X

بحث في التراث الأرثوذكسي

الــيــاس بــطريــرك الـعـرب

سامر عوض

سيرته

البطريرك إيلياس الرابع (معوض) بطريرك مدينة الله إنطاكية العظمى وسائر المشرق، أنطاكية هي الكرسي البطريركي الثالث بعد القسطنطينية والإسكندرية، والبطريرك إيلياس هو البطريرك الـ 170 بعد بطرس الرسول أول أسقف إعتلى سدة أنطاكية بين عامي (45-53) والبطريرك العربي السادس بعد البطريرك ملاتيوس الثاني (1899-1906) والبطريرك غريغوريوس الرابع (1906-1928) والبطريرك أرسانيوس (1931) والبطريرك ألكسندروس الثالث (1931-1958) والبطريرك ثيوذوسيوس السادس (1958-1970)، ثالث عشر الرسل القديسين الأطهار بطريرك مدينة الله أنطاكية العظمى.

ولد إيلياس بن دياب معوض عام 1914 في مدينة أرصون (المتن الجنوبي – لبنان) وتلقى علومه الإبتدائية والثانوية في دير القديس جاورجيوس (دير الحرف) التابع لأبرشية جبيل والبترون (جبل لبنان)، وفي مدارس الطائفة في دمشق وحمص.
لبس الثوب الإكليركي عام 1927 على عهد البطريرك غريغوريوس الرابع (حداد) ولقد أرسله البطريرك ألكسندروس الثالث (طحان) عام 1934 إلى معهد خالكي اللاهوتي قرب استانبول، وحاز على شهادة اللاهوت عام 1939
عُيّن مديراً لمدرسة البلمند الإكليركية وسيم كاهناً ورقّي إلى درجة الأرشمندريتية عام 1941، ودرَّس الأدب العربي في المدرسة الآسية الأرثوذكسية بدمشق، وفي عام 1947 انتدب إلى البرازيل لرعاية الجالية العربية في ريو دي جانيرو، وبقي هنالك ثلاث سنوات إلى أن انتخبه المجمع الأنطاكي المقدس راعياً لأبرشية حلب عام 1950 خلفاً للمثلث الرحمات المطران روفائيل نمر (1912-1950)
مثّل الكنيسة الأرثوذكسية الأنطاكية، في مؤتمرات أرثوذكسية عامة في رودس(1961-1963-1964) وفي جنيف في سويسرا (1968) كما واشترك في أعمال الندوة العالمية للمسيحيين من أجل فلسطين في بيروت (7-10 أيار 1970) وحينها ألقيت باسم الكنيسة الأرثوذكسية كلمتين واحدة بالفرنسية لسيادة المطران جورج (خضر) وأخرى بالعربية للمطران إيلياس (معوض) مطران حلب، عبر من خلالها عن مأساتين مرّتا بفلسطين بصلب المسيح منذ حوالي الألفي عام، وبإغتصاب الأرض وانتهاك المقدسات باحتلال الصهاينة لفلسطين، وقد أظهر المطران معوض في كلمته الجانب الإنساني لقضية فلسطين كما وبيّن حينها الموقف السلبي للغرب (المسيحي) من القضية الفلسطينية وأنهى كلمته بقول مؤثر: “فلسطين ستبقى لنا، وستبقى ما دمنا نؤمن بحقنا وندافع بأرواحنا عنها”.
ترأس المطران الياس عام 1969 نيابة عن البطريرك ثيوذوسيوس السادس الخدمة الإلهية لرسامة الأرشمندريت قسطنطين باباستيفانو مطراناً على بغداد والكويت، والأرشمندريت ألكسي عبد الكريم مطراناً على حمص.
