كنيسة واحدة
الخورية سميرة عوض ملكي
من المشاكل التي نعاني منها اليوم أن البعض بات لا يؤمن بوجود الهرطقات معتبراً أن الكلام عنها تخطاه الزمن، فيما البعض الآخر يرون في الكثير من التعاليم المشوّهة، أو الهرطوقية، حقائق إيمانية بحتة نابعة من المعرفة أو من “المحبة”. وهؤلاء قد يكونون من المؤمنين أو من غير المؤمنين. فأين الحقيقة؟
الجواب ليس صعباً، لأن ثمة الكثير من التعاليم التي يعبّر عنها، ربما من دون تعمد، أشخاص يعتقدون بأنهم أعضاء حقيقيون في كنيسة المسيح. لكن، للأسف، فنظراتهم تكون نابعة من الجهل والاعتبارات الخاطئة عن الله وابنه وعن الروح القدس وبالتالي عن الكنيسة. فكل تغيير في التعليم عن المسيح أو عن الروح القدس أو عن طريق الخلاص ينعكس على النظرة إلى الكنيسة.
في البدايات الأولى للكنيسة، ظهر العديد من الهرطقات التي تصدّى لها آباؤنا القديسون بقوة الروح القدس، وبغيرة نفتقدها في هذه الأيام ونتمنى لو أنها تحيا من جديد في قلوب المؤمنين.
لذا، يمكن القول اليوم بأن أعظم الهرطقات القائشمة هي القول بأننا “كلنا مسيحيون” وكلنا كنيسة واحدة. وإن رفض أحد هذا القول وقال “لا، لسنا كنيسة واحدة” وأن “الأرثوذكسية هي الكنيسة الحقيقية الواحدة المقدسة الرسولية”، يُتَّهَم بأنّه غير مُحبّ ومتعصب، ومؤخّراً أضيفت صفة “السلفي”.
للمسيح جسد واحد لا أجساد الذي هو الكنيسة، وهو الذي اسّسها وأقامها جسده الحامل ىالحياة و”عمود الحق وركنه” (1تيم 15:3). فالكنيسة إذاً، ليست مؤسسة بشرية، إنما هي الجسد الإلهي-البشري للمسيح. وهي تتألّف من أناس متّحدين مع بعضهم بالإيمان الواحد بيسوع المسيح وبالتعليم الواحد المُوحى والخدمة الإلهية والأسرار الواحدة القائمة بإدارة وقيادة رئاسة أقامها الله لأجل البلوغ إلى الكمال والخلاص، وحُفِظَت بالإيمان في تسلسل رسولي غير منقطع. والخلاص لا يتمّ إلا عندما نكون في شركة مع الثالوث القدوس، وعندما تدخل نعمة الله المثلث الأقانيم في كياننا، وهذا لا يتمّ إلا في الكنيسة.
نحن نعيش مع أناس كثيرين ومختلفين عنّا بافيمان، لكن هذا لا يعني أننا لا نحبهم ونحترمهم إن قلنا بأن الكنيسة الأرثوذكسية هي جسد المسيح والمسيح رأسها وأعضاؤها هم أعضاء جسده. هذا الكلام إنما تسلّمناه من القديسين ومن رسالتنا أن نسلّمه إلى مَن يأتي بعدنا. ما الخطأ بإيماننا بهذه الحقيقة، لأن أعظم موهبة للنعمة لدينا هي أننا ننتمي إلى هذه الكنيسة؟ أعظم نعمة هي أننا في هذه العائلة العظيمخة، وهذا ما يجب أن يدفعنا لنجاهد لأن نبقى في كنيستنا، واضعين نصب أعيننا أننا بهذا نسير في موكب القديسين لنلاقي المسيح.