نصائح روحية
القديس رافائيل الذي في جزيرة ميتيليني
نقلها إلى العربية الأب أنطوان ملكي
المسيح ونحن
لا توجد بَرَكة إلا حيث يسكن المسيح. حيث يبارك المسيح تكون الراحة السماوية. وحيث يدير المسيح نظره الكريم يكون الفرح الحقيقي الذي لا يوصَف. بمحبته غير المنقطعة واتضاعه العظيم، وبمعجزاته، يحبّنا المسيح منبّهاً إيانا بشكل غير مرئي ومذكّراً بوجود حياة في ملكوت السماوات.
طريق المسيح
طريق المسيح صعب بعض الشيء، لكن بالصبر والإرادة والتواضع يتقدّم الإنسان… هناك محن وألم من دونها يستحيل أن يجد الإنسان الطريق مفتوحاً إلى خير نفسه.
التوبة والتجدد
أن يكون المرء في حالة من العبودية للخطيئة وأن تقف كآبته حاجزاً يمنعه من التركيز، يعني أنه لم يتجدد بمخلصنا يسوع المسيح وأنه بعيد عنه. لكن انبعاثه الروحي يكون عندما “يرجع إلى ذاته” ويشعر بأن روحه بعيدة عن الله ويدرك خطيئته، ويتضرّع إلى أبينا السماوي بدموع التوبة ليغفر له ويعيده إلى فرح مسيحنا الإلهي.
الاهتمام الروحي
عندما يمارس المسيحي الاهتمام اليَقِظ، يشفي روحه ولا يسمح لها بالضياع… لا تتركوا أرواحكم تضلّ في مادة هذا العالم وفي أشيائه الفانية. ليس للحياة قيمة إن لم نهتمّ بأرواحنا. لهذا، لا تتركوا أرواحكم تضلً فتخسروها. اقرؤوا الأناجيل بعناية، لأن هذه كُتبَت بنعمة الله ومجده ليقرأها المؤمنون فتتألّق حياتهم.
في أيام أعياد القديسين، على المسيحيين أن يصلّوا بحرارة أكبر بندم ومحبة ويتوسّلوا شفاعة القديس أمام الله لخلاص نفوسهم. عند المسيحيين، أعياد القديس هي رسائل وقورة لتذكيرهم بالعذابات العظيمة التي اختبرها القديسون بسبب الإيمان بالمسيح. لقد مجّدهم الله فاتّسع لهم مكان في ملكوت السماوات. فلنكرّم القديسين ونطلب مساعدتهم، لكي يقوونا في صلاتنا، ونصير أكثر اطمئناناً إلى أن صلاتنا مسموعة من الله.
النفس البريئة بلا سوء في داخلها. الرداءة صفة الشرير الذي يسعى بكل وسائل الشرّ إلى تحويل الإنسان عن طريق الفضيلة وعن الله. بالتالي، نحتاج إلى انتباه وجهد عظيمين لكي تسود النفس روح بريئة طاهرة. كم من الاهتمام يمارس الناس ليخلّصوا نفوسهم؟ ما هي الأدوية التي يستعملونها ليحموا أنفسهم من جراثيم الخطيئة التي تهاجمها وتهددها؟ ومع هذا، أشار السيّد إلى العلاجات: المحبة، الصلاة الحارّة، والتواضع. على الناس أن يستعملوها كلها، ملتمسين في الوقت نفسه معونة الله التي بها وحدها تتجدد النفس وتتحرر من جراثيم الخطيئة… ينبغي التخلّص من خطيئة النفس: العُجب، الطمع، قلة الصبر، والتخيّل الرديء.
افحصْ نفسك واسعَ إلى تزيينها بالمحبة والتواضع والحنو والرجاء. اطلبْ إعادة ولادة لذاتك، متنوّراً بصوت الإنجيل ومستعيناً بالله. تقدّم، بخوف الآب السماوي ومحبته، إلى بذر بذور كلمة الله في أرض جيدة. تعهّد الموهبة التي أعطاك إياها المسيح لخلاص نفسك.
