أين هي الكنيسة؟

أين هي الكنيسة؟

حليم شربك

سألني أحد أصدقائي مرة:”أين هي الكنيسة؟” وقد جاء سؤاله نتيجةَ صمتٍ اعتدناهُ من كنيستنا الأرثوذكسية عندما يَطرأُ أمرٌ يكونُ موضِعَ جَدَلٍ أو خلاف. صمتُ الكنيسةِ هذا يرجِعُ لأسبابٍ عديدة بعضها يتعلقُ بالإكليروس وبعضها الآخر فينا نحن العلمانيين، أما الأسباب المتعلقة بالإكليروس فتتراوحُ بين ما يلي: كنيستنا الأرثوذكسية هي (حسب خبرتي المتواضعة وبعد تعاملٍ ليس بقليلٍ مع كثيرٍ من الإكليركيين) منَ الناحية التنظيمية من أضعف التنظيمات تنظيماً على الإطلاق، فعلى الرغم من وجود التراتبية الإدارية التي يفترض أن تكفل التنظيم المطلوب، إلا أن تحول هذه التراتبية إلى بيروقراطية من ناحية، وتخاذل بعض الإكليركيين في أداء واجباتهم من ناحية أخرى قد ألقى على عاتق الإكليركيين الحقيقيين حِملاً أكبر من طاقتهم مما أدى ويؤدي إلى تراجع في أداء الواجبات وخاصة الواجبات الرعائية، وبالتالي عندما يَطرأ أمرٌ ما على الساحة لا نجد من يَرُد أو يوضح.

الأسباب المتعلقة بالعلمانيين ترجع إلى عدم فهمنا لواقع أن الكنيسة ليست هي الإكليروس بل إنما نحن مع الإكليروس أعضاءُ جسدِ الكنيسة التي رأسها المسيح، والإكليروس بيننا أقلية (من حيث العدد) لذلك يا إخوة يقع على عاتقنا واجبٌ أكبرُ مما نتخيل (أو مما يتخيل البعض). يجب على كلّ واحدٍ فينا أن يأخُذَ دورهُ كعضوٍ في جسدِ الكنيسة وهنا لا بد من ذِكرِ قول الأب باييسيوس الآثوسي:”إذا كنتَ تريد إصلاح الكنيسة فأصلح نفسك أولاً وللتو تكون قد أصلحتَ جزءاً من الكنيسة التي أنتَ عضوٌ فيها”. نعم هناك تقصير في الإكليروس، فهل نقصّر نحن أيضاً ليصبح الخطأ أكبر؟
أرى شخصياً أن الحل يكمن في أن يعيش كلٌّ منّا نحن العلمانيينَ مسيحيتهُ بملئها لأنه كما قال الميتروبوليت جورج خضر:”المشكلة روحية أصلاً”، كما يتوجب على كل واحدٍ فينا أن يجِدَ مجالَ اهتمامه من الناحية الكنسية(تاريخ، عقيدة، ليتورجيا، رسم، ترتيل، آبائيات، كتابيات..إلخ) وأن يَتَبَحَّرّ فيه بحيث يصبح هو منارةً ويخرج من تحت المكيال ليضيء لجميع الذين في البيت ويصبحَ هو قادراً على الرد عندما يُطرَحُ في الساحة سؤالٌ أو جَدَلْ. كفانا يا إخوتي فتوراً وكفانا اتكاليةً لأن الحصادَ كثيرً وأما الفَعَلَةُ فقليلون، هلموا بنا نصبح فَعَلَةً في كرم الرب ولا نقفنَّ متفرجينَ كأنّا لا صوتَ لنا ولا شيءَ عندنا نقدمه لله العليّ معطي المواهب.
أخيراً، لو كان للكنيسةِ فمٌ واحدٌ وسَمِعَتْ من يسأل:”أينَ هي الكنيسة؟” لأجابت:”أجل، أين أنت؟!!”

مقالات أخرى

يوحنا الكوكوزاليس

يوحنا الكوكوزاليس إعداد راهبات دير مار يعقوب “إنّ هدف ترانيم الكنيسة هو جعل شرارة النّعمة المختبئة فينا تشتعل بصورة أسطع وأكثر دفء. فالتّراتيل والمزامّير والتّسابيح الرّوحية قد وُضعت كي تضرم الشّرارة وتحوّلها إلى لهيب” (ثيوفان الناسك) تيتّم يوحنّا في سن

اقرأ المزيد

يهوذا أم بطرس أم يوحنا – الشماس تيودور الغندور

يهوذا أم بطرس أم يوحنا الشماس تيودور الغندور   في فترة الصوم الأربعيني المقدس، نقع كثيرًا على موضوع الخطيئة والتوبة وتضع أمامنا الكنيسة المقدّسة العديد من القديسين كأمثلة عن التوبة كالقديسة مريم المصرية. وأما في الأسبوع العظيم المقدّس فيمكن أن

اقرأ المزيد

ينبغي تربية الأولاد ليبقوا مخلِصين إلى النهاية

ينبغي تربية الأولاد ليبقوا مخلِصين إلى النهاية: مثال أم القديس إكليمندس الأنقري القديس نيقولا فيليميروفيتش نقلتها إلى العربية أمل قرة في أيامنا هذه، كثيراً ما تسمع من الأهل هذه الكلمات: “نريد أن نضمن حياة أولادنا” هذا ما يجعلهم يعملون بجدية

اقرأ المزيد