روح العالم وروح الله
القديس نيقولاي فيليميروفيتش
نقلتها إلى العربية منيرة فرح
“نحن لم نأخذ روح العالم بل الروح الذي من الله” (كورنثوس الأولى 12:2).
أيها الأخوة إن روح هذا العالم هي روح الغرور والقوة، والروح التي من الله هي روح الوداعة واللطف. وقد أكد الرسول على أن أتباع المسيح لم يتلّقوا روح هذا العالم وإنما “الروح الذي من الله” الذي انبثق من الله الآب كرائحة حلوة العبير مثل رائحة الزهور ومثل عطر رائع انسكب على روح الانسان جاعلاً منها جبارة، مشرقة، شاكرة وممتعة.
إن البشر بحسب الطبيعة ودعاء ولطيفون. كتب ترتيليان يقول: “روح الإنسان بالطبيعة هي مسيحية“. ولكن بسبب روح هذا العالم هي سريعة الانفعال وغضوبة. فإن روح هذا العالم تحوّل الحملان إلى ذئاب بينما روح الله تحوّل الذئاب إلى حملان.
يضيف الرسول أيضاً أننا نتلقى روح الله “لنعرف الاشياء الموهوبة لنا مجاناً من الله” (كورنثوس الأولى 12:2). أي لكي نعرف ما هو من الله فينا وما ليس من الله، ولنتذوق حلاوة وجمال ما هو آتٍ من الله ومرارة ما ليس من الله وإنما من روح هذا العالم. لذا طالما أن الإنسان خارج طبيعته ودون طبيعته فهو يعتبر المرارة كالحلاوة، والحلاوة كالمرارة، ولكن بروح الله يعود إلى طبيعته الحقيقية ومن ثم يعتبر الحلاوة حلاوة، والمرارة مرارة.
من يستطيع إعادة الإنسان إلى الله؟
من يستطيع شفاءه من المرارة المسمِّمة الخاطئة؟
من يستطيع أن يعلّمه بواسطة التجربة أن يفرق الحلاوة الحقيقية عن المرارة؟
لا أحد سوى الروح الذي من الله.
لذلك أيها الأخوة دعونا نصلي إلى الله ليمنحنا روحه القدوس كما منح الروح القدس لتلاميذه وقديسيه. وعندما يحل هذا الروح القدس فينا يصل ملكوت الله حيث كل الحلاوة بحد ذاتها، والخير فقط، والنور فقط والوداعة فقط واللطف فقط.
أيها الروح القدس، روح الوداعة واللطف، هلّمَ واسكن فينا.