدة الإله خلصيني أنا الخاطىء” وللفتاة خلصيني أنا الخاطئة…. هذه هي العبارة المستعملة إجمالاً، ولكن يمكن أن نقول هذه العبارة: “أيتها الفائق قدسها والدة الإله تشفعي فيّ أنا الخاطىء”، إلى أن ننتهي من مسبحة العذراء.

من الأفضل أن نقول: أيتها الفائق قدسها خلّصينا، ويمكن أن نقول تشفّعي فينا. ولكنها تسمع في كل الأحوال لأنها أمّ المحبة والحنان وتستجيب. الله موجود في كل مكان، وهو المالئ الكلّ كما يقول بولس. ولكنّ العذراء ليست موجودة في كلّ مكان بل عن يمين الله. من أين أهرب من وجهك؟ وكيفما نهرب هو يبقى دائماً بقربنا ويسمعنا. إنّها موجودة عن يمين الله ولكنّها تسمع وتستجيب بسرعة، إذ كما نقول في البراكليسي لها دالّة كبيرة عند الرب.

لنقول مسبحة لقديس، كالقديس جاورجيوس مثلاً: “يا قديس الله تشفّع فيّ أنا الخاطىء”، “أو أيّها العظيم في الشهداء جاورجيوس تشفع فيّ”.

إذا أردنا أن نصلي من أجل شخص بحاجة إلى صلاة، نصلّي إلى قديس نختاره نحن لكي يتشفّع من أجل هذا الشخص. نحن نصلّي إلى القديسين لكي يتشفّعوا إلى الله وهم عندهم دالة وهكذا بواسطتهم نحصل على دالة كبيرة.

لا بد من احترام الأهل والصلاة من أجلهم. يقول الكتاب المقدّس: من لا يوقّر أهله يموت موتاً ومن لا يذكر أهله لا يمكن أن يتقدّم في حياته. والأولاد الذين يتكلمون كلام الشر ويجدّفون على أهلهم، الأشخاص الذين لا يذكرون أهلهم ويصلّون لهم، لا يمكن أن يحصلوا على الخلاص ولا يستطيعون أن يتقدّموا في حياتهم الروحية. لذلك من واجبنا نحن أن نصلي من أجلهم يومياً على النحو التالي: “أيها الرب يسوع المسيح يا ابن الله ارحم أهلي وأخوتي”. وعلى آخر مرة نقول: “أيها الرب يسوع المسيح يا ابن الله بشفاعة والدة الإله وجميع قديسيك إرحم أهلي وأخوتي ودبّر حياتهم من أجل خلاص نفوسهم”.

بهذه الطريقة نحصل على المحبة لأن الله محبّة، عن طريق الصلاة، ونطرد كلّ الأفكار الشريرة التي تأتي من الشرير وتصير العلاقة بيننا وبين أهلنا علاقة محبة ونحبهم ويحبوننا.

1. المطانيات الكبيرة

2. المطانيات ركوعاً

3. المطانيات السجودية أي الصغيرة

4. المطانيات الصغيرة القيامية بالصليب بدون إنحناء

الأب الروحي هو الذي يحدد أي نوع من المطانيات يجب أن نتمّم. المهمّ في كلّ الأحوال أن نرسم إشارة الصليب بوضوح لأن الشيطان يجلس في الزاوية، ويضحك علينا ويقول بأنّ المسيحيين لا يعرفون حتّى أن يرسموا إشارة الصليب.

مثلاً: يجب أن يأتي الأولاد إلى الكنيسة كلّ أحد صباحاً، إن أرادوا أو لم يريدوا أن يتناولوا، وأن يصوموا كلّ أربعاء وجمعة كل السنة، وكذلك الصوم الكبير المقدّس. كما ينيغي أن يتعوّدوا على الذهاب إلى الأب الروحي حتى ولو قالوا له بعض الكلمات ويعتادوا أن يروا فيه الطبيب لهم، ويتعلّموا أن يسألوه في كلّ شيء في حياتهم. كما يجب أن لا يُسمح للأولاد أن يذهبوا حيثما شاؤوا بدون تمييز لأن معرفتهم محدودة. ضروري أن يتعلموا من صغرهم الصلاة، أن لا يُسمح لهم أن يناموا بدون صلاة، وأن يعملوا قبل النوم مطانية لأهلهم وأن يقبّلوا يديهم، وعلى الأهل أن يعطوهم بركتهم. بعد أن يأخذوا بركة أهلهم يصلّبون ثلاث مرات على المخدّة وينامون. على الأم أن تراقبهم وتصلّب على فراشهم. بهذا يتجنب الأهل عمل الشيطان في الأولاد.

عند النهوض من النوم، يغتسل الأولاد وبعدها يقولون صلاة مختصرة، مثلاً مسبحة للرب يسوع ومسبحة للعذراء. يتناولون الفطور يأخذون بركة أهلهم ثم يذهبون إلى المدرسة أو إلى العمل وبهذه الطريقة التربوية يصيرون اناساً صالحين لأنفسهم وللمجتمع.

الويل للأهل الملحدين، الفاسدين أو اللامبالين. ما هو الجواب الذي سيعطونه لله…

كما يقول القديس غريغوريوس بالاماس في صلاته: “أنر ظلمتي”، لذلك علينا أن نجاهد كلّنا الجهاد الحسن لأن جهادنا ضدّ الأرواح الشريرة أرواح الظلمة. محظوظ هو الإنسان الذي يتعلّم الصلاة بمخافة الرب والتواضع والمحبة، ويهتمّ بخلاصه. “أطلبوا ملكوت السماوات وكل شيء يزاد لكم”. نرجو لكم توبة صالحة وفردوس النعيم.