الاختزال في المعمودية
الأب أنطوان ملكي
قبل الشروع في الحديث عن الاختزال في خدمة المعمودية، لا بدّ من التوقّف عند الضغوط التي يخضع لها الكاهن أو لبعضها، عند كل معمودية.
1) تحوّل المعمودية إلى حدث اجتماعي بامتياز. قد تؤجّل المعمودية سنوات إلى أن تتوفّر مقوّمات الحفلة التي تتبع المعمودية، وقد يُصار إلى تعميد الإخوة معاً بهدف التوفير.
2) اختيار العرّابين أمر يخضع للاعتبارات العائلية والعلاقات الاجتماعية بالدرجة الأولى. بشكل خاص، يأتي الضغط على الكاهن في حال كانت الوالدة من عائلة غير أرثوذكسية. هذه ليست الحالة الوحيدة، فهناك أن هذا أو ذاك “طلب الميرون“، وغيرها أن هذا العراب أغنى من ذاك، وكل هذه الحالات من دون القبول بالحد الأدنى من القانون الكنسي.
3) الضغط الأكبر يأتي من أن هناك أديار أو كهنة آخرون مستعدّون لتعميد أبناء الرعايا التي يحاول كهنتها الحفاظ على الحد الأدنى من الترتيب. أغلب الكهنة يتراجعون عن هذا الحد الأدنى خوفاً من أن يبدوا في هيئة المتخلّي عن أبنائه. كثيرون من الكهنة يخشون سهولة تخلّي أبنائهم عن أمّهم الكنيسة وعن أبيهم الكاهن إن لم يسيروا بحسب رغباتهم.
4) طقوس المعمودية المستحدَثة، من تلبيس الذهب وفرش الثياب وتحكّم المصوّر بسير العملية. فالكاميرا تنزل إلى جرن المعمودية قبل الطفل فيما تلاقيه كاميرا أخرى في المنشفة. العرّابان إجمالاً مشغولان بتنفيذ أوامر المصوّر للتوصّل إلى الوضع الأفضل للصورة. وقد يصل الأمر بالمصوّر إلى الطلب من الكاهن التوقّف أو إعادة بعض “اللقطات” التي لم يتسنَّ له تصويرها كما يليق.
5) توقيت المعمودية يتحدد على ضوء ما يناسب المدعوّين أو توفّر المطعم، ويُعلَم الكاهن بالنتيجة، وعليه أن يدبّر الأمور بحيث تسير العملية كما خطط الأهل. الكنيسة جزء من الاحتفال، بل الجزء الأخير.
هذه بعض الحالات العامّة، وقد يكون هناك حالات خاصّة هنا وثمّة. البعض يصرّ على التعميد في البيت، أو في حديقة المنزل، أو على البحر. كل هذه هي مصادر ضغط على الكاهن تحوّل فرح دخول شخص إلى الكنيسة إلى وجعة رأس يرجو الكاهن أن تنتهي بأسرع ما يمكن.
هذا الاستعجال يؤدّي إلى اختزال أجزاء من المعمودية. يُحكى عن كاهن لا يقرأ الاستقسامات لأن الزمان تخطّاها. أغلب الكهنة لا يقرؤونها كاملة. استغرب أحد آباء الجبل المقدس أن الناس يستغربون انتشار الأمراض النفسية فيما المعمودية تجري من دون الاستقسامات. فهل هذه وضعها الآباء لأنهم كانوا يؤمنون بالخرافات؟ هل الصراع مع رؤساء هذا العالم انتهى؟
من ثمّ لا يبارك هذا الكاهن الماء بل يسكب في الجرن ماءً مقدّساً من عيد الظهور. ولا يبارك الزيت بل يسكب زيتاً تمّت مباركته في الأربعاء العظيم. ولا يقصّ الشعر لأن هذه كانت عادة تخطاها الزمن. ولا يناول بل يطلب جلب الولد إلى أول قداس بعد المعمودية. ماذا بقي من الخدمة عند هذا الأب المبارَك؟
إن درس شرح خدمة المعمودية يظهِر دور كل عبارة تُقال. قد يكون ضرورياً أن يبادر الكاهن إلى قراءة هذا الشرح في كل مرة يبادر فيها إلى تعميد أحد الأولاد. وعلى غرار ما تقوم به أغلب الأبرشيات من التهيئة للزواج، فقد يكون أكثر ضرورة أن تقيم دورات تهيئة للمعمودية تشمل الأهل والعرّابين. إن هذه التهيئة قد تلغي تلك، لكنها أكثر صعوبة ودونها مشاكل أكثر. وبما أن المجمع بادر إلى التغيير في القوانين فقد يكون من النافع أن يصدر قانون يحدد أن العرّابين هما الأم والأب دون سواهما، وهذا الأمر يمكن تبريره ولا يخالف التقليد بشيء.