الشيخ إميليانوس سيمونوبترا
نقلتها إلى العربية الخورية جولي عطية عيسى
حين يقرّر أحدهم أن يدرس الكتاب المقدّس بطريقةٍ غير فعّالة وعقليّة، يخلق الكراهية والخلافات. لماذا؟ لأنّ المقاربة العقليّة للكتاب المقدّس لا تساعدنا على أن نلتفت إلى خطايانا ونفكّر فيها، بل تجعلنا نركّز على مشاكل ومفاهيم مرتبطةٍ بدراسة الكتاب، فتتحرّك قدراتنا المنطقيّة والعقليّة من دون أيّ هدفٍ حقيقيّ. “المعرفة” بحدّ ذاتها لا تضيف شيئًا، بل على العكس، تشجّع الفرد على التثقّف وتنمية رؤيته الخاصّة للأمور؛ تنمّي اكتفاءه الذاتيّ بآرائه الشخصيّة، فيسعى إلى تبريرها وفرضها على الآخرين. هذا النوع من المقاربة للكتاب يضعك فجأةً في صراعٍ مع الآخرين؛ فهو يجعل مشيئتك وآراءك تتعارض مع مشيئتهم وآرائهم، ما يدفعك إلى الاختلاف معهم ومجادلتهم ومعاداة إخوتكَ. عندما تملؤني آرائي الخاصّة حول الأشياء، أصبحُ غير قادرٍ على اقتبال أيّ شيءٍ من الله.
إنّ الطريقة الصحيحة هي أن نقرأ الكتاب المقدّس ببساطة، وأن نسمح لله بأن يقول لنا ما يريد أن يقول لنا. أن تقرأ الكتاب المقدّس بهدف جمع المعلومات شيءٌ، وأن تقرأه لأنّك تريد أن تقتني محتواه الحقيقيّ، أي الروح القدس، شيءٌ آخر. هذا النوع من المعرفة هو حياة الله (يو 17: 3)، هو دخول الله إلى حياتنا وبسط يديه عليها؛ هو نزول الله وسكناه بيننا. يمكننا أن نميّز إذا ما كانت دراستنا للكتاب المقدّس أصيلةً أم لا، استنادًا إلى كميّة الدموع التي نذرفها خلال دراستنا. بالطبع، بإمكاني أن أقرأ الكتاب المقدّس من دون ذرفٍ للدموع ومن دون إحساسٍ قويّ بخطايايَ، ولكن مع رجاءٍ بأنّ نعمة الله ستخترق قلبي القاسي عبر قراءتي للكتاب المقدّس. إذًا، اقرأ الكتاب لكن لا تنسَ خطاياك، ولا تحوّل الكتاب إلى موضوعٍ للبحث العقليّ، لأنّه سيتوقّف حينها عن أن يكون كلام الله، وستبدأ باعتباره أمرًا بشريًّا. يجب أن يكون معيار دراستك كالتالي: ينبغي أن تجلب قراءتك للكتاب المقدّس السلام إلى قلبك، والشركة مع الله، ومحبّة الأقرباء، والوعي لخطيئتك، أي أن تدرك كم أنّك غير مستحقّ وغير مستعدّ للوقوف أمام الله.
* من كتاب “حول الأنبا أشعيا”