وقد لعب المطران الياس قي حلب دوراً بارزاً على صعيد العلاقات مع الطوائف الشقيقة، وتبؤا مكانة كبيرة بين مطارنة حلب فجمع أواصر المحبة معهم، وكانت له في حلب علاقة طيبة مع مفتيها.
انتخب المطران إيلياس قائمقاماً بطريركياً عقب وفاة البطريرك ثيوذوسيوس السادس (أبو رجيلي) في 19/9/1970 وانتخب بعد ذلك بطريركاً في 25/9 وتم التنصيب في 27 منه، وإعتلى السدة البطريركية تحت إسم إيلياس الرابع بعد أن تعاقب على الكرسي الأنطاكي بطاركة تحت إسم إيلياس في القرون التاسع، الحادي عشر والثاني عشر
زار اليونان في عام 1971 وفي 1972 وبتاريخ 22 حزيران 1972 ترأس غبطته المجمع الذي وضع النظام الأساسي الجديد لكنيسة أنطاكية، وفي عام 1974 ترأس الوفد المسيحي المكون من أساقفة وكهنة ينتمون إلى طوائف عدة في لاهور (باكستان) كما وزار المملكة العربية السعودية في عام 1975 وإلتقى الملك الراحل خالد بن عبد العزيز وبحث معه قضايا عربية، واقترح على الملك عقد مؤتمر مسيحي إسلامي للبحث في مسألة القدس، إهتم غبطته بتشديد أواصر الأخوة في العالم الأرثوذكسي فزار الكنائس المستقلة والبطريركيات وكان العين الساهرة على أبرشيات المهجر ليعزز من إرتباطها بكنيستها الأم، فتفقد الكنيسة الأرثوذكسية في الأمريكيتين عام 1977 وزار أمريكا اللاتينية سنة 1978.
دافع البطريرك إيلياس عن قضية العرب الأولى فلسطين فاستحق بحق لقب بطريرك العرب، كل العرب من المحيط إلى الخليج، مسيحيين ومسلمين، فكان بطريرك إنسانية العرب، بطريرك الضمير العربي، وحمل هاجس فلسطين الأرض والشعب كل حياته
رقد البطريرك إيلياس بالرب في 21/6/1979 إثر نوبة قلبية حادة، وقد نعاه مطارنة المجمع المقدس، آباء الكنيسة الأنطاكية إلى العالم أجمع، وبذلك طويت صفحة رجل مرَّ من المتن إلى إستنبول فحلب مطراناً فمدينة الله أنطاكية بطريركاً
أجريت مراسم الدفن بحضور ممثلين عن الكنائس المسيحية من سوريا ولبنان والأردن ومصر، ورئيس الوزراء السوري محمد علي الحلبي ممثلاً الرئيس حافظ الأسد، ورئيس الوزراء اللبناني سليم الحص ممثلاً الرئيس الياس سركيس وممثل عن الزعيم الليبي معمر القذافي وممثل عن منظمة التحرير الفلسطينية، وعدد من الوزراء والنواب السوريين واللبنانيين وعدد من السفراء ممثلي عدد من الملوك والرؤساء وعقب انتهاء مراسم الدفن قلد الحلبي البطريرك وسام أمية الذي منحه إياه الرئيس الأسد كما قلده الحص وشاح الأرز الذي منحه إياه الرئيس سركيس وبعد ذلك وري البطريرك الثرى في مدفن البطاركة الأنطاكيين في دمشق بعد أن انتقل إليها مركز البطريركية عام 1342 على عهد البطريرك إغناطيوس الثاني وهو البطريرك الأول الذي أقام في دمشق
وخلف غبطته، مطران اللاذقية حينها إغناطيوس (هزيم) الذي انتخب بطريركاً في 2/7 وتم تنصيبه في 8/7 تحت إسم إغناطيوس الرابع (هزيم)

