معجزة حديثة للأب باييسيوس في سيريس*
الإيبوذياكون أمفيلوخيوس
نقلها إلى العربية الأب أنطوان ملكي
بنداليس شاب في الثامنة عشر من عمره ويتعاطى المخدرات. تعرّض لحادث مريع وهو يقود دراجته النارية بالقرب من قريته ما أدّى إلى جروح خطيرة في الرأس وارتجاج في المخ. على الأرجح أنه كان تحت تأثير المواد المخدرة لأنه بالرغم من خضوعه لبرنامج إعادة تأهيل، لكن شيطان الهيرويين لم يتركه. على اثر الحادث، أدخِل إلى غرفة العناية الفائقة في مستشفى سيريس العام.
بعد فترة دخل في غيبوبة ما أدّى بالأطباء إلى اعتباره ميتاً دماغياً، وإذ فقدوا كل حيلة رفعوا ايديهم واخبروا والدته الثكلى بأن الوضع بيد الله. كان موعد الرأي النهائي حول الموت الدماغي الثالث عشر من تموز، اي قبل يوم واحد من بلوغ ابنها الثامنة عشرة. بدلاً من دخوله حياة البالغين، كانت تعاينه في السرير مكافحاً، لا ليواجه كارثة المخدرات المعروفة، بل في معركة بقاء مباشرة.
لم تستسلم السيدة اناستاسيا، بل عملت بنصيحة أبيها الروحي، الأب أثاناسيوس، وفي اليوم التالي صباحاً ركبت الحافلة إلى تسالونيكي ومن هناك توجّهت مباشرة إلى دير القديس يوحنا اللاهوتي في سوروتي. لقد كانت اناستاسيا تعرف عظمة الأب باييسيوس، لكنها لم تكن تعلم أنّه في ذلك اليوم، أي الرابع عشر من تموز، تقع الذكرى الثامنة عشرة لرقاد الشيخ. لقد تفاجأت عندما وصلت ورأت الناس مجتمعين، ولكن عندما استنتجت أن ابنها الوحيد مولود في يوم رقاد الأب باييسيوس كادت أن يغمى عليها. لقد شعرت بشيء ما زالت إلى اليوم تعجز عن وصفه. لقد أحسّت باتّحاد مع قداسة الشيخ ومع هالته، وبأنّ شيئاً حسناً سوف ينتج عن هذا.
بالرغم من حراجة وضع ابنها، لم تستغلّ الأمر لتتقدم على الصفوف، بل انتظرت بتواضع وسجود لما يزيد عن أربع ساعات حتّى جاء دورها لتسجد في المكان الذي يرقد فيه الشيخ باييسيوس. صلّت لابنها وأخذت بعض التراب عن القبر، وحملته إلى ابيها الروحي، الذي بعض أن صلّى عليها صنع منها تميمة. حملت السيدة اناستاسيا التميمة وأسرعت إلى المستشفى ووضعتها تحت وسادة ابنها. في تلك الليلة رأت الأب باييسيوس الذي قال لها: “لا تخافي، بنداليس سوف يتحسّن”.
في صباح اليوم التالي، قام بنداليس معافىً، ما عجز الأطباء عن تفسيره. أما الغرفة فقد امتلأت من عطر قوي تبيّن أن مصدره وسادة بنداليس، التي وضعت الأم التميمةَ تحتها. الأمر الوحيد الذي يذكره بنداليس من فترة هموده هو صورة شيخ متشح بالسواد يقول له: “تعالَ، قمْ، الكوليفا التي لك ليست جاهزة، وسوف يمضي وقت طويل قبل أن نأكلها”. منذ ذاك الصباح صار بنداليس ينفر من المخدرات واستعاد صحته، وعاد إلى الدرس محاولاً دخول الجامعة. وصار يعترف عند الأب أثناسيوس أبي أمه الروحي، وقد وافق أن تُنشَر قصته.
“عندما يعجز أحدهم عن الفهم بالحسنى، يعطيه الرب تجربة، ليستعيد عافيته. ما لم يكن هناك بعض الألم والمرض وغيره، يصير الناس كالوحوش ولا يتعرّفون على الله بالكلية” (الأب باييسيوس)
*سيريس منطقة في شمال اليونان. المقال عن مجلة ΔΙΑΛΟΓΟΣ اليونانية.