غالباً وفي العديد من الاجتماعات مع الناس حتّى ضمن الأجسام المجمعية الكنسية، يتمّ التعبير عن ضرورة الموافقة على أمر ما من أجل الوحدة، حتّى ولو كان لنا رأي مختلف حياله. وعلى هذا المنوال يصير أن هذه الأجسام المجمعية التي يشترك فيها هؤلاء الأشخاص يقررون بطريقة أخرى بعض الأمور مبررين ذلك بأنه من أجل الوحدة أو للوحدة.
هناك بعض الأفراد، السياسيين، الإكليريكيين، الذين يدّعون أنهم يكدحون من أجل وحدة الجسم الذين ينتمون إليه، وكأنّ الآخرين غير معنيين بها. تجدر الإشارة منذ البداية إلى أن الوحدة في المناولة والكنيسة هي بالمطلق الهدف الذي يغالباً وفي العديد من الاجتماعات مع الناس حتّى ضمن الأجسام المجمعية الكنسية، يتمّ التعبير عن ضرورة الموافقة على أمر ما من أجل الوحدة، حتّى ولو كان لنا رأي مختلف حياله. وعلى هذا المنوال يصير أن هذه الأجسام المجمعية التي يشترك فيها هؤلاء الأشخاص يقررون بطريقة أخرى بعض الأمور مبررين ذلك بأنه من أجل الوحدة أو للوحدة.
هناك بعض الأفراد، السياسيين، الإكليريكيين، الذين يدّعون أنهم يكدحون من أجل وحدة الجسم الذين ينتمون إليه، وكأنّ الآخرين غير معنيين بها. تجدر الإشارة منذ البداية إلى أن الوحدة في المناولة والكنيسة هي بالمطلق الهدف الذي ينبغي أن نعمل من أجله.
في الكنيسة، بشكل خاص، هذا هو هدفنا جميعاً، لأن هذا ما تمّ إنجازه في يوم العنصرة بحسب قنداق العيد: “عندما انحدر العليّ مبلبلاً الألسنة كان للأمم مقسِّماً، ولمّا وزّع الألسنة الناريّة دعا الكلّ إلى اتّحاد واحد“. هذا وظيفة الروح القدس الذي يعمل في الكنيسة. لهذا، وحدة الكنيسة هي خبرة العنصرة المقدسة، التي هي وحدة موجودة في لاهوت الرسل والآباء القديسين. مع هذا، من اللزوم الإشارة إلى أن الوحدة يمكن وجودها بين صانعي الشر ومؤلّفي المجموعات الإجرامية وهي تهدف إلى خلق الانقسامات و الانزعاج في المجتمع. هؤلاء الأشخاص يهتمون بوحدتهم لكي يمارسوا الشر من دون أن ينكشفوا. لهذا، الوحدة لوحدها ليست الهدف، بل مزيج الوحدة والحق.
في القداس الإلهي، يُشجَّع المؤمنون بالعبارات: “بعد التماسنا الاتحاد في الإيمان، لنودع ذواتنا وبعضنا بعضاً للمسيح الإله“. إن الوحدة في اللغة الكنسية ليست مجردة ولا غير مشروطة بل هي مرتبطة بالإيمان. إنها وحدة الإيمان كما أُعلِن من الله للقديسين ومرتبطة بشكل واضح بشركة الروح القدس، وعلى الأكيد تفترض مسبقاً إخضاع كامل حياتنا للمسيح. هذه الوحدة مباركة من الله وليست وحدة ممكن مشاركتها مع الهراطقة الذين يستندون إلى المنطق التأمّلي ليحاربوا العقيدة الأرثوذكسية.
في رسالته إلى أهل أفسس، ينصحهم الرسول بولس بأن يجاهدوا ليحفظوا وحدة الروح القدس المرتبطة بالإله الواحد بإيمان واحد ومعمودية واحدة، فيكتب: “…مُجْتَهِدِينَ أَنْ تَحْفَظُوا وَحْدَانِيَّةَ الرُّوحِ بِرِبَاطِ السَّلاَمِ. جَسَدٌ وَاحِدٌ، وَرُوحٌ وَاحِدٌ، كَمَا دُعِيتُمْ أَيْضًا فِي رَجَاءِ دَعْوَتِكُمُ الْوَاحِدِ. رَبٌّ وَاحِدٌ، إِيمَانٌ وَاحِدٌ، مَعْمُودِيَّةٌ وَاحِدَةٌ، إِلهٌ وَآبٌ وَاحِدٌ لِلْكُلِّ، الَّذِي عَلَى الْكُلِّ وَبِالْكُلِّ وَفِي كُلِّكُمْ“ (أفسس 3:4-6). إن وحدة الإيمان مرتبطة بالرب الواحد والإيمان الواحد والمعمودية الواحدة والجسد الواحد والروح الواحد.
