في السحر والشعوذة
الخورية سميرة عوض ملكي
قد يستغرب البعض الكتابة عن السحر والشعوذة في نشرة للمؤمنين. وقد يتساءل البعض الآخر عن قيمة هذا الحديث في زمن العلم. هذا الاستغراب وهذا التساؤل كلاهما مبرر، لذا سوف نحاول في ما يلي أن نبيّن عدم غرابة الموضوع.
السحر في اللغة هو ما يُستعان به للتقرّب من الشيطان. كانت حرفة السحر قد بدأت تضعف تدريجياً مع صعود العلم، إلا إن الميل للسيطرة والرغبة في إخضاع المجهول لا يزالان متأصّلين في قلب الإنسان. فالسحر، كما يقول علماء الأنثروبولوجيا، هو أولى محاولات الإنسان للدخول إلى قوانين الطبيعة، فيقدّم السحر كمجموعة وسائل وتقنيات، مرتبطة بقوى فوق الطبيعة. وعلى خلاف الدين الذي لا يُطلَب منه نتائج فورية، يتوقّع الناس من المشعوذ أو الساحر تحقيق نتائج فورية وإلا انعدمت الثقة به. فالساحر مطالَب بأن يستدعي أرواح الموتى ويشفي المرضى ويعثر على الغائب أو الضائع ويكشف المخفي…
ما يزال الكثيرون يتدافعون إلى هذه الوظيفة، منهم المتعلّمون وحتّى أبناء الكنيسة، وهنا الهدف من إثارة الموضوع. مرضت إحدى بنات أحد البيوت الكنسية وعجز الأطباء عن تحديد المرض والتخلَص منه، فمضت أمها في لهفتها، بحسب وصية بعض السيدات الأخريات، إلى أحد “الشيوخ” القادرين على شفائها وفكّ “الكتيبة” وما على ذلك من الشعوذة. وهكذا جلبت الأمّ التعيسة الويل على ابنتها وعلى نفسها، فصارت الصبية تصدر أصواتاً وتزبد وتجدّف، إلى أن خلّصها الرب بقوة صليبه وقدرة اسمه وصلوات الاستقسامات والصوم والماء والزيت المقدسين، والمناولة بالتأكيد. قد يُفاجأ البعض من هذا الوصف إذ يظنّ أن هذا الوصف هو للسينما فقط، فيما آخرون يعتقدون بأن المعمَّد لا يمسه الشيطان ولا يسكنه ولا يعذبه. هذا صحيح، إلا إذا قام هذا المعمّد باستدعاء الروح الشرير عن طريق التعامل معه ومع أزلامه من المنجمين والمشعوذين.
ليس بين أهداف هذه العجالة مناقشة ما إذا كان الشيطان موجوداً أو لا، فالإنجيل واضح لجهة إثبات وجوده مهما اجتهد العلماء والأطباء في تفسير حالة المَسّ بأنه صَرَع أو مرض نفسي أو غيره. كما أن في تاريخ الكنيسة حوادث عديدة مدوّنة ومعروفة عن محاربة الكنيسة وآبائها للسحرة والمنجمين والعرّافين والحواة والمؤمنين بالعين الشريرة وغيرها.
المهم هو لفت نظر المؤمنين إلى أن الشيطان متربّص ينتظر دعوة ليزعج المؤمن، وقد تكون هذه الدعوة عن طريق الاستسلام لهؤلاء الأشخاص المذكورين أعلاه، القراءات والفضول، الأفلام والموسيقى الشيطانية، الحلى والمجوهرات والأصنام التي تحمل أشكال شياطين وأوثان، والتعاويذ كنضوة الحصان وعظام الوطواط والنجمة المخمّسة، واللغة البذيئة والتجديف. أما الأسلحة ضد الشيطان فهي أولاً، بحسب وصية السيد، الصلاة والصوم من ثمّ المناولة والاستقسامات وشرب الماء المقدس والدهن بالزيت المقدس. ويبقى أن الحصن ضد الشيطان هو في الابتعاد عن الخطيئة قولاً وفعلاً وفكراً مع الالتزام بدون تقطع بالصلوات في الكنيسة.