أيقونة حارسة البوابة
إعداد راهبات دير مار يعقوب الفارسي المقطع، دده – الكورة
كانت أرملة غنيّة جدّاً لها ابن وحيد، وكان عندها أيقونة لوالدة الإله. واتّفق أنّ جنود الملك ثاوفيلس جاؤوا إلى مدينة هذه الأرملة بقصد التفتيش عن الأيقونات ونزعها من المنازل. فدخلوا منزل هذه الأرملة، ورأوا الأيقونة، وفرحوا فرحاً عظيماً، وقالوا للأرملة: إمّا أن تعطينا الأيقونة حسب أوامر الملك أو نذيقك مالا تتصوّرينه من العذابات. فطلبت الأرملة فرصة إلى الغد، فقبلوا بذلك. وبعد انصرافهم، دخلت هي وابنها إلى الغرفة حيث توجد الأيقونة، وركعا سويّة، وراحا يصلّيان بحرارة مدّة طويلة. ثمّ أخذت المرأة الأيقونة، وانطلقت مع ابنها إلى الشاطئ وهي تصلّي: يا سيّدة العالم إنّي أسألك أن تنجيني بقوّتك من غضب الجنود، وتسلّمي أيقونتك هذه من ضرر المياه. ومع قولها هذا رمت الأيقونة في البحر، ويا للعجب، فإنّ الأيقونة سارت في البحر منتصبةً لا مطروحة.
وبعد أن عادا إلى المنزل، قالت المرأة لابنها: يا ولدي، لا شكّ أنّ السيّدة العذراء سوف تحمينا من المضطهدين، ولكنّنا يجب أن نحترس منهم، لذلك أنصحك بالذهاب من هنا لئلا يصيبك مكروه. أمّا أنا، فإنّي مستعدّة أن أتحمّل كلّ العذابات وحتّى الموت من أجل والدة الإله. وهكذا ذهب الشابّ إلى الجبل المقدس آثوس في بلاد اليونان حيث يوجد الكثير الكثير من الأديرة والرهبان ودخل أحد الأديرة المدعو إيفيرون حيث صار راهباً.
وذات يوم بينما كان الرهبان جالسين عند شاطئ البحر قرب الدير، وفيما هم يتحادثون ببعض الأمور الروحيّة، ظهر لهم بغتة عمود في البحر مثل لهيب النار يصل رأسه إلى السماء. فلمّا أبصروا ذلك اندهشوا وصرخوا يا ربّ ارحم. فتحمّس أحدهم ويدعى جبرائيل ونزل إلى الماء، ووجد أنّ العامود يظلّل أيقونة لوالدة الإله، فأخذها بفرح ومشى على الماء، وأتى بها إلى الدير. ولكن ما إن رأى الشابّ الأيقونة حتّى صرخ مندهشاً وقال: إنّها نفس الأيقونة التي رمتها أمّي في البحر، فسجد لها بإيمان، وقبّلها بشوق وهو يقول: افرحي يا عروساً لا عروس لها. وهكذا نجّت الأيقونة نفسها من ضرر المياه. فوضعوها فوق بوابة الدير ريثما يجهّزون لها مكاناً في الكنيسة. وفي اليوم التالي نقلوها إلى الكنيسة. لكنّهم رأوها في الصباح فوق البوابة مجدّداً. فنقلوها إلى الكنيسة ثانيةً. لكنّها عادت فانتقلت إلى السور فوق البوابة. وبعدما تكرّر الأمر مرّات عديدة، ظهرت والدة الإله لأحد الرهبان قائلة: لم آتِ إلى هنا لتحموني أنتم داخل الكنيسة إنّما أتيتُ لكي أحميكم أنا لذا فمكاني هو فوق البوابة. منذ ذلك الحين عُرفت الإيقونة بالسيدة حارسة البوابة وهي ما تزال حتّى اليوم في الدير تعمل معجزاتٍ كثيرة.
لقد أردنا، يا أحبّاءنا، أن ننقل إليكم هذه الأعجوبة عن الأيقونة، لأنّ هذا الأحد الأول من الصوم يُدعى “أحد الأرثوذكسيّة”، وذلك لأنّه في مثل هذا اليوم أكّدت الملكة ثاوذورة أنّه علينا أن نكرّم الأيقونات بعد أن كان زوجها الأمبراطور ثاوفيلس قد منع إكرامها ونزعها من جميع الكنائس. وفي مثل هذا اليوم اجتمع الشعب في الكنيسة يوم الأحد، وصار زياح شاركت فيه الملكة ثاوذورة، وكان الشعب يحملون الأيقونات والصلبان والأنجيل المقدّس. لذلك نحن أيضاً في مثل هذا اليوم من كلّ عام نحمل أيضاً الأيقونات أثناء القدّاس الإلهي.
يجب علينا أن نقدّم كلّ احترام وسجود لأيقونات السيّد المسيح ووالدة الإله والقدّيسين والملائكة، ونطلب شفاعتهم لنا. إنّنا بإكرامنا الأيقونة نكرّم صاحب الأيقونة المرسوم عليها، كما نكرّم صور والدينا وإخوتنا ونحترمها.
نسجد ونقبّل باحترام أيقونة السيّدة وسائر القدّيسين