قيامة المسيح هي إبادة الموت
المتقدّم في الكهنة جورج ميتالينوس
نقلها إلى العربية الأب أنطوان ملكي
الحدث الأكثر أهمية في التاريخ هو قيامة المسيح. إنه حدث يميّز المسيحية عن كل الأديان الأخرى التي أسسها قادة مائتون، بينما رأس الكنيسة هو المسيح القائم من بين الأموات. “قيامة المسيح” تعني تألّه الطبيعة البشرية وقيامتها، والرجاء بتألّه أقنومنا وقيامته. كون الدواء اكتُشِف، إذاً هناك رجاء بالحياة.
بقيامة المسيح، كلا الحياة والموت يأخذان معنى جديداً. “الحياة” الآن تعني الشركة مع الله. لم يعد “الموت” نهاية هذه الحياة الحاضرة، بل هو ابتعاد الإنسان عن المسيح. انفصال النفس عن الجسد المائت لم يعد يُنظَر إليه على أنه “موت”؛ إنه هجوع مؤقّت.
إن قيامة المسيح هي ما يثبت فرادته واستثنائيته كمخلّص قادر على أن يحيينا فعلاً ويبثّ في حياتنا الفانية حياته الغالبة للموت. المسيح واحد؛ القيامة واحدة؛ وإمكانية الخلاص-التألّه هي واحدة أيضاً. لهذا السبب، أملنا بأن نتخطّى كل التجارب التي تلخبط حياتنا موجّه نحو المسيح؛ مسيح القديسين، مسيح التاريخ.
“المسيح” المشوّه الموجود في الهرطقات أو المسيح “المستَنسَب” الموجود في أديان العصر الجديد التوفيقية الشمولية، ما هو إلا رفض للمسيح الحقيقي، كما للخلاص الذي يمنحه. مسيح قديسينا هو أيضاً مسيح التاريخ، وهو يستبعد كل إمكانيات الخلط بينه وبين البدائل الخلاصية التي يتمّ اختراعها لتضليل الشعوب؛ إذ إن الطريقة الوحيدة التي بها يمكن للخديعة أن تمسك بما هو احتيالي: بتسهيل سيطرة قوى ضد المسيح (التي تسربت إلى كل شيء حتّى إلى الكنيسة)، القوى التي بالرغم من أنها تنشر الموت في طريق الشعوب، تظهر “كملائكة النور” و”خدّام العدالة”.
عندما ندرس خبرة قديسينا، نعرف أنه ما من وجود أكثر بؤساً من وجود “الذين لا رجاء لهم” (رجاء القيامة)، لكونهم يرون أن الموت البيولوجي هو الهلاك والنهاية. للأسف، لقد استسلم العلم لهذه الحالة المأساوية، بسعيه المستقتِل إلى أساليب لإطالة عمر الإنسان والإيحاء بأنه قادر على تخطي الموت الطبيعي. إلى هذا، على نفس المستوى من البؤس هم أولئك، وحتى المسيحيون منهم، الذين أُسِروا بالرؤى الألفية “المُحكَمَة” عن سعادة كونية وأخروية فاترة، وبالتالي فقدوا معنى القيامة الحقيقي مُضَحّين بما هو فوق الكوني من أجل ما نهايته في الكون، بالأبدي من أجل الزائل.
قيامة المسيح كقيامة الإنسان وكل الخليقة تكتسب معنى فقط في إطار مفهوم الفداء الآبائي؛ بتعبير آخر، في الصلب والاشتراك في القيامة مع المسيح. هكذا حفظت الأرثوذكسية القيامة في التاريخ. في إخلاصها الأبدي للقيامة، تميّزت الأرثوذكسية بأنها “كنيسة القيامة” لكونها شيّدت كل حضورها التاريخي على أساس القيامة، مطعّمَةً وعي شعوبها برجاء القيامة، وهذا حقيقة ظاهرة في استمرارها الحضاري. هذه الشعوب، تعلّمت أن تبدد على ضوء القيامة الظلمة التي تخللت سني العبودية (كالحكم التركي في اليونان والشيوعي في روسيا) التي خلالها لم يتردد الشعب عن تكرار “المسيح قام”، راجين قيامة مجتمعاتهم معه.
ضمن هذا الإطار تأتي الدعوة المملوءة رجاءً “هلمّوا خذوا نوراً”. إنها دعوة إلى النور القيامي غير المخلوق الذي يُمنَح فقط للذين طهّروا قلوبهم من الرذائل والأهواء. من دون “تطهير” القلب، أي التوبة، يعجز المرء عن الاشتراك بنور القيامة. التوبة هي السمو فوق الخطيئة التي هي سبب موتنا.
هذا هو الواقع الذي يذكّرنا به القول الرهباني المتميّز: “إذا متَّ قبل أن تموت، فلن تموت عندما تموت”.
المسيح قام