نَفَسُ أنوفنا مسيح الرّبّ!
الأرشمندريت توما بيطار
باسم الآب والابن والرّوح القدس، الإله الواحد، آمين.
“هذا هو، في الحقيقة، النّبيّ الآتي إلى العالم”. هذا ما قاله النّاس عن يسوع لمّا رأوا الآية الّتي صنعها، أي آية تكثير الخبز وإطعام الجموع. في زمن الرّبّ يسوع، كان النّاس عطشى للنّبوءة، الّتي كانت قد انقطعت من إسرائيل منذ ما يزيد عن المئتي عام. لذلك، نما في إسرائيل شعور بأنّ نبيًّا على وشك أن يأتي من عند الله. طبعًا، هذا ارتبط بخبرة النّاس، وآلامهم، وضيقهم، لا سيمّا من جهة القمع الّذي عانوه مع الرّومان. والشّعب دائمًا، في كلّ تاريخه، عندما كان يعاني الضّيق، كان يصرخ إلى ربّه، وينتظر منه العون. إذًا، يسوع جاء في زمن كانت النّفوس فيه مهيّئة لاقتبال نبوءة ما من عند الله. طبعًا، هو لم يكشف هويّته إلاّ قليلاً جدًّا. لكنّه كان يسلك دائمًا في ما يوحي بها. عندما سأل الرّبُّ يسوع التّلاميذ: “مَن يقول النّاس إنّي أنا هو؟!”، أعطوه أجوبة مختلفة، فقالوا: “بعض النّاس يقول إنّك نبيّ، وبعضهم يقول إنّك إيليّا”… فقال لهم: “وأنتم مَن تقولون إنّي انا هو؟!”؛ فأجابه بطرس: “أنت المسيح”. طبعًا، هذا التّصريح لم يكن من لحم ودم. كان صعبًا أن يخطر في بال النّاس، في ذلك الزّمان، أن يكون هذا الآتي هو مسيح الرّبّ. لذلك، قال الرّبّ يسوع لبطرس: “ليس لحم ودم هو الّذي كشف لك ما قلته، بل أبي الّذي في السّموات”.
إذًا، يسوع كان مثار تسآل: مَن هو؟! مَن يكون؟! حتّى الأنبياء، في القديم، لم يأتوا آيات ولا عجائب كالآيات والعجائب الّتي أتاها يسوع! يسوع كان حريصًا على ألّا يكشف عن نفسه بالكامل، لأنّه كان يعرف أنّه إن فعل ذلك، فإنّه يقدّم الوقت الّذي سيثور فيه الشّيطان، وبالشّيطان أبناء إسرائيل عليه. يسوع كان سيّد الوقت. لذلك، كان ينتظر. اليهود، بمَن فيهم رؤساء الكهنة، كانوا يتساءلون: مَن هو هذا الإنسان؟! إلى أن سأله رئيس الكهنة: “أستحلفك بالله الحيّ، مَن أنت؟!”، فقال، بطريقة بسيطة، إنّه هو مسيح الرّبّ. لذلك، مزّق رئيس الكهنة ثوبه، واعتبره مجدّفًا، وبدأ الكلامُ على ضرورة التّخلّص منه. إذًا، السّؤال كان مطروحًا من البداية إلى النّهاية. ويسوع، في الحقيقة، كشف نفسه مرّة، أمام المرأة السّامريّة، فقال إنّه هو المسيح المنتظَر، ومرّة أخرى أمام رئيس الكهنة. في ما عدا ذلك، كان صامتًا. وبطرس والتّلاميذ كانوا يعرفون أنّه مسيح الرّبّ، لأنّ روح الرّبّ كشف لهم ذلك. إلى جانب هذا التّسآل، الآيات الّتي أخذ يسوع يصنعها حرّكت الجموع، لا سيّما باتّجاه تحريك الثّورة ضدّ الرّومان. الشّعب، في