إلى هذا، في مقطع آخر، يتحدث الرسول نفسه عن الوحدة في التألّه: “وَهُوَ أَعْطَى الْبَعْضَ أَنْ يَكُونُوا رُسُلاً، وَالْبَعْضَ أَنْبِيَاءَ، وَالْبَعْضَ مُبَشِّرِينَ، وَالْبَعْضَ رُعَاةً وَمُعَلِّمِينَ، لأَجْلِ تَكْمِيلِ الْقِدِّيسِينَ لِعَمَلِ الْخِدْمَةِ، لِبُنْيَانِ جَسَدِ الْمَسِيحِ، إِلَى أَنْ نَنْتَهِيَ جَمِيعُنَا إِلَى وَحْدَانِيَّةِ الإِيمَانِ وَمَعْرِفَةِ ابْنِ اللهِ. إِلَى إِنْسَانٍ كَامِل. إِلَى قِيَاسِ قَامَةِ مِلْءِ الْمَسِيحِ“ (أفسس 11:4-13). هذا يعني أن الوحدة مرتبطة بمعرفة ابن الله، وهي تهدف إلى الكمال، إلى اكتساب قامة ملء المسيح التي هي التألّه.
تابع آباء الكنيسة في المنظور نفسه وجاهدوا للحفاظ على وحدة الكنيسة في الإيمان المعلَن، طاردين الهراطقة من الكنيسة، أولئك الذين قطّعوا وحدة الكنيسة بتعاليمهم الهرطوقية. لقد طُرحت اﻷناثيما على الهراطقة للتأكيد على وحدة الإيمان ووحدة الكنيسة. عندما أبعد الآباء الهراطقةَ عن الكنيسة لم يكسروا الوحدة بل دافعوا عنها. كل التفسيرات الأخرى، تتعارض مع عمل مجامع الكنيسة المسكونية.
يربط اﻷبّا دوروثايوس الوحدة بين المسيحيين بالإيمان الواحد: “ما من شيء يوحدنا كمثل الابتهاج بالأشياء نفسها والإيمان الواحد بيسوع المسيح“. هذه الجملة مرتبطة بمقاطع عديدة لدى الرسول بولس. فعلى سبيل المثال، هو يكتب إلى مسيحيي روما: “وَلْيُعْطِكُمْ إِلهُ الصَّبْرِ وَالتَّعْزِيَةِ أَنْ تَهْتَمُّوا اهْتِمَامًا وَاحِدًا فِيمَا بَيْنَكُمْ، بِحَسَبِ الْمَسِيحِ يَسُوعَ، لِكَيْ تُمَجِّدُوا اللهَ أَبَا رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَفَمٍ وَاحِدٍ.“ (روما 5:15-6). وعلى المنوال نفسه يكتب إلى الفيليبيين: “فَإِنْ كَانَ وَعْظٌ مَا فِي الْمَسِيحِ. إِنْ كَانَتْ تَسْلِيَةٌ مَا لِلْمَحَبَّةِ. إِنْ كَانَتْ شَرِكَةٌ مَا فِي الرُّوحِ. إِنْ كَانَتْ أَحْشَاءٌ وَرَأْفَةٌ، فَتَمِّمُوا فَرَحِي حَتَّى تَفْتَكِرُوا فِكْرًا وَاحِدًا وَلَكُمْ مَحَبَّةٌ وَاحِدَةٌ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ، مُفْتَكِرِينَ شَيْئًا وَاحِدًا“ (فيليبي 1:2-2).
يحدد القديس إسحق السرياني المعنى الدقيق للوحدة الروحية في كتابته: “الاتحاد الروحي هو ذِكر غير محصور، يشتعل في القلب بشوق حار متواصل، مستمداً قوته من إتمام الوصايا لتوطيد ارتباطه بها، زهذا الإتمام ليس سيئاً ولا طبيعياً“ (نسكيات ص. 19). تتحقق الوحدة الروحية من خلال حفظ وصايا المسيح وهي تلهِب الشوق الإلهي في قلب الناس.
في المجتمع كلام كثير عن الوحدة بالرغم من اختلافات الآراء الموجودة، وهذا ما تهدف إليه الديموقراطية. السلطات المختلفة وبرامجها المختلفة التي تقسّم الأحزاب، المواقف المختلفة وعمليات الحزب الداخلية، التي تظهَّر في الانتخابات، حين يُعبَّر عنها بطريقة ديموقراطية تُعتَبَر عناصر وحدة. في الكنيسة تختلف الأمور. ليست الوحدة اتفاق نظرات سطحية، وبالواقع سقطت كل النظرات المخالفة للتقليد، بل هي ثمرة الروح القدس، شركة الروح القدس، ووحدة الإيمان.
وعليه، ليس ممكناً للكنيسة، من أجل الوحدة، أن تعكس الإكليسيولوجية الأرثوذكسية، واللاهوت الأرثوذكسي، وبالنهاية تقوّض الإيمان المعلَن بجملته.
عندما ينتشر الانحراف عن الإيمان، لا تعود الوحدة مسموعة جديرة بالثناء. وعلى العكس، مَن يحفظ الوحدة هو ذاك الذي يحفظ الإيمان المعلَن. على المنوال عينه، لا يمكن اتّباع الديبلوماسية في الشؤون الكنائسية وإنكار الآراء وتغييرها في كل مرة، ووصف هذه العقلية على أنها مساهمة في الوحدة.
نحن نعيش في زمن لا يمكن فيه السماح بانحطاط العبارات، خاصة معنى كلمة الوحدة، من أجل عقلية اصطناعية ديبلوماسية متبدلة تخفي عناصر النفعية ونواياها.نبغي أن نعمل من أجله.