رسالة محبة
لشبيببة مدارس الأحد الأرثوذكسية في اللاذقية
فرع القدّيس جاورجيوس اللابس الظفر
جيسيكا نصري
المرشد يا إخوتي هو الإنسان المصلي، وهو الحاضر بملئه وكيانه في مذبح الرب وأمامه في كلّ وقت، ومن هنا يبدأ اختيار المرشد ولا مساومة على ذلك. والمرشد يمثّل الالتزام بكافة أشكاله وليس التزاماً نسبياً.
الالتزام يختلف من شخص إلى آخر، فبالنسبة للملاكم هو الخروج من حلبة المصارعة والعودة إليها أكثر من مرة، بدلاً من السقوط عليها. بالنسبة للمتسابق هو الجري أميال أخرى عندما تخور قواه. بالنسبة للجندي هو أن يصعد التل غير عالم ما ينتظره على الجانب الآخر. أمّا بالنسبة للمرشد هو أن يودع راحته ليقدم الراحة للآخرين، هذا اقلّه.
بالنسبة لالتزام المرشد المسؤول فهو أن يحمل كل المعاني السابقة وأكثر، لأن كل الذين يتبعونه يعتمدون عليه، لا أن يعتمد على أهوائه ومصالحه.
وطبيعة الالتزام تبدأ من القلب، فبعض الناس يسعون إلى الكمال، ولكنهم يرفضون إلزام أنفسهم بعمل شيء. ولكن الالتزام يسبق الانجاز. فإذا كنت تريد إحداث تغيير في حياة الآخرين من خلال خدمتك انظر إلى داخل قلبك وابحث هل أنت ملتزم حقاً أم أنّ هذا ما يبدو بالظاهر فقط؟
وحديثي عن الالتزام يختلف عن الالتزام نفسه فالمقياس الوحيد الحقيقي للالتزام هو الفعل. قال احدهم: “ما من شيء أسهل من الكلام، وما من شيء أصعب من تطبيق هذا الكلام يوماً بعد يوم”.
والالتزام يبدأ أولاً عند الشخص نفسه وبين أصدقائه التزاماً كاملاً. وأنا أرى بعيداً عمّا يسمى الإدانة، أن المرشد غير الملتزم وغير الصائن للسانه لا يصلح لأن يكون مرشداً خادماً وإن كان ملتزماً بحضورٍ ما بجسده فقط.
فهل تصدق أن هناك مرشداً نماماً! يوقع الشرّ بأصدقائه ومن يحيط بهم ويقول أشياء لم تحدث؟؟ وشرّ نميمة أن يحمّل أخطائه وضعفاته أحداً آخر مجبراً.
وهذا ما حصل في وسطنا، وتمّ هذا الأمر وحصل جفاء بين صديقين كانت النميمة صراعهما، ولكنهما أدركا بالصداقة المتينة التي كانت بينهما ألاّ يجعلا الجفاء يطول. وعرفا أن هذا النوع النمّام من الأصدقاء- والذي يتواجد في العمل للأسف- لا تهمّه الصداقة بحدّ ذاتها بل بما له من مصلحة فيها، وعرفا أن هناك من هم يهوون الكلام وتلفيق الأحكام على الآخرين والتسلية بأخبار الغير حتى في أوساطنا في الخدمة….!
أمّا أنت إن تعرضت لمثل هذا وظلمك أقرب الأصدقاء وأحبّهم إلى قلبك فلا تشتمه فتنقص إثمه، بل عليك أن تعرّفه أنه يجب أن يعرف ويتأكد أ لا ّيصدق كلّ ما يسمعه وأن لا يحكم على شيء أو شخص من دون تحقق وعتاب، هذا إن كان يهمّه أمرك.
فالكذب مرض اجتماعي يدمّر الثقة بين الناس والأصدقاء. وشهادة الزور شكل من أشكال الكذب، فعندما تتكلم وتشهد ليكن كلامك دقيقاً ونقلك للأمور واضحاً ولا تلقِ ما تفوهت به عبثاً ومن دون قصدٍ على غيرك. فالإنسان الصادق أصلاً شجاع ويستطيع أن يتحمل المسؤولية أما الكذب فهو الحل السهل عند الضعفاء، وإخفاء جزء من الحقيقة أيضا كذباً وهذا يكون بقصد الخداع وإيقاع الضرر بالآخرين
أما الحل لكسر الجفاء وكسب الصديق فهو العتاب الذي يبدد الضيق ويقرّب القلوب ويفرحها، ويعيد وحدة غالية مع الرب يسوع، وهذا ما فعله صديقانا.
وهنا يجب ألا ننسى أن إبليس (الله لعنه) يضخم الأمور ويشوّه الصورة ويحاول هدم حياتنا الاجتماعية والكنسية
فمحبة أخي وصديقي تحركني للعتاب ولكن قبل هذا عليّ أن أسامحه واغفر له لأن الغفران أمر أساسي قبل العتاب. وعندما تعاتب لا تحاسب بل عبّر عن مشاعر الضيق التي حدثت بداخلك بسبب الموقف الذي تمّ. فالعلاقة بين الأصدقاء ليست عتاب فقط بل احترام ومودة، وليتم هذا في الوقت المناسب وبطريقة هادئة وأسلوب وكلام هادئ بعد هدوء الأحوال
أخي المرشد التزم الالتزام بكل معانيه “ولا تصدق كل نميمة” وهذه دعوة دائمة يزرعها الله في العالم ولاسيّما بين المؤمنين لإنقاذ كل من هم في زمن الثرثرة وعدم النضج. رسالة محبّة للجميع نتمنى الاستفادة من خبرتها.