ذلك الوقت، كان مهيّئًا للثّورات ضدّ الرّومان. وقد حصلت عدّة محاولات. لكنّ الرّومان قمعوها جميعها. هنا، أراد النّاس أن يأتوا ويختطفوا يسوع، ويجعلوه ملكًا، أي أرادوا أن يستغلّوا آيات الرّبّ يسوع ليوظّفوها في مراميهم السّياسيّة والعسكريّة. لكنّ يسوع اجتنب الأمر بالكامل، وانصرف إلى الجليل وحده. ثمّ إنّ التّلاميذ أرادوا أن ينتقلوا عبر البحر إلى كفرناحوم، فتركهم يسوع يذهبون، ويبدو أنّه انصرف هو إلى الصّلاة. التّلاميذ، عندما دخلوا السّفينة، كان البحر هادئًا. لكنّ الظّلام أتى عليهم. وطبعًا، يوحنّا، دائمًا، في الكلام الّذي يتعاطاه، يقصد أﮐثر ممّا يقول. الظّلام، هنا، لا يشير فقط إلى غياب الشّمس، بل يشير إلى واقع عبر به التّلاميذ، ولا بدّ للمؤمنين أيضًا من أن يعبروا به في حياتهم، وهو أنّ الظّلام لا بدّ من أن يحلّ في أفقهم، في حياتهم. “كان الظّلام قد أقبل”. طبعًا هذا يشير إلى غياب الرّبّ يسوع، لأنّه هو النّور. لم يكن يسوع قد جاء معهم، ولا إليهم، بل تركهم في البحر يصارعون. ولكن، ما إن انطلقوا، حتّى هبّت عاصفة شديدة. “جذّفوا نحو خمس وعشرين غلوة، أو ثلاثين غلوة”. إذًا، تركهم، أوّلاً، في سلام، ثمّ بعد ذلك هبّت العاصفة؛ فشعروا بالضّيق، وكان عليهم أن يصارعوا. أخيرًا، رأوا يسوع ماشيًا على البحر، مقتربًا من السّفينة؛ فخافوا. يسوع لا يأتي للحال، بل دائمًا يتركنا نواجه. لا بدّ من الضّيق. وبعد الضّيق، يأتي الفرج. لا بدّ من الصّليب، وبعد الصّليب، تأتي القيامة. هذا حدث، ويحدث دائمًا، في حياتنا. نواجه، أوّلاً، مشكلة، نعاني، ننتظر، نبقى على الرّجاء. بعد ذلك، يأتي يسوع في الوقت الّذي يراه هو موافقًا. قال لهم: “أنا هو، لا تخافوا”! لماذا خافوا؟! – ربّما لأنّهم ظنّوا أنّه خيال. لكنّه شدّدهم بنعمته، فأحبّوا أن يأخذوه في السّفينة، “وللوقت صارت السّفينة إلى الأرض الّتي كانوا ذاهبين إليها”.
إذًا، كلّ مشكلة، مهما كانت كأداء، مهما كانت صعبة، متى حلّ الرّبّ يسوع فينا، فإنّها تُحلّ. ليست هناك مشكلة، ولا واحدة، في حياتنا إلاّ وتُحَلّ بحضور الرّبّ يسوع. بكلام آخر، إذا كان عالمنا مُشبَعًا بالمشكلات، وإذا كان الإنسان قد بلغ في سيرته حدًّا من الظّلمة بحيث بات كلّ شيء لديه مشكلة، فإنّ الحلّ الوحيد لكلّ الهموم والصّعوبات والمشكلات الّتي يمرّ فيها كلّ إنسان هو الرّبّ يسوع. وعندما نقول ذلك، نقصد، في الحقيقة، أنّ الرّبّ يسوع يشاء أن يأتي، وهو حاضر لأن يأتي دائمًا. ولكن، علينا أن نستدعيه، بصورة خاصّة، بالصّلاة والصّوم. والصّلاة، بحسب القدّيس يوحنّا