عرفناه عند كسر الخبز
إعداد راهبات دير مار يعقوب الفارسي المقطع، دده – الكورة
ذهب خادم تقيّ إلى الكنيسة لحضور قداس العيد. وعند دخوله الكنيسة وجد إنساناً فقيراً متواضع الحال بسيط المظهر، يحاول الخدّام منعه من الجلوس في المتكآت الأولى لأنّها مخصّصة لكبار رجالات الدولة وكبار الزوّار الذين يرتادون الكنيسة في الأعياد.
ولمّا فشلوا في إقناعه، تدخّل هذا الخادم التقيّ، ونجح في إقناعه، واصطحبه إلى آخر المتكآت وجلسا سويّاً وصلّيا. ثمّ فور انتهاء القدّاس، استأذن هذا الإنسان الفقير من الخادم التقيّ وهمّ بالانصراف.
ولكنّ الخادم أشفق عليه، وفكّر في الحصول على بركة بسببه. فعرض عليه بإلحاح أن يتناولا طعام العيد سويّاً. وقال في داخله: “ما الفائدة في أن أتناول وجبة العيد بمفردي أو مع الأهل والأصدقاء؟ البركة والسعادة والشبع الحقيقيّ في أن أُشبع الجوعان حسب قول السيّد له المجد: “جعت فأطعمتموني” (متى 35:25).
واصطحب الخادم هذا الإنسان الفقير في فرح وسعادة إلى منزله. ولكن سرعان ما وجدت هذه السعادة الروحيّة ما يحاول إطفاءها، إذ اعترض أهل هذا الخادم على تصرّفه بشدّة، واتذهموه بعدم الحكمة إذ كان يكفي أن يعطيه صدقة ويتركه يمضي في سبيله. وليس من الضروريّ دخول إنسان لا يعرفونه إلى منزلهم.
وبعد إصرار ومباحثات، نجح الخادم في أن يستضيف ضيفه الفقير في قبو المنزل. وكون هذا الخادم غير متزوّج، فقد فضّل ألاّ يترك ضيفه الفقير يأكل بمفرده، فقام بإعداد مائدة صغيرة لتناول وجبة العيد.
ويقول هذا الخادم معلِّقاً على ما حدث على المائدة: كنت متوقّعاً من هذا الإنسان الفقير البسيط أحد تصرّفين: إمّا أن يخجل وينتظر من يقدّم له الطعام، أو أن ينقضّ على المائدة أمام إغراء المأكولات وأمام جوعه وحرمانه. ولكنّ الذي حدث عكس هذا وذاك، فإذ بهذا الإنسان الفقير لمّا اتّكأ أخذ خبزاً وبارك وكسر وناول، والدهشة الكبرى كانت أنّه بعد كسر الخبز اختفى للتوّ. (لو 35:24)
إنّه المسيح الذي يريد أن يتّكئ على موائدنا، ونحن نرفض في قسوة وغباوة وعجرفة. اقبلوه بهيئته البسيطة ومنظره المتواضع.
إن كنتم تريدون أن يكسر المسيح لكم الخبز، فلا تمدّوا أيديكم إلى موائدكم، ولا يهنأ لكم بال إلاذ بعد أن يكسر الفقير أوّلاً الخبز على موائدكم، وتذكّروا قول الربّ له المجد: “الحقّ أقول لكم ما فعلتموه بأحد إخوتي هؤلاء الصغار فبي قد فعلتموه” (متى 40:25).