مؤلفاته

أ- الكتب:

1-      الآباء الرسوليون، كتاب صادر عن منشورات النور بالاشتراك مع رابطة الدراسات اللاهوتية في الشرق الأوسط في عام 1970، نقله عن اليونانية المطران إيلياس (معوض)، ويضم بين دفتيه نصوصاً قديمة تعود إلى القرون الأولى مع تعليق ودراسة عنها وعن هوية كاتبها، بما يختص: إقليمس أسقف رومية، تعليم الرسل الإثني عشر، رسالة برنابا، رسائل إغناطيوس الأنطاكي، بوليكربوس أسقف أزمير، الراعي لهرماس بما يضم من رؤى ووصايا وأمثال
2-      في المعمودية، للقديس يوحنا الذهبي الفم، صدر في عام 1975، نقله عن اليونانية البطريرك إيلياس (الرابع)، يتألف الكتاب من ثماني مواعظ في المعمودية، ففي الأولى يصف الذهبي الفم المعمودية بأنها زواج روحي بين النفس والمسيح ويبين كيفية عيش الحياة في المسيح بصورة عملية، أما في الموعظة الثانية فيسرد تعليمه للمدعوين مفصلاً عن مخطط الخلاص والرحمة الإلهية وأن عدل الله يظهر جلياً من خلال قصاص آدم، ويشرح طقس العماد وما يتبعه من مناولة جسد الرب ودمه الكريمين ومسح الجبين والجسد بالزيت المقدس، أما الموعظة الثالثة فتبين أن المعمودية فرح المؤمنين لتسربلهم بالنعيم الإلهي، بينما تبين لنا الموعظتان الرابعة والخامسة الواجبات الأخلاقية المفروضة على المستنيرين (فإذا كان أحدنا في المسيح فهو خلقة جديدة) فالمعمد نور يضيء قدام الناس من خلال أعماله التي تمجد الآب الذي في السماوات. فالمؤمن مصلوب على صليب أهوائه وما بعد الصلب إلا القيامة. أما في الموعظة السادسة فيحذرنا الذهبي الفم من ارتياد المسارح والملاهي وما يسببه ذلك من تأثيرات سلبية على المؤمنين، أما الموعظة السابعة فتتحدث عن بقايا القديسين ومدى فائدتها للمؤمنين. وفي الموعظة الثامنة يمدح القديس يوحنا المؤمن المتمسك بالخيرات السماوية ويرسم منهجاً للحياة المسيحية.
3-      بولس الرسول، للكاتب جوزيف هولزنر، نقله إلى العربية المطران إيلياس (معوض)، يبحث الكتاب في شخصية بولس ذا الثقافة اليهودية والهوية الرومانية وقصة اعتناقه المسيحية وإهتدائه على طريق دمشق وأسفاره التبشيرية ورسائله إلى تلاميذه والكنائس المنتشرة واهتمامه بالمسيحيين ورحلاته إلى روما وغير ذلك من التفاصيل. وفق إسلوب يعود بالقارئ إلى زمان ومكان بولس بما يحمله الكتاب من دقائق وتاريخ تساعد المؤمن على فهم لاهوت بولس وكيفية العيش وفق منطق وفكر المسيح بالإضافة إلى معلومات تاريخية وجغرافية تخص الأماكن التي زارها بولس. ويعد الكتاب الأوسع من ناحية التكلم عن الرسول بولس في لغتنا العربية فبولس لم يكن معلماً فحسب بل رسولاً نقل ما عند الله إلى بني البشر.
4-      الجبل المقدس آثوس، لبابانطونيو، نقله عن اليونانية البطريرك إيلياس (الرابع)، ويتألف من فصول عدة تتحدث عن الجبل المقدس وعاصمته ومينائه وبعض أديرته ونمط النسك فيه وحياته الرهبانية ويسرد سير بعض الذين نسكوا في الجبل المقدس وتقدسوا ويشرح عن الهدوئية وسيكولوجيا الرهبان ويشرح الكتاب الفن الأيقونوغرافي في الجبل ويتحدث عن أقسام الجبل.
5-      مختارات من أدب آباء الكنيسة، ويتضمن خمسة أبحاث للقديس باسيليوس الكبير (القرن الرابع) وعشرة للقديس سمعان اللاهوتي الحديث (القرن الحادي عشر) وذلك وفق صياغة آبائية تراعي القارئ وتطلعه على أمور لاهوتية من منظار آبائي.
6-      الحياة في المسيح، للقديس نيقولاوس كاباسيلاس، نقله عن اليونانية البطريرك إيلياس (الرابع) وصدر عن منشورات النور عام 1982 أي بعد وفاته بثلاث سنوات وأعيدت طباعته عام 2002 ويتحدث الكتاب بخلاصات عدة عما يعيشه المؤمن من وسائل الخلاص ليس بالمفهوم العلمي فحسب بل بالمعنى الحياتي أيضاً الذي يتمكن المؤمن من خلاله للوصول إلى الله.
7-      طريق النعمة
8-      كتاب حول الشعر اليوناني الحديث

ب‌- المقالات:

1- الإتجاهات الجديدة في اللاهوت الأرثوذكسي، ويتكلم عن التقليد ومدى أهميته وتأثيره وكيفية فهمه والتعامل معه وقد ذكرت المقالة التعليم العقائدي من خلال المجامع المسكونية السبعة وتطور اللاهوت الأرثوذكسي على مر العصور من القرون الأولى حتى ظهور الإتجاهات اللاهوتية الحديثة.

2- أناشيد في يهوذا،للقديس رومانوس المرنم، ترجمها المطران إيلياس وهي عبارة عن سبع مقاطع تتحدث عن يهوذا وغشه وخيانته للسيد وتسليمه المسيح وتحوله من خروف إلة ذئب يهجم كالوحش على الراعي وتسرد الأناشيد حسرة يهوذا بأسلوب التأمل وتختم بتوسل إلى الله لكي يرحمنا ويهبنا أن نعرف دائماً طريق الحق لنسير عليه ونصل إلى المسيح.

3- التحرر من الأهواء، القديس إسحق السرياني، فالتحرر من الأهواء يتم عن طريق احتقار الذات وعدم القنية فهما أداتان للحصول على الصبر والانعتاق من سلطان الشرير فبالصبر يتحرر المؤمن من الأهواء وإن أحسن إستخدامه فالألم الشديد يطهر النفس من الخطيئة كما الدواء يزيل الداء من الجسد.