السّلّميّ، تتّخذ جناحين لها، وتطير إلى السّماء، أي تكون مقبولة عند الله بأمرين أساسيّين: بالعفّة والدّموع. العفّة، في الحقيقة، هي سعي الإنسان لأن يسلك في النّقاوة، من جهة علاقته بالله. والدّموع تعني أن يكون الإنسان مستعدًّا دائمًا لأن يتبنّى ما يعانيه، أو ما يعانيه الآخرون. نحن لا نصلّي من أجل أنفسنا فقط، بل أيضًا من أجل الآخرين. لهذا السّبب، الحاجة هي إلى تبنّي الآخرين حتّى الدّموع. عادة، عندما نصلّي من أجل الآخرين، نصلّي من أجلهم بصورة سطحيّة. هذا على الرّغم من أنّ أﮐثر النّاس يسألون الصّلاة بعضهم من بعضهم الآخر. ولكن، ما لم يتبنَّ الواحد منّا الآخرين، تبنّيًا كاملاً حتّى الدّمع، فإنّ الصّلاة لا تفعل فعلها، ولا تستقرّ في حضن الله، ولا يستجيب الرّبّ الإله لها. طبعًا، صلاتنا، دائمًا، مرتبطة بإيمان الآخرين. لكنّها مرتبطة أيضًا بمحبّتنا لهم. بإيمان الآخرين، وبمحبّتنا لهم، تكون الصّلاة فاعلة. ومتى فعلت، فكلّ شيء يصير مستطاعًا، لأنّ كلّ شيء مُستطاع عند الله. لا يحسبنّ أحد منّا أنّ هناك حتميّات عند الله! ليس هناك ما يُسمّى “المقدَّر” عند الله. كلّ شيء، بالصّلاة، قابل لأن يتغيّر: “اطلبوا تجدوا، اقرعوا يُفتَح لكم”. ولكن، علينا أن نصلّي بالرّوح الّتي وصفت. مثلاً، إذا كان هناك إنسان مريض، فغير صحيح القول إنّ هذا الإنسان لا بدّ له من أن يموت. في الحقيقة، كلّ إنسان ذائق الموت، في وقت من الأوقات. ولكن، الرّبّ الإله، قبل أن يأخذنا إليه بالموت، يشاؤنا أن نمتلئ إيمانًا به. لذلك، تدبيره، من جهة الموت، مرتبط بنموّ الإنسان في الإيمان، وفي الاتّكال على الله، وفي تسليم نفسه له. المبتغى، في نهاية المطاف، أن يكون الإنسان في موقع مماثل لموقع الرّبّ يسوع على الصّليب. يسوع على الصّليب تفوّه بكلام ينبغي دائمًا الوقوف عنده: “قد تمّ. ثمّ أحنى رأسه وأسلم الرّوح”. في حياة كلّ واحد منّا، الرّبّ الإله يشاء أن يتمّ فعل الخلاص. ليس الموت، إذًا، حتميّـة، بل هو مرحلة في سعي الإنسان للخلاص. عندما يبلغ الإنسان تمام هذا السّعي، يكون قد تمّ خلاصه. إذ ذاك، يأخذه الرّبّ الإله إليه. هذا، طبعًا، بصورة عامّة. لهذا السّبب، إذا كان إنسان ساقطًا في اليأس، فإنّ الرّبّ الإله لا يشاء أن يأخذه إليه على هذه الحال. وهو يعمل، بطريقة أو بأخرى، لإنقاذه، لإخراجه من الحال الّتي هو فيها. ولا مانع أبدًا من أن يشفي الرّبّ الإله الإنسانَ مرّة، أو مرّتين، أو ثلاث مرّات، ليعطيه العلامة أنّه يحبّه، ولكي يثبّته في الإيمان، ولكي يعطيه أن يكون شريكًا في الخلاص. لهذا السّبب، أعود وأقول إنّ الحياة المسيحيّة ليست فيها حتميّات. كلّ شيء من إيمان، من طلبة، من صلاة، من صوم، إذا كانت الصّلاة، كما قلت، مجنّحة بالعفّة والدّموع، فإنّ كلّ شيء قابل لأن يتغيّر. لنجعل في أذهاننا أنّ الرّبّ الإله يشاؤنا أن نمتلئ، أوّلاً، إيمانًا به. ثمّ بعد ذلك، يأخذنا إليه. إذًا، الموت لا يدخل في إطار الأوقات المحدَّدَة سلفًا، في حياة الإنسان. الله، بسابق معرفته، يعرف كلّ شيء. ولكن، هذا لا يعني أبدًا أنّه هو يحدّد متى ينبغي على الإنسان أن ينطلق إليه. الله يشاء دائمًا أن يستغلّ كلّ فرصة حتّى يخلّص الإنسان، لأنّه (أي الإنسان) عزيز جدًّا عليه. محبّة الله للإنسان فائقة التّصوّر، وإلاّ ما كان الرّبّ الإله صار إنسانًا. هو لا فقط يحبّه، بل قد اتّحد به. لهذا، علينا أن نثق دائمًا أنّ الرّبّ الإله يعمل دائمًا، في كلّ حال، ما هو لخيرنا، ما هو لخلاصنا. فقط الإنسان الّذي يعاند في رفض كلمة الله، يعاند في الخطيئة، هذا يتألّم بشكل فوق المعتاد، وفوق ما يمكن الإنسان أن يحتمله. وهذا ليس من الله، بل من عناد الإنسان. أمّا إذا تعلّم الإنسان، في يوميّاته، في كلّ ما يحدث له، أن يُسلم نفسه لله، وأن يستدعي الرّبّ الإله إلى أموره وحياته وكلّ تفصيل من تفاصيل حياته، فإنّه يكون في سلام. الإنسان الّذي يعيش في سلام يموت في سلام. نحن دائمًا نبحث عن حضور الرّبّ الإله في حياتنا. هذا هو المبتغى، في الحقيقة. لذلك، قيل في آخر إنجيل اليوم: “اعملوا لا للطّعام الفاني، بل للطّعام الباقي لحياة أبديّة الّذي يعطيكموه ابن البشر”. الله يريد أن يعطينا الطّعام الباقي لحياة أبديّة، أي يريد أن يعطينا نفسه، يريد أن يعطينا حياته خبزًا لحياة أبديّـة. لهذا، علينا أن نتروّض، كلّ يوم، على أن نطلب مشيئة الله، على أن نستدعي الرّبّ الإله في كلّ حال. مهما كانت ظروفنا صعبة وقاسية، مهما كانت تجاربنا شديدة، المهمّ دائمًا أن نستدعي الرّبّ الإله إلينا.
الرّبّ يسوع، إذًا، دخل السّفينة، “وللحال صارت السّفينة إلى الأرض الّتي كانوا ذاهبين إليها”! هذا معناه أنّ ما كان سعي التّلاميذ له تحقّق في لحظة، عندما صعد الرّبّ يسوع المسيح إلى السّفينة. هكذا، علينا أن نجعل نصب أعيننا أنّ الحلّ الأوحد لكلّ ما يعاني منه الإنسان، هو يسوع. ليس هناك حلّ آخر على الإطلاق. الشّيطان دائمًا يحاول أن يستبدل هذا الحلّ، عند المؤمنين، بحلول أخرى، بحلول عقليّة، فكريّة، ظروف، قوّة، عنف، قتل… ولكن، هذه ليست حلولاً. على العكس، هذه كلّها تقود ، في نهاية المطاف، إلى الهلاك واليأس، لأنّنا من دون الرّبّ يسوع، بكلّ بساطة، نحن يائسون.
