أنصحكِ بعدم الاسترسال في الرومنطيقية الحزينة، وفي الكآبة التي تجرح قلوب الراهبات بشكل خطير. إن الربّ سيجزل لكِ المكافأة إذا كنتِ لهنّ مصدرَ فرح. إنّي أقّدم لك هذه الوصية لأنّ قد جعلتُها أيضاً قاعدة لحياتي، وأريد أن تتبع تلميذاتي المبدأ نفسه. فإذا أفرحتِ قلبَ قريبِك، وخصوصاً أختك المحرومة من كلّ شيء، والتي لا يمكن أن تستمد الفرح الروحي إلا منكِ، فكوني على ثقة أنّك بهذا تروقين للرب أكثر بكثير مما إذا أدّيتِ الصلوات الطويلة والأصوام الصعبة… أرجو لكنّ جميعاً الانتصار في حربِكنّ ضد الأنانية، وهي شرسة. فالأنانية تشبه التنّين المتعدد الرؤوس. فإذا قطعت له رأساً نبت آخر من نوع جديد وبشكل مختلف. وهكذا، وبينما نختلف في ترك العالم والأمور الدنيوية وفي التخلّي عن كلّ ملذّات الجسد ومعاملته بقسوة حتى لا نعيش وفق إرادته، نعاين فجأة ظهور نوع من مرض النفس، هذا المرض يظهر في أغلب الأحيان على هيئة روح الشكّ والعصيان، ويتشكّل بشكل الصواب والذكاء والحكمة والرضى عن الذات، وروح النقد. لكن أيّها نذكر أولاً؟ فَتَحْتَ جميع هذه المظاهر تختبئ قباحة الأنانية.
إن تشييد السعادة خارج القلب هو كالبناء فوق تربة تزعزعها باستمرار الهزّات الأرضية. إنّه بناء لن يبقى فيه حجر على حجر. والذي يبني بهذه الطريقة هو إنسان سخيف وشقي… ابحثْنَ جيداً لمعرفة ما إذا كانت قلوبكن تمتلئ بالشرور والأهواء، حتى لا تقودكن الرغبة في الشر إلى العمل لصالح الشر. درّبن قلوبكن على عدم الابتعاد عن الخير وعلى عدم سلوك الدروب الملتوية ولا الدروب الجميلة الكثيرة الصعوبة، حيث ينصب محبو الهلاك فخاخهم.
يلزمكن وقت طويل للوصول إلى الكمال، فلا توتّرن القوس أكثر مما يجب. إذ لا تُمنَح الخيرات الإلهية بالقوة: إنه يعطي ما يشاء وإلى مَن يشاء، وعطاياه دائماً مجانية. لا توتّرن القوس بإفراط حتّى لا ينقطع الخيط قبل الأوان.
إن التجربة التي داهمتكِ تحزنني، وهي في الحقيقة من الشرير. أسرعي في إطلاعها على الأمر واطلبي منها أن تصلّي لأجلك حتى تتوقف التجربة. حالما تصلك رسالتي أدخلي إلى الكنيسة وصلّي إلى سيدتنا والدة الإله. اتلي للفائقة القداسة خدمة البراكليسي. وأنا أيضاً سأتوسّل لك الرحمة الإلهية بشفاعة الكليّة القداسة والدة الإله الدائمة البتولية مريم. إنها حاميتنا والأمل الوحيد الذي لم يخيّب توقعاتنا أبداً. وأنا على ثقة بأنك ستتحررين من التجربة. وأرجوك ألا تدعي مشاعر العداء تسيطر عليك. فإن الشرير يوحي إليك بالحقد تجاه العزيزة كسياني – التي هي أختك وأمّك في الآن – ليدمّر عرفانك بالجميل نحوها ويحوّله إلى حقد. لأنها قد عملت من أجل خلاص نفسك.
* عن التقويم الأرثوذكسي 2014، دير الشفيعة الحارة – بدبا، الكورة