نتذكر اليوم النسوة الحاملات الطيب، ويوسف الرامي ونيقوديموس، أناسٌ بالكاد ذُكروا في سياق الإنجيل. لكنهم، عندما بدا كأن المسيح قد غُلب وأن الموت والرفض والإهانة والكراهية قد انتصرت، تحلّوا بالأمانة والشجاعة: الأمانة من القلب والشجاعة المتولدة فقط من الحب
في لحظة الصلب، كل التلاميذ هربوا عدا واحد وهو يوحنا الذي وقف عند أقدام الصليب مع والدة الإله. كل الآخرون تخلّوا عن المسيح عدا مجموعة صغيرة من النسوة اللواتي وقفن على مسافة قصيرة من الصليب. وعندما مات يسوع أتين ليدهن جسده الذي قد طلبه من بيلاطس يوسفُ الرامي غير خائفٍ من أن يُعرفَ كتلميذٍ له، لأنه سواء في الحياة أو في الموت، المحبة والأمانة قد انتصرتا
دعونا نعلّق على هذا. من السهل أن نكون تلاميذ للمسيح عندما نكون على قمة الأمواج بمعنى عندما نكون في حماية بلدانٍ لا اضطهاد فيها، ولا رفض لنتحمله، ولا خيانة ممكن أن تقودنا إلى الاستشهاد أو أن نصبح ببساطة ضحايا للسخرية والاستهزاء
دعونا نفكّر بأنفسنا ليس بالنسبة للمسيح فقط بل بالنسبة لبعضنا البعض، لأن المسيح قد قال أنه مهما فعلنا لبعضنا البعض وللأصغر والأقل أهمية نكون قد فعلناه له. دعونا نسأل أنفسنا كيف نتصرف تجاه شخص قد رُفض، قد استُهزئ به، قد رُفض من جماعته، قد أدين من الناس أو من أناسٍ يعنون لنا. هل نبقى أمناء له؟ وهل عندنا الشجاعة لنقول: هو كان وسيبقى صديقنا إن قبلتَه أو رفضتَه؟ ليست هناك من أمانةٍ أعظم من الأمانة والإخلاص التي تتجلى عند الهزيمة
دعونا نعتبر ذلك لأننا كلنا منهزمون بطريقة ما. لكننا نجاهد بما عندنا من طاقة صغيرة أو كبيرة لنكون كما يجب أن نكون، ونحن منهزمون في كل لحظة
يجب ألا ننظر إلى الآخر بعطفٍ فقط بل بأمانة الأصدقاء المستعدين للوقوف إلى جانب الشخص الذي يسقط، يسقط بعيداً عن النعمة، يسقط بعيداً عن مثاله، ويخيّب كل الآمال والتوقعات التي قد وضعناها عليه. حينئذٍ دعونا ندعمه ونقف إلى جانبه، دعونا نكون أمناء ونبرهن أن حبنا ليس مشروطاً بأمل النصر لكنه عطية قلبية مجانية عظيمة ومغبوطة. آمين.