الكلام عن الفردوس والجحيم في الكتاب المقدس يعني عن تعليم السيد المسيح والآباء الرسل.
توجد ثلاثة نصوص في العهد الجديد تتكلم عن الفردوس. الأول هو تأكيد السيد المسيح للص على الصليب: “الحق أقول لك إنك اليوم تكون معي في الفردوس”(لو43:23). فالفردوس الذي يتكلم عنه المسيح هو نفسه ملكوت الله. فمن الجدير بالذكر أن ملكوت الله والفردوس يُنظر إليهما على أنهما نفس الشيء لأن اللص سأله: “أذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك”(لو42:23)، والسيد المسيح أكد دخوله الفردوس. من الجدير بالذكر أن نورد تفسير القديس ثيئوفيلاكتس لهذا الأمر: “اللص في الفردوس، الذي هو ملكوت الله، وليس هو فقط ولكن كل من يذكرهم بولس، ولكنه لم يتمتع بالميراث الكامل للبركات”.
النص الثاني الذي يتكلم عن الفردوس مذكور من قِبَل بولس الرسول ويرتبط بخبرة عاشها فيقول: “وأعرف هذا الإنسان أفي الجسد أم خارج الجسد لست أعلم. الله يعلم. أنه اختطف إلى الفردوس وسمع كلمات لا ينطق بها ولا يسوغ لإنسان أن يتكلم بها”(2كو12: 3-4).
يفسر نيقوديموس الكاتب هذا النص قائلاً: “كلمة فردوس هي كلمة فارسية وتعني حديقة مزروعة بأشجار مختلفة…”. ويقول في نفس الوقت أن اختطاف بولس الرسول إلى الفردوس يعني بحسب تفاسير عديدة “كان هو الوقت الذي تعلم فيه الكلمات السرية الفائقة الوصف عن الفردوس والتي هي مخفية عنا حتى هذا اليوم”. وبحسب الرؤيا، اختطف بولس الرسول للسماء الثالثة بمعنى أنه عبر الثلاثة سموات التي هي الفلسفة العملية، والثيئوريا الطبيعية، ووصل لعلم اللاهوت الباطني الذي هو السماء الثالثة، ومن هناك اختطف إلى الفردوس كما يقول القديس مكسيموس المعترف. وهكذا دخل إلى شجرة الحياة في منـتصف الفردوس، وشجرة المعرفة التي بسببها كان الشاروبيم بسيف من نار يحرسون بوابة عدن حيث وجدت كلتاهما (شجرة الحياة وشجرة معرفة الخير والشر) وكل الحقائق العظمى الأخرى التي قدمها العهد القديم.
أما النص الثالث فهو في سفر الرؤيا. فقد قيل لأسقف أفسس من ضمن أشياء أخرى: “من يغلب فسأعطيه أن يأكل من شجرة الحياة التي في وسط فردوس الله”(رؤ7:2). وبحسب أندراوس القيصري فإن “شجرة الحياة” هي إشارة لفظية للحياة الأبدية. يعد الله “بنصيب في الأشياء الحسنة في الدهر الآتي”. وبالمثل، فإنه بحسب آريثا القيصري “ينبغي أن يُفهم الفردوس المبارك على أنه الحياة الأبدية”.
بالتالي فإن الفردوس والحياة الأبدية وملكوت السموات هي أمر واحد. لن نسترسل في هذه النقطة محللين أكثر ما هو الفردوس بالنسبة لمصطلحات ملكوت الله وملكوت السموات، فالحقيقة أن الفردوس هو الحياة إلى الأبد في شركة واتحاد مع الله الثالوث.
تأتي كلمة “جحيم” (في اليونانية kolasi وفي الإنكليزيةHell ) من كلمة Kolaso (باليونانية)، وهي لها معنيان. الأول هو “تهذيب”، والثاني “عقاب”. وهي تُستعمل بصورة رئيسية بالمعنى الثاني في الكتاب المقدس، ولكن من منظور أنه ليس الله هو الذي يعاقب، ولكن الشخص يعاقب نفسه لأنه لا يقبل عطية الله. على أية حال، فإن غياب الشركة مع الله هي عقوبة الإنسان، وخصوصاً عندما نفكر أن الإنسان مخلوق على صورة الله ومثاله، وأن هذا هو الهدف الأعمق لوجوده.
يتكلم نصان من الكتاب المقدس عن الجحيم بوضوح.
الأول في كلمات السيد المسيح عن الدينونة الآتية عندما قال: “فيمضي هؤلاء إلى عذاب أبدي Kolosi والأبرار إلى حياة أبدية”(مت46:25). لو ربطنا هذا النص بالنص الذي سبقه: “اذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته”(مت41:25) لوجدنا أنه يوحد بين الجحيم والنار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته وليس للناس.
النص الكتابي الثاني الذي يحتوي على كلمة جحيم موجود في رسالة يوحنا الإنجيلي الأولى: “المحبة الكاملة تطرح الخوف إلى خارج لأن الخوف له عذاب. وأما من خاف فلم يتكمل في المحبة”(1يو18:4). ومن المؤكد أنه لا يشير إلى الجحيم خاصةً، الذي هو طريقة حياة الأشرار بعد مجيء المسيح الثاني ولكن إلى العذاب المرتبط بالخوف والذي هو غريب عن المحبة.
يعبر الكتاب المقدس عن حياة الجحيم بمصطلحات وتعبيرات أخرى مثل “النار الأبدية”(مت41:25)، و”الظلمة الخارجية”(مت30:25)، و”نار جهنم”(مت22:5) وهكذا.