اﻹيمان شرط مسبَق للصلاة
الشيخ موسىى اﻷثوسي
نقلها إلى العربية اﻷب أنطوان ملكي
الصلاة تستوجب الإيمان. الذين لا يصلّون هم من غير معونة مترددون عميان ومتروكون لوحدهم. إنهم ملتصقون باﻷرض، لا يعرفون كيف يطيرون عالياً أو يحترقون مشرقين في السماء، ويتمتعون بالدعم السماوي. انهم ممغنطون، مقيّدون، مرتبطون بقوة بما هو فانٍ أي بالأمور الدنيوية. ليس الانفصال سهلاً بالنسبة لهم. أنهم يحاولون أن يكنزوا كنوزاً على الأرض. إنهم يسعون باستمرار نحو المتعة لكي تجلب لهم السعادة، ولكنها مع ذلك تجلب لهم المزيد من الألم. إنه لأمر محزن ومؤسف أن يبحثوا عن الفرح في الوحل.
الصعود إلى السماء يبدأ بالندم، بالتوبة الحقيقية، بتأنيب الضمير. يجدر بنا أن نتذكر أننا لم نُخلَق للعودة إلى التراب. حياة الأهواء لا تجلب الفرح والارتياح في الواقع. التعلّق بشدة بالأمور الدنيوية هو خطأ فادح وله كلفته من النتائج المرّة. الارتفاع فوق ما هو منظور ليس بلا جدوى. يمكن ﻷي كان أن يقوم به. ما يحتاج إليه اﻹنسان هو أن يريد هذا العمل، أن يشتهيه. في البداية، نكون مترددين خجولين خائفين وﻻ نريد أن نخاطر بالكثير. قد نجد اﻷمر في البداية غير قابل للإدراك، غريباً وغير طبيعي ومستحيلاً، وفي كل اﻷحوال ليس لنا. نظن أننا نلعب لعبة قبيحة وأثيمة، وأن خطيئتنا أكبر من كل هذه اﻷمور. لكن الصلاة ليست للقديسين وحدهم. إذا كنت تصلّي ببساطة وتواضع، يصير قلبك أكثر حلاوة، مستنيراً، متشدداً وهادئاً. يشعر بأن الصلاة تستحق العناء. يشعر بالغبطة، الابتهاج، الأمن، والتشدد والراحة. هو يدرك أن الصلاة هي حاجة ماسة للروح، حركة طبيعية، وهي وظيفة إلهية.تتحول الصلاة إلى عمل صالح أكثر منها عادة شكلية، فرحةً يومية وهدية. كما يطلب الجسد غذاءه اليومي لكي يصون ذاته، كذلك تفعل نفسنا الخالدة.
من المستحيل أن نحب الله من دون أن نتعلّق به ونتكلّم معه ونصلي. ينبغي بنا أن نفكر به دائماً وأن نستدعيه. ذكر الله بحد ذاته هو صلاة. أنتم تتذكرون المحبوب وتغتبطون. استدعاء الله هو مصدر فرح عظيم وسلام وبركة. من دون الصلاة، تكون النفس لاهثة وضعيفة ومريضة. الصلاة تضفي الصحة الروحية والاتزان والفطنة والاستنارة والنعمة. الصلاة تسلّحنا ضد الخطيئة. الذين يصلّون يدخلون في محادثة مع الله ولا يشغلون ذواتهم بالأمور الفانية. إنهم يتعلّمون التواضع والرصانة والبساطة والمحبة. إنهم أولاد الله المحبوبون. الصلاة هي عطية عظيمة من الله لنا.