السقوط كان نتيجة عدم الخبرة ولامبالاة الإنسان المخلوق من الله. هذه جعلته يهمل اتحاده الشخصي وشركته مع الله الآب. وعملياً عدم الخبرة واللامبالاة جعلته يخون هذا الاتحاد مقتنعاً بأن بمقدوره أن يزهو بنفسه. لهذا يُنظَر إلى السقوط ويُسمّى على أنّه انفصال وانسحاب كل المخلوقات عن علّة الخليقة الأول، أي الله. الكون، بحسب الإعلان الإلهي، هو نتيجة وبالتالي لا وجود له من ذاته، بل هو موجود لأنه يسهِم في القوة والتدبير الإلهيين. وعليه، إذا انقطع ما هو مخلوق عن قوة الله الجامِعة فهو يتلَف ويموت.
إن تخلّي الكائنات عن الله أنتج كارثتين متساويتين بالقوة. الأولى هي الوقاحة ضد الله والارتداد عنه. الثانية هي الانفصال عن مصدر الحياة الأبدية الذي هو السبب الوحيد للوجود والتماسك. الإساءة نفسها سببت كارثة في الطبيعيتن البشرية والملائكية. لقد فقد الملائكة ليس معناهم وحسب، بل تغيّروا من الكائنات الأكثر جمالاً إلى وحوش مرعِبة وصاروا مثيرين للرعب والارهاب، من دون أيّ نيّة في التوبة أو العودة.
ومع أن الإنسان، الذي وقع ضحية الخبث الشيطاني، فقد حالة شِبه الإله ونُفي إلى الأرض، إلى وادي الدموع، إلا إنّه لم يفقد ميزة التوبة التي قد تحثّه على العودة.