إذا كنّا نعمل حقاً لتطهير قلوبنا من اﻷهواء، فبقدر ما نطهر ذواتنا، تفتح النعمة اﻹلهية أعيننا روحياً على رؤية النور الحقيقي. إذ كما هو مكتوب “طوبى ﻷنقياء القلوب ﻷنهم لله يعاينون” (متى 8:5). هذا لا يتحقق إلا بالاتّضاع، إذ في الاتضاع تتكشف اﻷسرار اﻹلهية.
المرض
تزورنا اﻷمراض واﻷحزان. إنها إشارة إلى رحمة الله علينا، ﻷنّ الذي “يُحِبُّهُ الرَّبُّ يُؤَدِّبُهُ، وَيَجْلِدُ كُلَّ ابْنٍ يَقْبَلُهُ” (عبرانيين 6:12)، ومن اللائق بنا أن نشكر الربّ لتدبيره اﻷبوي نحونا. تعلّمنا اﻷحزان وتجعلنا ماهرين في عملنا، وعلى المنوال نفسه، إلى جانب المرض، تطهرنا من الخطايا. نحن لا نعلم حكم الله، لكنه يعمل كل شيء لمنفعتنا. نحن مرتبطون بالبركات اﻷرضيةـ لكنه يرغب في أن يعطينا البركات اﻵتية من خلال اﻷمراض القصيرة على هذه اﻷرض.
الإنعاش الروحي
إن حياتنا هي حرب روحية مع اﻷرواح الشريرة غير المنظورة. إنهم يثيروننا عبر ضعفاتنا وأهوائنا. إنهم يشدوننا إلى أن نعصي أوامر الله. عندما ننظر بتمييز، سوف نجد أن لكل هوى دواء، وهو وصية معاكسة. لهذا يحاول أعداء الجنس البشري أن يحرمونا هذا الدواء المخلّص.
إن الجهاد لعدم القنية لا مفر منه ﻷن ظلمة هذا الهوى وغمّه يعتّم رؤيتنا الروحية، حتّى لا نرى شمس البرّ أي يسوع. إن الجهاد ضد اﻷهواء، الحرب ضدها كما ضد اﻷعداء غير المنظورين، هي بلا هوادة، رهيبة وعنيفة. إن التواضع هو مَن يغلبها.
الفهم الروحي
ينبغي أن لا ننشدّ إلى ذواتنا، مفتكرين أننا أفضل من الباقين، بل علينا أن نعتبر أننا آخر الكلّ. في هذا يكمن الفهم الروحي والتربية الروحية.
تقدّموا بتدرّج، لا تثقوا بذواتكم، لا تتكلوا على فهمكم الذاتي، انبذوا إرادتكم، والرب يهبكم الفهم الحقيقي. للأسف، في كل مكان اليوم يتكلّمون ويكتبون عن الدين بحرية كبيرة، لا تعليمياً، بل لزرع الشكوك. لقد تملّكت الشهوانية واﻷجيال اﻷكثر شباباً هي اﻷكثر ميلاً نحو الحرية وعدم ضبط الحواس، وهم يعطون تفكيرهم سلطاناً حراً بالرغم من أنه معتم. بالتواضع يصير الفكر مرضياً لله، لكن بالكبرياء يصير مرفوضاً منه.