تتوالى ردود الفعل والنتائج للقاء كريت الذي انعقد في حزيران 2016، ويأخذ البعض منها شكل انشقاقات في الكنيسة الأرثوذكسية ككل، أو في عدد من الكنائس المحلية. وهذا المنحى يشير إلى ضرورة توقّع المزيد من الاختلاف حول تقييم هذا اللقاء وتقبّله في الكنيسة. هذا ويًلاحَظ أن بعض الكنائس تتعاطى مع هذا الحدث وكأنه لم يكن، فلا مَن يؤيّد ولا من يدين وأصلاً لا مَن يحلل، إلا بعض الأفراد هنا أو هناك. هذه البرودة ليست دليل صحة، فالنأي بالنفس ليس مبدأ كنسياً.
من جهة أخرى، وبغضّ النظر عن صحة المواقف أو خطئها، إن مجرّد ظهور هذا التنوع والنقاش الذي ينتج عنه، أو المواقف التي تُتخَذ وقساوتها، فهذه كلها تدلّ على أن في هذه الكنائس حياة وأن الدم يجري في عروقها وليست متاحف، لا تشكّل فيها العقيدة وصحة الإيمان أيّ همّ أو اهتمام.
كنيسة اليونان
– قامت مجموعة من رؤساء الأديار وأساتذة اللاهوت بزيارة إلى كنائس جورجيا وبلغاريا ومولدوفيا. وبحسب الأخبار فإن منسّق هذه المجموعة هو المتقدّم في الكهنة ثيوذور ذيسيس، أستاذ (فخري) آبائيات. وقد شاركت هذه المجموعة حيث حلّت بنشاطات جميعها مناهضة للقاء كريت وخاصةً لتوجهاته المسكونية، كما وجّهت انتقادات مباشرة وواضحة للبطريرك المسكوني ومواقفه، بلغ بعضها الدعوة إلى عدم ذكره على الذبيحة.
– كتب عدد من المطارنة في اليونان كتب دراسات أو رسائل إلى رعيته أو إلى المجمع اليوناني وكلها في الخط المناهض للقاء كريت وروحيته.
– من جهته، أرسل البطريرك المسكوني رسالة إلى رئيس أساقفة اليونان ومجمعها، في 18 تشرين الثاني 2016، يطلب فيها تجريد الأب ثيودور ذيسيس ورفقته، كما يطلب محاكمة وتجريد كل من سارافيم مطران بيريه وأمبروسيوس مطران كالافريتا وذلك لاعتبارهما مشجعَين على الانشقاق في الكنيسة، بسبب تصريحهما بأن لقاء كريت ابتداع وغير أرثوذكسي. ويحذّر البطريرك المسكوني بأنّه في حال تخلّف كنيسة اليونان عن ذلك، فإنه ومجمعه سوف يقطعون الشركة الكنسية والأسرارية مع هؤلاء المطارنة.
من المثير للانتباه في رسالة البطريرك المسكوني إشارته إلى عدد من القوانين الكنسية، وارتكازه إلى قول للقديس يوحنا الذهبي الفم بـأنّ “ما من شيء يغضب الله مثل الانقسامات في الكنيسة“. علماً بأن رسالته هي سابقة في تدخل كنيسة بأخرى، كما أن قطع القسطنطينية للشركة مع أفراد محددين من كنيسة اليونان هو أيضاً سابقة. لكن كل هذا يدل على المأزق الذي أوقع فيه البطريرك المسكوني الكنيسة وما يزال مصراً على عدم الخروج منه إلا بما كان يعد نفسه به من ظهوره كبابا للأرثوذكس الموزعين على سبعة عشرة كنيسة.
كنيسة بلغاريا
عقد مجمع كنيسة بلغاريا جلسة في 15 تشرين الثاني 2016، راجع خلالها نص وثيقة “علاقة الكنيسة الأرثوذكسية بالباقي من العالم المسيحي، وأورد ما يوازي حجمها من التعليقات ما أدى إلى رفضها. إلى هذا ختم المجمع رسالته بأنّ نظام المجامع المسكونية أو الجامعة لا يضمن تلقائياً أو بصورة ميكانيكية صحّة الإيمان المعلَن فيها. وبالتحديد، لقاء كريت ليس كبيراً ولا مقدساً ولا جامعاً لكل الأرثوذكس، وذلك لعدد من الأسباب منها عدد الكنائس التي لم تشارك، عدم دقة كل الوثائق التي تمّ تبنيها وعدم مطابقتها لتقليد الكنيسة العقائدي أو القانوني.
كنيسة رومانيا (إعداد أندريه إبراهيم)
دير روماني بطريركي في بحيرة فروموس يقطع الشركة مع بطريركية رومانيا الارثوذكسية:
أرسل برصنوفيوس الأسقف السابق للدير ورئيس أساقفة رمينكو رسالة يلي نصها. وهذا الدير هو الدير البطريركي الثاني الذي يقطع الشركة مع البطريركية؛ الأول كان محج الأويتوز كاكاو في يوليو 2016.
“صاحب الغبطة،
كنتيجة للأحداث الأخيرة في الكنيسة الأرثوذكسية، والمختصة بمجمع كريت، نحن أخوية دير بحيرة فروموس، في ابرشية فيلتشا، نعلمكم الآتي:
– إن ترتيب المجمع المذكور، بكل محاوره، ينحرف تماما عن تقليد المجامع المسكونية والمحلية الأرثوذكسية، بل يعطي بداية تأسيس للعصمة الباباوية في داخل الكنيسة الأرثوذكسية.
– إن وثيقة “العلاقات بين الكنيسة الأرثوذكسية وباقي العالم المسيحي” تمثل الهوية أو بطاقة العمل الخاصة بهرطقة المسكونية.
– أيضا في هذه الوثيقة، نقرأ في المقطع الثاني والعشرين، أن “الحفاظ على الإيمان الأرثوذكسي يتم فقط من خلال النظام المجمعي” وأن هذا النظام المجمعي هو “السلطة الأعلى في الكنيسة من الجهة العقائدية الإيمانية والأحكام القانونية“. بالرغم من أن السلطة الأعلى في الكنيسة في الأمور العقائدية هي ضمير ووعي الكنيسة. ولذلك نجد في التاريخ أن بعض المجامع تسمى “مجامع مستقيمة قانونية” وأخرى تدعى “مجامع لصوصية“.
– أما في وثيقة “سر الزواج وعوائقه” وفي المقطع الثاني منه، والمعنوَن تحت “في عوائق الزواج وتطبيق التدبير” نجد هناك سماحاً للزواج بين المؤمنين الأرثوذكس وغير الأرثوذكس! بينما القانون الثاني والسبعون من مجمع ترللو (بنثكتي الخامس–سادس) يمنع بشكل واضح مثل هذا النوع من الزيجات.
– في الرسالة التي تم إرسالها في 20-7-2016، نجد من غبطتكم تجنباً لمعرفة رأيكم الرسمي بخصوص مجمع كريت. وحتى الآن لم تمارسوا حق الفيتو على هذا المجمع.
– وعليه، وبحسب القانون الخامس عشر من المجمع المنعقد في القسطنطينية (الأول–الثاني) في 861، والذي يشير إلى قطع الشركة مع الهراطقة، فإن أخوية دير بحيرة فروموس قررت الكفّ عن ذكر اسم غبطتكم في الذبتيخا.
أخوية دير بحيرة فروموس:الأب الرئيس غريغوريوس، الراهب كرياكوس، الراهب أثناسيوس، الأخ فاليتريكا.”