علينا أن نطيع الله
للتقدّم على طريق المسيح، يحتاج الإنسان إلى طاعة وصايا الله، إلى جانب أمور أساسية أخرى. اتبعوا الطريق المستقيمة التي رسمها ربنا يسوع المسيح، ولا تتركوا الخطيئة تطوّق أنفسكم… الطريق التي تتبعها أغلب المجتمعات اليوم موجَّهة نحو الخطيئة. سبب هذا هو تطور فهم خاطئ للحضارة يجهد الرؤساء لتوجيه الجنس البشري إليه، محاولين أن يخلقوا طريقة جديدة للحياة مختلفة عن تلك التي وصفها الربّ.
أحبوا إخوتكم وسامحوهم
من بين واجباتكم الدينية محبة الإخوة ومسامحتهم. إذا قمتم بذلك، تمتلئون فرحاً وصحة في النفس والجسد. سامحوا وصلّوا لكي تكون حياتكم هادئة. لا تفعلوا لإخوتكم ما لا تريدونهم أن يفعلوه لكم، ولا تردّوا الشر بشر. الأعمال الحسنة والمحبة نحو القريب تؤدّي إلى نهاية مقدسة لكل الذين يتضرّعون في داخلهم: “خلصني يا مسيحي”. بالصلاة والمحبة يخلصون.
إن عندكم لتأكلوا، فدائماً اعطوا الفقير ليأكل.
اسألوا الغفران من الله
توسّلوا دائماً إلى الله ليسامحكم. إنه يعرف كل الأعمال المخفية والأفكار التي لا يعترف بها الناس، ربما خجلاً أو لافتقادهم للقوة لقول الحقيقة.
تعهدوا الصبر
الصبر عطية إلهية، منحة من الآب السماوي… بالصبر ومحبة الإخوة تنتصرون على تجارب الحياة المستمرّة. عندما يُفتَقَد الصبر، يخمد صلاح النفس وتنمو الخطيئة. الصبر يزيّن النفس بماسات ليست من الأرض بل من أورشليم العلوية. الصبر يزيد من طاعة الكلمات الإلهية التي كُتِبَت في الماضي، وتُكتَب الآن، وسوف تكتَب في المستقبل.
الصبر هو المحبة والطاعة. مارسْ الصبر بمحبة أخيك. مارسْ الصبر لتنفع نفسك. إن لم تهتم لنفسك تفقد صبرك.
يزيد الصبر عندما يهتمّ الإنسان بالله. يجب أن يزيد الصبر لا أن ينقص، إذ عندما ينقص تنمو الخطيئة في حياة الإنسان وينشأ الشر. الصبر هو كلمة عذبة، نَفَس لطيف، سلاح لا يُغلَب، زينة لا تُقَدَّر للرجل، بركة من الله. خلال حياته على الأرض وتعليمه للجموع، لو لم يكن لسيدنا يسوع المسيح صبر في نفسه، ما الذي كان حدث؟ لقد أتى إلى الأرض ليخلّص القطيع التائه ويرفعنا بصبره، ومن ثم ليذهب إلى الجلجلة من أجلنا نحن الحقيرين الطائشين.
يسود الصبر بهدوء مثمراً في حياة الإنسان الذي لا يؤذي أحداً ولا يتعرّض لأحد، المكتفي بالقليل، والمطيع لوصايا الآب السماوي.
كونوا مؤمنين
كونوا مؤمنين إيماناً كالصخرة لا يتزعزع، حتى لا يخيفكم شيء… يكون سعيداً مَن له إيمان عميق في ذاته، ويركّز اهتمامه على الطريق الصالح، ويسعى إلى تحسين وضع نفسه وتكييف فكره مع الصلاح… تكمن سعادة الإنسان في الإيمان بالله وفي الأعمال الصالحة التي يعملها بمحبة. نحن نشفي أولئك الذين يثقون بنا ويأتون إلينا بإيمان.