4- رسالة القيامة، وهي رسالة وجهها البطريرك إيلياس بمناسبة عيد القيامة عام 197 وبدأها بالقول: “القيامة هي الحدث العجيب الذي وضع حداً لحيرة الفكر”، بين غبطته المدى الكبير لتأثير القيامة على الكون من بشر ومخلوقات وأن هنالك حاجة كبيرة ليحيا البشر القيامة من خلال أفعالهم وأقوالهم وأشارت الرسالة إلى الشعب الفلسطيني وأن قضيته ليست قضية شعب بل قضية الإنسانية برمتها.

5- صياغة كياننا تجعلنا قوة تتحدى البطل، ويبين المقال أهمية معرفة الإنسان لذاته لكي يتمكن من صياغتها فحقيقة النفس الإنسانية هي المحبة التي تطبع الإنسان بفكر الله والمسيح هو المثال الأسمى للمحبة حين بذل ذاته على الصليب من أجل العالم، فبين الله والإنسان عهد محبة على المؤمن تحقيقه بأن يمارسها في حياته فيتغلب على الشرير فيتحرر المسيحيون وتتحرر الإنسانية جمعاء فتعيش الحق.

6- قيامة الرب في المجدلية، جزء من عظة إثنين الباعوث في الكاتدرائية المريمية لغبطة البطريرك وفيها يؤكد أن ما حدث للمجدلية هو صورة حية لما يمكن أن تجترح محبة المسيح لنا نحن البشر فالإنسان ذا مصدر إلهي ولذلك يحتوي في حياته أن يكون إلهاً مع أنه مخلوق والحرية هي جوهر التعبير عن الله، والمسيح يقف صامتاً صمت الله وصمته جمال يتكلم في الطبيعة من خلالها فكأن صمته يتكلم ويجترح العجائب في كيان المجدلية المغرورة فتحولها الداخلي قيامة عظمة تريك قيامة الإنسانية كلها فالمجدلية هي الرسم الأخير لما ستصير إليه الإنسانية وما يشتاق إليه الرب.

7- لماذا قبل الله أن يتألم، هذه المقالة نشرت عقب وفاة البطريرك إيلياس ويسأل فيها لمذا تألم الله ومات؟ ألم يكن من المستطاع أن يخلص العالم بدون العذاب والألم والموت لكن الله هو إله محبة وحرية ومن طبيعتهما أن يبقيا في ألم دائم لأن الألم هو الصفة الجوهرية التي ترافق جوهر الأزل المستمر في أزلية الخلق والإبداع الذاتية وعملية الخلق الدائم تفترض مخاضاً أبدياً وألماً أزلياً والمحبة الكاملة هي المنتهى الحتمي للذين يتعذبون.

المراجع:

1- الكتب

• أثناسيو، الأرشمندريت د. متري هاجي، موسوعة بطريركية أنطاكية التاريخية والأثرية،
• بيطار، الأرشمندريت توما، سير القديسين (السنكسار)، الجزء الأول
• بيطار، الأرشمندريت توما، سير القديسين (السنكسار)، الجزء الثاني
• إدارة مجلة النعمة، تقويم النعمة، 1964
• ديك، الأرشمندريت د. إغناطيوس، الحضور المسيحي في حلب في الألفين المنصرمين
• كاباسيلاس، القديس نيقولاوس، الحياة في المسيح، تعريب البطريرك الياس الرابع
• الذهبي الفم، القديس يوحنا، في المعمودية، تعريب البطريرك الياس الرابع
• معوض، البطريرك الياس، مختارات من أدب آباء الكنيسة
• هولزنر، جوزيف، بولس الرسول ، تعريب البطريرك الياس الرابع
• الآباء الرسوليون، تعريب البطريرك الياس الرابع
• أبو زيدان، مشيل، في الذكرى الخامسة لانتقال المثلث الرحمات المطران ألكسي عبد الكريم غلى الأخدار السماوية

2- المجلات

• مجلة النور، العدد 7،عام 1979

• مجلة النور، العدد 1،عام 1971

• مجلة النور، العدد 9،عام 1969

• مجلة النور، العدد 3،عام 1971

• مجلة النور، العدد 6،عام 1971

• مجلة النور، العدد 1،عام 1972 (يونان)

• مجلة النور، العدد 5،عام 1979 (روسيا)

• مجلة النور، العدد 7،عام 1978

• مجلة النور، العدد 9،عام 1964

• مجلة الكلمة، العدد 3، عام 1991

admin:
Related Post