الشيطان
الخورية سميرة عوض ملكي
عن نشرة الكرمة
يرفض الكثيرون من الناس وجود كائن اسمه إبايس أو الشيطان، وحجتهم في ذلك أنه لا يمكن إثبات ذلك علمياً. لكننا مؤمن بذلك على ضوء الكتاب المقدس الذي يوضح لنا طبيعة الشيطان وصفاته وحالته وعمله ومقاصده.
طبيعة الشيطان روحية إذ إنه بالأصل أحد القوات الملائكية وقد خصّه الله بحراسة نظام ما حول الأرض والأرض نفسها. وهو لم يكن شريراً بطبيعته بل صالحاً ومخلوقاً على الصلاح إذ إن الله لم يخلق إلاّ ما هو حسن: “ورأى الله جميع ما صنع فإذا هو حسن جداً” (تكوين31:1). إذاً، شأن غيره من المخلوقات، لم يضع الخالق في تكوين الشيطان أي أثر للشر، لكنه لم يحفظ نفسه في الانارة والكرامة التي خصّه الله بها، فحاد بمطلق حريته عن طبيعته إلى خارجها وانتصب مريداً أن يقاوم الله وبهذا صار أول منتقل من الخير إلى الشر الذي هو فقدان الخير. وقد تبعه عدد كبير من الملائكة الذين كانوا في إمرته فحادوا عن الخير بمطلق إرادتهم.
إذاً الشيطان هو ملاك سقط بالكبرياء لكن بقيت له امتيازات الملائكة كاإدراك والذاكرة والتمييز والعواطف والشهوات والإختيار (أفسس12:6). لكنه خبيث وقائد العصاة على الله ويعمل ضد البِّر ةالقداسة ومملوء بالكبرياء والمكر والقساوة. حالته تنطبق على صفاته، فلكونه عدواً لله، هو مطرود من وجهه ومحبوس مع رفاقه في موضع العذاب حيث يُعاقب على عواطفه النجسة وما ينتج عنها من الأعمال الخبيثة (2بطرس4:2، يهوذا 6).
لكن طرده إلى عالم الظلمة لم يمنع اشتغاله في الأرض كإله هذا العالم. فهو عدو الإنسان اللدود (1بطرس8:5 و2كورنثوس1:2) وفكره مشغول دائماً بالمقاصد والأعمال التي تهدف إلى قلب مقاصد الله وأعماله. وهو في هذا جسور ومغامر. أما عمله بين الناس فهو الغدر والمخاصمة والظلم والقساوة. وهو، بشخصه أو بواسطة ملائكته، يجرّ الناس إلى الخطيئة أو يمنعهم عن القداسة، ويشتكي عليهم بالخطيئة والضعف وعدم الثبات نحو بعضهم ونحو الله. ويعرّضهم للشقاوة الحالية والمستقبلية (أيوب 2،1، متى 1:4-11، أفسس11:6، 1تسالونيكس 5:3 ورؤيا 10:12). من أعظم محاربي الشيطان هو القديس أنطونيوس الذي يقول استناداً غلى خبرته: “ينبغي أولاً أن تعرف أن الشياطين لم يُخلَقوا هكذا لأن الله لم يخلق أي شر. فلقد خلقوا صالحين لكنهم سقطوا مبتعدين عن الحكمة الإلهية. ثم خدعوا عبدة الأوثان بالخيالات التي يخلقونها والآن يحاولون خداعنا بحسدهم حتى يعيقونا عن الوصول إلى السماوات. فهم لا يتوقفون عن الهجوم بل يقتربون من جديد بغش وخبث. فالشياطين شريرة جداً وقادرة على أن تأخذ الشكل الذي تريده. فكثيراً ما تتظاهر بأنها مستشهدة بالكتاب المقدس وتارةً تنهضنا للصلاة كي لا ننام وطوراً تتخذ شكل الرهبان متظاهرة أنها تتكلم بتقوى وذلك كي تخدعنا”.
إن الشيطان، في إخضاعه آدم وحواء في جنة عدن، أخضع كل جنسنا تحت سلطته الظالمة لأنه خدع الجميع (أفسس1:2-3، رؤيا9:12). وقد جرّب الجميع بالخطيئة، حتى المسيح في البرية ولكنّ المسيح قهره وانتصر عليه (متى11:4). وهنا تجدر الإشارة إلى أن الشياطين لا تستطيع إكراه الإنسان. فالشرور والتأثيرات الدنسة تصل إلى فكرنا من قِبَل الشيطان. فهم يجربوننا لكنهم لا يقوون على إكراهنا لأن فينا قوة إسم يسوع حتى نرفض التجربة. لهذا نحن نطرد الشياطين بإسم يسوع (متى 22:7، مرقس 38:9-39) والمسيح عندما أرسل تلاميذه إلى الكرازة أعطاهم السلطان على الأرواح الشريرة (مرقس7:6). ولهذا فنهاية الشيطان هي مقبوضاً عليه ومقيداً مطروحاً في الهاوية معذباً إلى الأبد (رؤيا1:20). وكما يعلمنا القديس يوحنا الدمشقي أنه ليس هناك توبة للشيطان لأن سقطة الملاك هي كالموت للإنسان لا يوجد توبة بعده.
إذاً على المؤمن أن يفهم أنه أقوى من الشيطان بقوة يسوع المسيح ولهذا عليه أن يقاومه ولا يخضع له (أفسس27:4 ويعقوب7:4). فالشيطان يحاول دائماً أن يسرق كلمة الله (لوقا12:8) وأن يزرع مكانها الزؤان (متى38:13) وكل قصده هو التسلط على الناس (أعمال38:10).