الجمع الّذي كان مع يسوع، عندما أطعم يسوع الجموع، لاحقه. هؤلاء الّذين أرادوا أن يختطفوه ليجعلوه ملكًا تعجّبوا لأنّهم لاحظوا آية أخرى. عرفوا أنّ التّلاميذ انطلقوا بالسّفينة وحدهم، وأنّ يسوع بقي على الشّاطئ. لهذا السّبب، دخلوا السّفن، وأتوا إلى كفرناحوم يطلبون يسوع، “فلمّا وجدوه قالوا: يا معلّم، متى صرت إلى ههنا؟!” لم يجبهم الرّبّ يسوع، بل قال: “إنّكم تطلبونني لا لأنّكم رأيتم آيات، بل لأنّكم أﮐلتم من الخبز وشبعتم”. هم، في الحقيقة، لا يطلبون الآيات ليؤمنوا، بل لأنّهم يريدون أن يُشبعوا مراميهم ومقاصدهم، ويريدون أن يحقّقوا رغباتهم على كلّ صعيد. لذلك، قال لهم: “اعملوا لا للطّعام الفاني، بل للطّعام الباقي لحياة أبديّـة”. نحن لسنا في حاجة أبدًا إلى أن ننشغل بالكلّيّـة بالطّعام الفاني، بأمور هذا الدّهر. طبعًا، هناك حدّان نتحرّك بينهما. الحدّ الأوّل هو أنّ الإنسان عليه أن يعمل: “بعرق جبينك تأﮐـل خبزك”. يأﮐـل الإنسان من تعبه. وبهذا المعنى، كان لا بدّ لله، قبل الرّبّ يسوع بخاصّة، من أن يعمل، لكي يأﮐـل، ليوافق الوصيّـة الّتي قيلت قديمًا. ولكن، المبتغى هو أﮐـثر من ذلك بكثير، المبتغى هو يسوع. لذلك، الحدّ الأقصى هو أن ننصرف عن كلّ اهتمام بالطّعام الفاني، لنركّز على الطّعام الباقي لحياة أبديّـة. إذا بلغنا، في سعينا كمؤمنين، حدًّا بتنا معه نطلب ما لله، ما هو ليسوع، وفقط ما هو ليسوع، فإنّ أمور هذا الدّهر تصبح ميسورة بالنّسبة إلينا بسهولة كاملة. الله يُطعم العصافير، ويطعمنا كالعصافير. لا مشكلة إطلاقًا. النّاس، في العالم، يظنّون أنّ هناك مشكلة مجاعة، أنّ هناك مشكلات ينبغي مواجهتها… الحقيقة أنّ الإنسان، لمواجهة كلّ هذه المشكلات، يحتاج إلى واحد، يحتاج إلى الرّبّ يسوع. بعد ذلك، كلّ شيء يوجد مرتّـبًا من ذاته، لأنّ البركة حيثما حلّت، لا تعود هناك مشكلة. المشكلات تبقى موجودة طالما يسوع مُغيَّب. الشّيطان يسعى دائمًا لأن يغيّب الرّبّ يسوع عن حياة النّاس. لذلك، يجعلهم يقيمون بصورة دائمة في مشكلات لا حدّ لها ولا نهاية. أمّا المؤمنون الّذين يتمسّكون بإيمانهم بالرّبّ يسوع، فهؤلاء، بكلّ بساطة، يُسلمون أمورهم لله، والرّبّ يعطيهم طعامهم في حينه! لا مشكلة على الإطلاق، “لأنّ هذا الله الآب قد ختمه”. ما معنى ذلك؟! ما معنى “ختمه”؟! أوّلاً، الملك هو الّذي يختم. وخَتْمُ الملك معناه أنّ هذه هي مشيئة الله الآب للبشريّـة: أن نعمل لأجل الطّعام الباقي لحياة أبديّـة، ولا نخشى على أنفسنا أن ينقصنا الطّعام الفاني الّذي هو من هذا الدّهر. هذا كلّه يدبّره الرّبّ الإله، يرتّبه بطريقة هو يعرفها، “لأنّ هذا الله الآب قد ختمه”. المهمّ أن نردّد دائمًا القول: “لتكن مشيئتك كما في السّماء كذلك على الأرض”. وكما قال الرّبّ يسوع إن طعامه أن يعمل مشيئة الآب الّذي أرسله، ينبغي أن يكون طعامنا أن نعمل نحن أيضًا مشيئة يسوع الّذي أرسلنا ويرسلنا لنحدّث باسمه، لنذيع بملكوت السّموات، لنكرز بالحياة الأبديّـة. المهمّ ما هو آتٍ. أمّا ما هو هنا، فهذا عابر، ولا خوف علينا إطلاقًا من أن تنقص حاجاتنا هنا. كلّ شيء الرّبّ الإله ييسّره، يجعله متوفّرًا لنا. المهمّ أن نطلب ملكوت السّموات، وكلّ ما عدا ذلك يُزاد لنا.آمين.
عظة حول يو6: 14- 27، في السّبت 17 نيسان 2010