قم يا رب
ايلي عبدو
هل حقا المسيح يقوم من القبر كل سنة في يوم عيد الفصح حيث نعايد بعضا البعض أم انه يبقى معلقاً على الصليب ينزف بألم و توجع وحزن، المعيار في هذا هو الأيمان بفعل القيامة الذي يستوجب تحولاً من العتاقة إلى التجدد والتقدم في توبة عميقة تسلك بقيم الإنجيل و تحياها وهذا الارتباط التلازمي بين حدث القيامة و عيشه يضعنا أمام امتحان التخفف من فلكلورية الحدث و الولوج في معانيه وأبعاده الروحية.
فالقيامة مشروطة بعمل القلب حيث أن المسيح يظل مسمرا على الصليب في داخل الذين يمر الحدث عندهم كمناسبة اجتماعية أو عند الذين يعيشون الحدث طقوسيا دون أي تحرك داخلي. أن يقوم المسيح يعني أن نقوم نحن من سباتنا و ننظف نتانتنا.
بقاء القيامة داخل جدران الكنائس دون أن تخترق المجتمع و تسربله بالنور الفائض من السيد الناهض من القبر يشير بوضوح إلى مسؤوليتنا في توقف هذا الحدث عند مدلوله الكتابي و الطقوسي و الاحتفالي و الاجتماعي دون إن نتخطى كل ذلك نحو أفق روحي أنساني يبلسم جراح هذا العالم و يمسح دموعه ة يخفف ماّسيه. فما معنى صراخ المؤمنين بملء حناجرهم حقا قام و ملايين البشر مدفونين في فقرهم و حزنهم و بؤسهم يبحثون عن كسرة خبز أو رداء يسترون به أجسادهم.محرومين من أبسط بديهيات الحياة و مقوماتها. المؤمنين يؤكدون كلاميا فقط انفعاليا لحظيا حدث القيامة إما تأكيد ذلك على صعيد الآ خر فضعيف و باهت .
المسيحية كما نعلم بدون القيامة لا معنى. و هذا ما يجعلنا مسئولين على نشر سلوك قيامي يجيب الإنسان عن تحديات و معضلات و محن يعانيها و ينتشله من سقطاته الأخلاقية التي ينزلق بها داخل مجتمعه
فيدفن موظف ما سلوك الرشوة الذي كان يتبعه و يقوم نحو سلوك النزاهة و الأخلاق
هذه ترجمة مجتمعية للقيامة يجعل المسيح يقوم لا في أصوات المرتلين فقط و إنما في قلوب الجميع و سلوكهم .
إضافة إلى ذلك. مجتمعاتنا تعاني تخبط في المفاهيم و فوضى إعلامية تخلق تشويش في أذهان الناس و عقولهم..
مما يضعنا أمام امتحان تقديم فكر قيامي يستلهم قيم الإنجيل و فضائله. بعد أن غدونا أسرى و مفاهيم سطحية يفرغ الإنسان من روحانيته و تحوله إلى مستهلك يلهث وراء المادة لا بد من نقد هذه المفاهيم و تحليلها بفكر قيامي نقي لدفن ما يشد الإنسان نمنها إلى القبر و نشر ما يرفعه إلى القيامة
القيامة حدث يحركنا لنتحرك فلا نترك المسيح مصلوب في مجتمعنا و مفاهيمنا و ثقافتنا و علاقتنا مع بعضا البعض.
قم يا رب هكذا ننادي المسيح يوم الفصح
قم ليس بإطلاق الأعيرة النارية عند أبواب الكنائس و ارتداء الملابس الجديدة و زيارات المعايدة بل قم في أحلام المهمشين
ومن قهر الجائعين و آلام المعزيين
قم في عتمات السجون و ردهات الملاجىء
قم في أوجاع المرضى و دموع الأيتام
قم يا رب قم.