تعهّد التواضع
جاهدوا لتمتلكوا تواضعاً عميقاً. المسيحي الصالح يحبّ إخوته البشر ويساعد الفقراء ويكون متواضعاً.
احفظوا الأصوام المحددة
الصوم الأربعيني الكبير هو أعظم الأصوام وعلى كل مسيحي أن يحفظه من دون تذمر. مَن يملك صحة جسدية لا ينبغي عليه أن يشتكي من الصوم ولا عذر له في عدم احترامه. على المسيحي أن يلتزم بالخدم الكنسية بشكل ثابت خلال الأربعين المقدسة.
على الإنسان أن يحفظ صوم الأربعاء والجمعة. يتّشح البعض بالسواد في صوم السيدة، أول خمس عشرة يوم من آب، لكي يكرّموا والدة الإله. لكن هذا بلا معنى إن لم يرافقه صوم وصلاة.
اعترفوا وتناولوا
اعترفْ، واشترك في المناولة المقدسة طالما أنت تمارس محبة الآخرين وتقدّم لهم كل الخير القادر عليه. هذا يكون لشفاء النفس والجسد.
اقرأ الكتب الدينية
ما الكتب التي تقرؤها؟ اقرأْ الكتب الدينية. علينا أن نبدأ كل أعمالنا في الدنيا بقراءة من الإنجيل. على المسيحيين الراغبين في إظهار طاعة لكلمة الله أن يقرؤوا ويدرسوا ناموس الإنجيل بعناية كلمة فكلمة ساعين إلى فهمه كاملاً ممعنين النظر في الكلمات ذات الفحوى الأساسي. أدرس أعمال الرسل… كل سفراء المسيح، أي الرسل والقديسين، عندهم حكمة اكتسبوها بنزول الروح القدس عليهم. اقرأ مدائح والدة الإله.
صلِّ وتبْ وصلِّ
لا تهمل الصلاة بل صلِّ بحرارة. قلْ هذه الصلوات: “باسم الآب والابن والروح القدس… قدوس الله، قدوس القوي، قدوس الذي لا يموت ارحمنا… المجد للآب والابن والروح القدس… لصورتك الطاهرة نسجد… الصليب حارس كل المسكونة… دستور الإيمان والصلاة الربية… أيتها الفائق قدسها والدة الإله… يا استنارة نفسي المظلمة، رجائي ووقايتي…” وكلّ الصلوات التي تعرفها.
النشاط التبشيري
النفس الرحيمة تحب الجنس البشري المتوجّع وتساعده وتعزيه وتشاركه ألمه. إنها تعمل لنشر الإنجيل محرَّكَة بمحبة الخطأة. علينا أن نحسّ بالحزن في أنفسنا من أجل الذين يحيون بعيداً عن الله. ينبغي أن يكون موقف السيد من زكّا درساً للمسيحيين إذ به أظهر أن علينا أن نتقبّل الخطأة بمحبة ولا نجتنبهم. إنه يظهر لنا أن علينا أن نطلب قوة الله لنجلبهم إلى إعادة الولادة التي تتحقق بمخلصنا يسوع المسيح. لذا فلنقارب الخطأة بمحبة. وإن فشلنا في تقريبهم بالكامل من طريق الله، لا نتوقفنّ عن الصلاة من أجلهم. قد يستمع إلهنا الرحوم لصلاتنا الحارّة ويمنحهم تجدد نفوسهم.
فائدة الحياة المسيحية
مغبوط هو المسيحي الذي يتمعّن بتعليم المسيح ويتبعه. فهو سعيد في هذه الحياة الوقتية وفي الحياة بعد الموت. نعم، هو سوف يكون سعيداً بعد الموت، لأن نفسه لن تتلاشى ولن تفنى كالجسد، بل سوف تستمر حية وموجودة. بالموت، تنفصل عن الجسد الفاني ليس إلاّ.