الضمير المسيحي
عندما يكتسب الإنسان ضميراً مسيحياً، يبدأ بالعمل بغيرة لتصحيح حياته وإرضاء الله. بالنسبة له، كل شيء غير هذا يصير قليل الأهمية. لدينا أمثلة عن رجال كهذا، ليس فقط بين النسّاك العظام والآباء الروحيين، بل أيضاً بين الحكّام الأقوياء أنفسهم. الإمبراطور ثيوذوسيوس الكبير يعطينا مثالاً إذ إنه سقط لوقت قصير في الهرطقة لكنّه تاب من بعدها. القديس أمبروسيوس، يتحدّث عن هذا الإمبراطور في أوائل تعليقه عن جسده الفاقد الحياة: “أحببت هذا الرجل الذي توسّل المغفرة علناً في الكنيسة بعد أن جرّد نفسه من كلّ الشارات الإمبراطورية نائحاً على خطاياه بتنهدات ودموع. ما يخجل الرجال العاديون من فعله، لم يستحِ الإمبراطور من القيام به. بعد انتصاره المجيد على أعداء الإمبراطورية، قرّر ألاّ يقترب من المناولة المقدّسة… لأنّ أعداءه قد ذُبِحوا في المعركة”.
شهادة الروح القدس
الله يعرف حدود احتمالنا
إذا مرّت حياتك كلّها بسلاسة ومن دون هموم، إذاً اندبْ نفسَك. فالإنجيل وخبرة الناس يؤكّدان باتفاق أنّ ما من إنسان ترك على الأرض عملاً نافعاً أو تمجّد في السماوات من غير عذاب وألم. بينما إذا كانت رحلتك الأرضية قد تزيّنت بالكليّة بالعرق والدموع لبلوغ العدل والحق، فافرح ولتكن سعادتك مفرطة لأن بالحقيقة مكافأتك عظيمة في السماوات. الله يعرف تماماً مدى احتمال الإنسان، وبحسب ذلك يقيس العذابات والآلام لكل واحد. يقول القديس نيل سورسكي: “عندما يكون الناس يعرفون كم يستطيع حصان أو حمار أو جمل أن يحمل وعلى هذا الأساس يحملونه بحسب قوته، وعندما يكون الفخّار ملمّاً بكم من الوقت يسنبغي أن يترك الطين في الأتون كي لا يفرط ولا يحترق، فكم بالحري الله يعرف كم من التجارب تستطيع النفس أن تحتمل لتتهيأ وتصير أهلاً لملكوت السماوات”.