طبيعة الكنيسة
إعداد الأب جورج يوسف
نعلن في دستور الإيمان: أومن باله واحد… وبكنيسة واحدة، جامعة، مقدّسة، رسوليّة…
واحدة ← المسيح واحد (جسد المسيح ) صورة الرأس و الأعضاء.
جامعة ← تجمع كلّ البشر أحياء وأموات والملائكة أيضاً.
مقدّسة ← معصومة بالروح القدس.
رسوليّة ← وصلت إلينا عن طريق الرسل.
المسيح، بتجسّده من العذراء مريم وعمله التدبيري الخلاصي من فداء وقيامة وصعود وإرسال الروح القدس، وضع الأساس: “لا يستطيع أحد أن يضع أساساً غير الّذي وضع الذي هو يسوع المسيح ” (كور11:3)
هذا الأساس يصل إلينا عبر الكلمة المعبَّر عنها في الإنجيل مقروءاً أو مدروساً في اجتماعات، وعظ أو محاضرات. ومسكوباً ومعاشاً في طقوس عباديّة في خدم ليتورجيّة. هذا الأساس ينقله الروح القدس ويبني عليه. الروح القدس هو الذي ينشىء الكنيسة أي هيكل الله، حضور الله في العالم. الروح القدس يشكّل المسيح فينا لهذا فأسرار الكنيسة (معموديّة، ميرون، زواج، كهنوت، زيت، توبة) هي مبنيّة على كلمة المسيح ومحققة بالروح القدس. أمثلة:
– عندما قال المسيح “خذوا كلوا هذا هو جسدي… واشربوا منه كلّكم هذا هو دمي لمغفرة الخطايا “، أسّس سرّ الشكر. كلامه هذا هو كلام التأسيس الذي أوجد هذا السرّ. أمّا اليوم، وبعد صعود المسيح، فالروح القدس هو الذي يبني على هذا الأساس، أي أنّه هو الذي يحوّل الخبز الى جسد المسيح والخمر الى دمه. اذاً، فالمسيح يظهر ويشكّل انطلاقاٌ من خبز وخمر بنفحة الروح القدس ونزوله على القرابين وعلى الجماعة.
– كلام الله للإنسان في الفردوس: “تكثران وتملآن الأرض” أسس الزواج وجعله ممكناً. إلاّ أنّ اتّصال المرأة بالرجل هو الذي يحقق كلمة الله. الروح القدس هو إذاً المحقِّق لحضور المسيح.
أنت بالمعموديّة تصبح عضواّ في جسد المسيح (الكنيسة)، ولكن يجب أن تثبِّت عضويتَك للمسيح بالقداسة (الروح القدس). يجب أن تنمو يومياً بالروح القدس، أي أن يعيش المسيحيون المحبّة بين بعضهم البعض ليحققوا شركة الروح القدس. هذا النمو لا يتحقق إلاّ بالميرون الذي هو ميثاق مع الله وختم لموهبة الروح القدس.
“روح القداسة تتمّ عن طريق توزيع المواهب المختلفة لكلّ واحد منّا (1 كورنثس 27:12)”
الموهبة العامّة هي أن الكنيسة تتشكّل من شعب الله، أي العلمانيين Laos ، وهذه العضوية في شعب الله تكون ضمن هذه الشركة للمواهب المتعددة وتآزرها مع بعضها البعض. فتخرج هذه الجماعة المؤمنة الزمنيّة التي تعيش في هذا التاريخ لتصبح جماعة الهية أبديّة عن طريق الروح القدس الذي حلّ فيها. وهو الذي يعطيها قوّة حتّى تشهد للمسيح في العالم. وبقدر ما يصيرون شعباً لله يعملون في العالم دون أن يتأثروا بتقلّباته.
من هنا يجب علينا أن نتحمّل بعضنا بعضاً كمل يقول بولس الرسول في رسالته الى أهل رومية (6:12) وأن نقبل الموهبة التي في الاخر دون أن نحسده. هذه الشركة بين أصحاب المواهب تتوطد على قدر التفافنا حول المائدة المقدّسة، مائدة القرابين حيث يتغذى أصحاب المواهب لينتقلوا الى العالم. إنّ تناولنا لجسد ودم إبن الله هو تناولنا للروح القدس، لقوّة الروح القدس، فجسد المسيح ابن الله يجمعنا بمعنى أنّ كلامنا يزداد في موهبته وهكذا يرتفع مستوى الكنيسة. فغاية المناولة هي أن تتشكّل الكنيسة، وأن تتوحّد الكنيسة.
لأنّنا بتناولنا الجسد ننضم الى إبن الله الجالس في السماوات فينمو جسده وينمو كلّ منّا بموهبته الخاصة وتنتقل الكنيسة من جسم مبعثر غارق في الدنيويّات والخطايا والشهوات الى جسم مروحن أكثر فأكثر، أي معبأ بقوة الروح القدس.
القداسة هي الهدف من توحدنا مع بعضنا البعض. لا أحد يفهم إلاّ على قدر ما يتقدّس. لوحده يجب عليه أن يحب لكي يتقدّس فالذي لا يحب ليس عنده شيء.
إذا أحبّت هذه الجماعة الموجودة هنا بعضها بعضاً حقيقةً وفي الأعماق وإذا تطهر كلّ واحد فيها من شهواته تصبح هي المسيح وتصبح قادرة على الفهم، لأنّ المسيح يفهم “لنحب بعضنا بعضاً لكي بعزم واحد نعترف مقرّين بأب وإبن وروح قدس… ” المحبّة شرط المعرفة ومفتاح المعرفة. فمثلاً إذا كنت أتعاطى شهواتي المختلفة من بغض وحسد وإغراء… وبعد ذلك أذهب لأقوم بإجتماع ديني هذا غير ممكن ولا أستطيع أن أؤثّر في الجماعة لأنّ أقوالي غير أفعالي.
لماذا المسيحيّون متقاعسون ومتكاسلون ؟ الجواب لأنّهم لا يحبّون الله أو لأنّ خطاياهم تمنعهم من النّشاط.
فالشركة تتقوّى بالمحبّة اليوميّة العمليّة.
حديث في فرقة حركيّة