الأمومة
الخورية سميرة عوض ملكي
عن نشرة الكرمة
ارتبطت الأمومة في العهد القديم بالإنجاب ونعرف عدداً من الأمهات اللواتي ساهمن في مسيرة الخلاص. لكن مفهوم الأمومة كمفهوم الزواج بقيا غير مكتملين كمثل عدم اكتمال العهد القديم. سارة احتالت حتى يكون لها ولد، راحيل قالت ليعقوب أنها تموت أو يعطيها ولد وكان جوابه أن الله مَن يعطي. الزواج ارتبط أيضاً بالإنجاب من أجل استمرار النسل فاعتُبر العقر عاراً، من هنا أن الأمومة كانت تمحو العار. أيضاً في العهد القديم آيات كثيرة، خاصةً في كتاب الأمثال، هي بمثابة وصايا تدعو إلى احترام الأم كمثل احترام الأب، وإلى إكرامها والاهتمام بها.
في العهد الجديد تغيّر الوضع بتغيّر النظرة إلى الزواج الذي لم يعد الإنجاب هدفه الأوحد. صورة الزواج هي علاقة المسيح بالكنيسة وهذا ما تقوله الرسالة التي نقرأها في العرس. أما الإنجاب فلم تعد حدوده الجسد، المسيح كلّم عن الولادة من فوق. العقر لم يعد عاراً، وحتى البتولية صارت طريقاً واسعاً للخلاص. الكلام صار عن الملكوت ولم يعد العالم الحالي يحد حياة الإنسان، وفي الملكوت لا يتزوجون ولا يزوجون. كتابات الرسول يوحنا مملوءة بالكلام عن الولادة من فوق. الأمومة صار منشؤها هذه العلاقة التي توصل إلى الله، وهدفها هو هذا الوصول. وقد أكد السيد هذا الكلام عندما قال لوالدته “يا امرأة هذا ابنك” مشيراً إلى الرسول يوحنا، وقال ليوحنا “هي ذي أمك”. في هذا الكلام نقل إلى كل البشرية أمومة والدة الإله التي صارت أم البشرية روحياً.
هذا لا يعني أن أمومة الجسد تفقد اعتبارها. نعرف في سير القديسين أمثالاً كثيرة عن أمهات حملن أبناءهن إلى القداسة وكرمتهن الكنيسة لاحقاً. ماذا نقول عن أثناسيا وصوفيا ويوليطة (جولييت) وهيلانة وثيودورا الملكة وغيرهن؟ ماذا نقول عن أمهات اليونان اللواتي لولاهن لم حُفظ الإيمان أيام الحكم التركي؟ لقد كنّ يحملن أبناءهن بالسر إلى الأديار وكان يعلمنهن الصلاة ليلاً من دون أن يجرأن على إضاءة الشموع خوفاً من الأتراك. وماذا نقول عن أمهات روسيا اللواتي لولاهن لما عاشت الكنيسة أيام الحكم الشيوعي؟ لقد كن يدفعن أبناءهن إلى الأديار التي حفظت تراث الكنيسة وتقليدها.
بعض الآباء علّم عن الأمومة. وتعليم الآباء يقول أن الأمومة صليب. والصليب لا يُحتمَل إلاّ بالصلاة. والصليب يؤدي إلى الشهادة. أمهات اليوم شهيدات إن هن صبون إلى حمل المسيح لأولادهن. اليوم نسأل عن الأم حتى نعرف إن كان البيت مؤمناً أم لا.
مع أن عيد الأم ليس عيداً كنسياً إنما لا بد من التوقف لديه لرفع الصلاة من أجل كل الأمهات حتى تتقدسن فتقدسن بيوتهن وتصبح البيوت كنائس.