نِعمَ الوكيل
ماريا قبارة
“حسبي الله ونِعم الوكيل”، هكذا يصرخ الناس عندما يستبّد بهم الظلم ويفيض بهم الألم.
هذه الصرخة تعني أنّهم أخذوا الرب وكيلاً مطالباً بحقهم و اسلّموا أمرهم له وهو لن يخذلهم أبدا.
الربّ هو العدل، هو الحاكم، صاحب الميزان الذي لا يميل إلى تحزّب أو قرابة أو لعلاقات خاصة، هو المحكمة التي لا تحوي محامين أو وكلاء نيابة أو شهوداً أو أوراقاً وقوانين. محكمة الرب مستقلة، تعتمد على عدله، لها قوانين سماوية لا تحوي ثغرات يستطيع المحامي الدخول إليها لكي يُخرج المتهم بريئاً منها. فالقانون السماوي لا يتأثر بأشكال الناس أو بمراكزهم
يلجأ الناس في المعسكرات ومراكز الشرطة ومكاتب الأمن إلى الضرب والتعذيب والتهديد والسحق لكي يتكلم المتهم ويعترف، أما الرب فلا يحتاج إلى وسائل التعذيب هذه أو إلى أسلوب التهديد والضغط على الناس بل الرب يصحّي ضمير المتهم
إن كنت مظلوماً، اصرخ بكل ما أوتيتَ من قوةٍ واطلب من الرب بكلّ إيمان “يا ربّ، أنا مظلوم”، وفكّر دوماً بأنّ الله هو العدل ويكشف الزيف والخدعة مهما كانا متقنين. ليس عنده ضباطاً يتحرّون ويبحثون، بل هو الذي يرى الحادثة بكافة تفاصيلها وعناصرها، لا يقرأ الأوراق المزيفة ولا يسمع الكلام المصطنع، بل يعرف خفايا القلوب ويقرأ أعماق الناس، ويؤدي أحكامه في الوقت المناسب
اروي هنا هذه القصة التاريخية:
“نعرف أنّ المسيحية في العالم الوثني قد اضطهدت كثيراً إلى أن ظهر الإمبراطور قسطنطين في القرن الرابع وأعلن المسيحية ديناً للدولة، وبعد أن توفي قسطنطين جاء ابن أخيه الملقب بـ”يوليان المرتدّ” والذي أراد أن يُرجع روما وثنية كما كانت قبلاً. فأدخل اضطهاداً عنيفاً ضدّ المسيحيين. وفي إحدى جولات الاضطهاد هذه وهو برئاستها اعتقل ضباطه ضابطاً مسيحياً من فارس وأخذوا يسخرون منه. فقال له يوليان بسخرية: “أين النجار يسوع الناصري ، وماذا يفعل الآن؟؟”، فردّ عليه الضابط المسيحي الفارسي: “النجار الناصري يصنع تابوتاً ليُدفن فيه يوليان المرتدّ”.
وبالفعل بعد هذا الجواب بـ 24 ساعة، مات يوليان فجأة بعمر 32 سنة. سجّلت هذه الواقعة كُتب التاريخ لأن يوليان عندما كان يحتضر قال جملة شهيرة في التاريخ: “انتصرت أيّها الناصري”
إنّ العالم يمتلئ يوماً فيوماً من الشرّ والجريمة، والناس يطالبون بحقوقهم أكثر من تفكيرهم بواجباتهم، فامتلأت المحاكم بالقضايا المتنوّعة.
وعندما تصل قضايانا إلى ساحة المحاكم أعطِ يا رب حكمة للقضاة والعاملين معهم، أعطهم روح الأمانة ليقضوا باستقامة وعدل للشعب الذي ائتمنتهم عليه. ضع مرضاتك في ضمائرهم وساعدهم ليفحصوا أحكامهم وفق مشيئتك. آمين