أهمية القراءة الروحية
الأب تيموثاوس بافلاتوس
نقلها إلى العربية الأب أنطوان ملكي
يقول أبونا القديس يوحنا الذهبي الفم: “عندما تغرِق عقلك وقلبك في الكتب الروحية، تكون دوماً ممتلئاً لأن القراءة الروحية تعطيك الأساس في الله” (العظة الثالثة عن لعازر). يقول القديس ثيوفانس الحبيس في كلامه عن العادات الروحية “على الإنسان أن يقرأ لأن القراءة هي ممارسة نسكية” (طريق الخلاص). “إن تنمية فكر مسيحي تتمّ عندما تنطبع كل حقائق الإيمان بعمق في العقل حتّى يصير وجود الفكر برمّته مكوّناً من هذه الحقائق. عندما يبدأ العقل بالتفكّر في شيء ما، فهو يعالجه بحسب ما يعرف عن الإيمان المسيحي ولن يزيح عنه قيد أنملة من دون العودة إلى الإيمان. هذا ما يعتبره الرسول بولس حفظ صورة العقل الراجح“
اليوم يتوفر لنا الكثير من القراءات الروحية. في الخمسين سنة الماضية تُرجم الكثير من الكتب الآبائية، ومعها سيَر وأعمال وكتابات شيوخ معاصرين من اليونان وروسيا ورومانيا وصربيا وغيرها من البلدان. “لكي يكون لقراءتنا الروحية صدى في نفوسنا، علينا أن نكون مواظبين ومصلّين لأن الفهم يأتي من الروح القدس” (الأرشمندريت أميليانوس).
يقول الأرشمندريت إفرام الكاتوناكي: “لقد عرف الآباء القديسون جيداً معنى ما قالوه عن إمكانية فتح عيون النفس. لهذا السبب علينا أن نقرأ النصوص الآبائية والكتاب المقدس. أتظن أن لا وقت لديك لذلك؟ جرّب واقرأ دقائق قليلة كل يوم. إن التطهّر والاستنارة اللذين سوف تكسبهما بقراءة الكتاب المقدس سوف يمكثا معك نهاراً وليلاً“.
يشير القديس اسحق السرياني: “إقرأ عن التدبير الإلهي غالباً وتشبّع من كتب معلمي الكنيسة لأنها تقود الفكر إلى تمييز الترتيب في خلائق الله وأعماله، تعطيه القوة وببراعتها تهيئه لاكتساب البديهة المنيرة وتقوده في الطهارة نحو فهم خليقة الله. اقرأ أيضاً الأناجيل التي عيّنها الله لمعرفة العالم بأكمله، حتّى تجد المؤن لرحلتك بقوة تدبير الله لكل جيل، حتّى أن عقلك يغوص بعمقٍ في التأمّل بالله. هذه القراءة تعزّز هدفك. فلتكن قراءتك في هدوء لا يعكره شيء“. “القراءة تساعد النفس عند وقوفها للصلاة“. “من القراءة تستنير النفس في الصلاة“. “من دون الدخول في التجارب، لا يستطيع أي إنسان أن يكتسب حكمة الروح القدس؛ ومن دون المواظبة على القراءة، لن يلقى أي تهذيب لأفكاره“. “عندما تكون نفسك محاطة بظلام دامس وخالية من التعزية الروحية ونور النعمة بسبب غمامة الأهواء التي تخيّم عليها؛ وفوق هذا تتقلّص القوة المفرحة في نفسك لبعض الوقت، ويطغى على فكرك ضباب لا ترغب فيه: عندها لا يضطربنّ عقلك، ولا تمدّ يدك إلى القنوط. لكن كنْ صبوراً، بادر إلى قراءة كتب معلّمي الكنيسة، أخضع نفسك للصلاة وتوقّع أن تتلقّى المعونة“.
“لا تتفاجأ في بعض الأحيان عندما تكون راكعاً للصلاة وفكرك مركّزاً عليها، إذا ما دخل عقلك في الصمت وتوقّف عن الصلاة.سوف تجد أن هذا قد يحدث في الخدمة كما في الصلاة. عندما يكون فكرك مشتتاً احفظه في القراءة أكثر من الصلاة“. “أكرِمْ القراءة إذا أمكن أكثر من الوقوف، لأنها مصدر للصلاة النقية“. “أنا أسعى إلى السكينة لكي تصير الآيات التي أقرؤها والصلاة عذبة عندي“. “فلنكن أيها الإخوة مواظبين وقبل أن نتوجّه إلى النوم بوقت طويل فلنتأمّل في قراءاتنا من المزامير والكتاب المقدس، حافظين نفوسنا من التذكّرات الشريرة ومن كل انعكاس بغيض، ولنجهّز خزنتنا بكل أنواع الأشياء الجميلة“.