شرح دستور الإيمان – 3
القديس نكتاريوس أسقف المدن الخمس
نقلها إلى العربية الأب أنطوان ملكي
45. بماذا نعترف من خلال البند 8 من دستور الإيمان: “وبالروح القدس، الرب، المحيي، المنبثق من الآب، الذي هو مع الآب والابن، مسجود له وممجد، الناطق بالأنبياء”.
بهذا البند، نعترف بأننا نعترف ونؤمن بالروح القدس. هذا لأن الروح القدس هو إله ورب. إنّه الأقنوم الثالث من الثالوث القدوس، مساوٍ في الجوهر للآب، وكما أن الآب إله والابن إله الروح القدس أيضاً إله. إنه ينبثق من الاب. وهو معبود وممجّد مع الآب والابن. إنه معطٍ للحياة يخي كل الطبيعة، ما يتعلّق منها بالفكر أو بالحواس. إنّه ينير كل إنسان يأتي إلى العالم. الروح القدس يمنح كل الأشياء: يقيم الأنبياء، يعلّم الحكمة، يكمّل الأشياء، يشكّل كل مؤسسة الكنيسة، يقيم خدّام العلي المختارين لخدمة ليتورجيا الكنيسة، يشفي المرضى، يكمّل كل نقص، يقيم في الكنيسة في الزمان الآتي ويقودها إلى كامل الحق.
46. ماذا يُسمّى الروح القدس في الكتاب المقدس؟
يسمّى “المعزّي” (يوحنا 26:14، 7:16)، أي “المحامي” و”الذي يعزّي” _يوحنا 10:4)، “القوة” (لوقا 35:1)، “الموهبة” (أفسس 13:1) و”إصبع الله” (متى 28:12 ولوقا 20:11).
47. بماذا نعترف، لغاية الآن، في البنود الثمانية الأوّلى؟
بأننا نؤمن بإله واحد مثلّث الأقانيم: آب وابن وروح قدس، متساوٍ في الجوهر وغير منفصل.
48. ما الذي نقرّ به في البند التاسع: “بكنيسة واحدة مقدسة جامعة رسولية”؟
نقرّ بأننا بعد الإيمان بالإله الثالوثي نؤمن بكنيسة الإله الثالوثي، أي بالمؤسسة الدينية الإلهية التي أسسها المسيح المخلّص وأطلقها الروح القدس يوم العنصرة، وبشكل شامل بالحقائق اللتي تعلّمنا إياها هذه مؤسسة الكنيسة الإلهية أنظمتها وأسرارها ووصاياها، التي بها وحدها الخلاص للعالم. هذا لأن سبب تأسيس الكنيسة ورسالتها في العالم هي استعادة ملكوت الله على الأرض من خلال خلاص الجنس البشري وشركته مع الله.
49. لماذا نقول “نؤمن بالكنيسة”؟
نقول بأننا نؤمن بالكنيسة، إذ من دون الإيمان يستحيل فهم وقبول خلاص الحنس البشري الذي يكتمل فيها، وأيضاً لتقبّل الأسرار التي تُمارَس لخلاص الإنسان وتقديسه كما كلّ الحقائق التي تعلّمها هي. ولأنّه يستحيل فهم أسرار الله علينا أن نؤمن بالكنيسة التي علّمها الروح القدس وثبّتها في قوّة هذه الأسرار وعملها.
50. ماذا نعني بـ”كنيسة واحدة”؟
بقولنا “كنيسة واحدة” نعني هذه المؤسسة الدينية الوحيدة الواحدة التي أسسها وثبّتها على الأرض المسيح المخلّص والروح القدس، والتي راسها هو المسيح. بتعبير آخر، نحن نعني الكنيسة الوحدة المقدسة الجامعة الرسولية التي عريسها المسيح نفسه، وبالتالي حيث يوجد عريس واحد تكون عروس واحدة.
51. هل كل الكنائس التي في العالم تشكّل كنيسة واحدة؟
نعم. كل الكنائس المحلية المنتشرة في العالم تشكّل كنيسة واحدة مقدّسة، لأنّه جميعاً تعترف بالإيمان نفسه، وقد خرجت من الكنيسة نفسها، والتي هي متحدة بها برباط لا ينفك روحياً. المحليّة لا تفكّ وحدة الكنيسة، عندما يوحّد إجماع الروح كل الكنائس.
52. ماذا نعني بـ”كنيسة مقدّسة”؟
عندما نقول “كنيسة مقدسة” نعني ونعترف بأن كنيسة المسيح مقدسة لأن: أ) المخلّص الذي أسسها هو يقدسها إذ يطهّرها بدمه الختص، لكي “يُحْضِرَهَا لِنَفْسِهِ كَنِيسَةً مَجِيدَةً، لاَ دَنَسَ فِيهَا وَلاَ غَضْنَ أَوْ شَيْءٌ مِنْ مِثْلِ ذلِكَ، بَلْ تَكُونُ مُقَدَّسَةً وَبِلاَ عَيْبٍ” (أفسس 27:5) وب) لأنها تأسست وتقدّست بالروح القدس الذي أتى وحلّ عليها وهو يبقى فيها في الحياة الآتية ويقدسها من خلال الكلّ.
53. ما معنى جامعة؟
بقولنا “جامعة” نعني أن هذه المؤسسة الإلهية التي للمسيح المخلّص، كونها موحّدة ومقدّسة، هي جامعة إذ إنّها تضم كل الذين يؤمنون بالمسيح وهي ترنو إلى ضمّ كل الجنس البشري، لكي تقدسه وتخلصه وتتحِده بجسد المسيح. إلى هذا، نعترف بأن كل الكنائس الموجودة في كل مكان، والتي تعترف بالاعتراف نفسه، هي واحدة مع كنيسة المسيح المقدسة وهي كجسده.
54. ما معنى “رسولية”؟
نفهم من خلال هذه الصفة ونعترف بأن الكنيسة الواحدة الجامعة هي الكنيسة التي أسسها الرسل القديسون بين الأمم. نحن نسمّيها رسولية ليس لأن كنيسة المسيح مؤسسة تعود للرسل بل لأنها كنيسة المسيح الواحدة المقدسة الرسولية التي أسسها الرسل أنفسهم.
55. ما معنى “أعترف بمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا”؟
هذا ما نذكره في البند العاشر كم دستور الإيمان، وهو أنّه يوجد معمودية واحدة لا غير لمغفرة الخطايا، معمودية الكنيسة الواحدة الجامعة الرسولية، التي تمارسها بحسب التعليم المعلَن من الرسل وطقوس الكنيسة، وما من معمودية أخرى تمنح غفران الخطايا.
56. ما هو اعترافنا في قولنا ” أترجّى قيامة الموتى”؟
نحن نعترف بأننا نتوقّع قيامة الموتى، التي سوف تتمّ بحسب الكتاب المقدّس في يوم الدينونة، حين يأتي المسيح بمجد فيحاكم العالم، لأنّ كل البشر سوف يقامون بأجسادهم التي اتّخذوها في حياتهم على الأرض.
57. ما الذي نعترف به بإعلاننا في البند الثاني عشر من دستور الإيمان: “وأترجّى قيامة الموتى والحياة في الدهر الآتي. آمين”.
بهذا البند نعترف بأنّ المعتمدين منّا بالمسيح يتوقّعون، بحسب الكتاب المقدّس، حياة مستقبلية أبدية، بلا توقّف ولا نهاية، وهي ختم ومدى العمل الفدائي للمسيح المخلّص.