نمو الأطفال العاطفي وعلى الرجاء المسيحي
فيلاريت ميتروبوليت أميركا الشرقية ونيويورك
نقلتها إلى العربية علا مقصود
إن عواطف القلب البشري والكثير من العواطف الأخرى مهمّة للمسيحي، مثال على ذلك الأحاسيس بالتعاطف والكراهية والرحمة والشفقة…إلخ، كلها يجب أن تتطور في قلب المسيحي الأورثوذكسي منذ سنواته الأولى إن أمكن.
للأسف في العديد من العائلات المسيحية الأورثوذكسية تسير الحياة بطريقة تجعل الأهل يتقصدون فيها منع أولادهم من الاحتكاك مع الاحتياجات البشرية والأسى والصعوبات والتجارب.إن هذه الحماية المفرطة للأولاد من الواقع الطبيعي تجلب لهم نتائج سلبية فقط. إنّ الأطفال الذين نموا في ظروف حياة مشابهة للبيوت الزجاجية ينفصلون عن الحياة ويكبرون ليّنين، أهشاء، ومفسَدين، ولن يتكيفوا بشكل جيد مع الحياة. وفي أغلب الأحيان يكونون غليظي الطباع وأنانيين، معتادين على الطلب والأخذ ولا يعرفون كيف يعطون أو كيف يكونون مفيدين للآخرين. لذا، فإن الحياة يمكن أن تكسرهم بقسوة وفي بعض الأحيان تعاقبهم بضراوة، وذلك منذ سنيهم الأولى في المدرسة. لذلك من الضروري لمن يحبون أولادهم أن يعاملوهم باعتدال وفوق كل هذا يجب أن يضع الأهل والأولاد هدفاً أمامهم: الأطفال كمثل نموهم الجسدي يجب أن ينموّا روحياً، وبذلك يصبحون أفضل، ألطف، أتقياء ومتعاطفين.
لتحقيق ذلك من المهم أن نسمح للأطفال بأن يحتكوا باحتياجات ومتطلبات الناس وأن نعطيهم فرصة للمساعدة. ومن ثم فإن الأطفال بأنفسهم سيسعون للصلاح والحق ولكل شيء طاهر لإن الصلاح والنور هما قرب روح الطفل غير المفسد.
هذه العواطف التي تحدثنا عنها، بما فيها اﻷسمى بينها كالرحمة والشفقة، موجودة داخل كل إنسان. بالحديث عن الأحاسيس المسيحية الصافية، سنتوقف عند الرجاء المسيحي. يمكن تعريف الرجاء المسيحي بأنه التذكّر المخلص والحي لله, بشكل غير منفصل عن الثقة بمحبته وعونه السماويين .الإنسان الذي لديه هذا الرجاء يشعر دائماً وفي كل مكان بحماية الله الآب له وكأنه يرى دائماً وفي كل مكان قبة السماء اللامتناهية تغطيه. لذا فإن المسيحي الأورثوذكسي الذي يملك رجاءً بالله لن يشعر باليأس ولا بالوحدة التي لا رجاء فيها. وحده غير المؤمن يمكن أن يجد أن موقفاً ما ميؤس منه أما المؤمن الذي له رجاء بالله يعلم قربه من القلب الإنساني الحزين فيجد الراحة والعون والشجاعة من الله.
بالطبع، إن ذروة الرجاء المسيحي وتاجه هما في المستقبل .نحن كمسيحيين أورثوذكسيين نعلم أن قانون إيماننا الذي جُمعَت فيه كل حقائق اﻹيمان الأساسية ينتهي ب “أترجّى (أي أتوقع وأتطلّع إلى) قيامة الموتى والحياة في الدهر الآتي آمين“.
إذاً، الإدراك الكامل للرجاء المسيحي سيتمّ عندما تنتصر الحياة على الموت والحق الإلهي على الباطل الأرضي. عندها كل محنة ستزول ﻷن “الله سَيَمْسَحُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ، وَالْمَوْتُ لاَ يَكُونُ فِي مَا بَعْدُ، وَلاَ يَكُونُ حُزْنٌ وَلاَ صُرَاخٌ وَلاَ وَجَعٌ فِي مَا بَعْدُ“(رؤ 4:21) “وَفَرَحٌ أَبَدِيٌّ عَلَى رُؤُوسِهِمِ“(إش 10:35).
هذه هي الذروة، التتويج والإدراك الكامل للرجاء المسيحي الأرثوذكسي، والنصر لهؤلاء الذين اضطهدوا، ظلموا، ونفيوا في هذه الحياة الأرضية من أجل حقيقة المسيح.