الوصايا العشر في الناموس المسيحي
القديس غريغوريوس بالاماس
نقلها إلى العربية الأب أنطوان ملكي
1. الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ
الرب، إلهك، هو رب واحد (تثنية 4:6)، وهو معروف كآب، وابن وروح قدس. الآب غير مولود. الابن مولود ككلمة الآب، من غير ابتداء سرمدي وبلا هوى. لقد سُمّي المسيح لأنّه مسح من ذاته الطبيعة البشرية التي أخذها منّا. يخرج الروح القدس من الآب، ليس بالولادة بل بالانبثاق. ربنا هو الإله الوحيد. إنّه الإله الحقيقي، الرب بثلاثة أقانيم، الذي لا ينقسم بالطبيعة ولا بالمشيئة ولا بالقوة، ولا بأي صفة من صفات الألوهة.
أحبب فقط هذا الإله الثالوثي واعبده وحده، بكل فكرك وبكل قلبك وبكل قوتك. احفظ كلماته ووصاياه في قلبك، حتى تنفّذها وتدرسها وترددها في جلوسك، ومسيرك وفي سريرك وعندما تنهض. تذكّر الرب إلهك بلا انقطاع. ارهب منه وحده. لا تنسَه هو ولا وصاياه. وهكذا هو يعطيك قوة لتتمّ مشيئته، لأنّه لا يطلب منك أي شيء سوى أن تكون مكرّساً له وتحبّه وتسير على دروب وصاياه. إنّه فخرك وإلهك.
عندما تعلم أنّ الملائك السماويين هم بلا هوى وغير منظورين، وأن الشيطان الذي سقط من السماء هو شرير جداً وذكي وقوي ومحنّك في خديعة الإنسان، لا تظنّ أنّ أياً منهم يساوي الله في الشرف. وعندما ترى أيضاً عظمة السماء وتعقيدها، لمعان الشمس، بهاء القمر، نقاوة النجوم الأخرى، سهولة تنشق الهواء، كثرة منتجات الأرض والبحر، لا تؤلّه أيّاً منها. إنّها كلّها خلائق الإله الواحد، وهي تخضع له وهو بكلمته خلقها كلّها من العدم. “لأَنَّهُ قَالَ فَكَانَ. هُوَ أَمَرَ فَصَارَ” (مزمور 9:33). إذاً وحده رب الكون وخالقه أنت تمجّد كإله. تعلّق به بمحبة وتُبْ إليه نهاراً وليلاً عن كل خطاياك الطوعية والكرهية، لأنّه طويل الأناة ورحيم جداً، صبور، وصانع بر إلى الأبد. لقد وعد الذي يحترمه ويعبده ويحبه ويحفظ وصاياه، وهو يعطي بحسب وعده، بالتمتّع بالملكوت السماوي الأزلي والحياة التي بلا ألم ولا موت والنور الذي لا يغرب.
لكنّه أيضاً إله غيور وحاكم عادل ومنتقم رهيب. لقد هيّأ جحيماً أبدياً، ناراً لا تُطفأ، ألماً لا ينقطع، حزناً لا عزاء له، ومكاناً مظلماً ضيقاً للخائن الشرير الأول، أي الشيطان، وقد فرض كل هذا على غير التقي والذي لا يطيع وصاياه وينتهكها، ولكل الذين انخدعوا بالشيطان وتبعوه، ما أن ينكروا صانعهم بأعمالهم وكلماتهم وأفكارهم.
2. لا تصنع لك صنماً ولا ما يشبهه
“لاَ تَصْنَعْ لَكَ تِمْثَالاً مَنْحُوتًا، وَلاَ صُورَةً مَا مِمَّا فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ، وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ تَحْتُ، وَمَا فِي الْمَاءِ مِنْ تَحْتِ الأَرْضِ” (خروج 4:20). لأن كل هذه هي خلائق الإله الوحيد الذي في الأزمنة الأخيرة، بعد أن تجسّد في رحم بتولي، ظهر على الأرض وأقام بين البشر. وعندما تألّم ومات وقام لخلاص البشر، صعد بالجسد إلى السماء وجلس في الأعالي عن يمين الله. بجسده سوف يأتي أيضاً في مجد ليدين الأحياء والأموات.
إذاً، من المحبة له، وهو الذي صار إنساناً لخلاصنا، اصنعْ له أيقونة. وعِبر الأيقونة، تذكرّه واعبده. من خلال الأيقونة، ارفع عقلك إلى جسد المخلَص المبجّل، الجالس في الأعالي عن يمين الآب. اصنع أيضاً أيقونات للقديسين، وأكرمهم أيضاً، ليس كآلهة، لأنّ هذا محرّم، بل بسبب علاقتك بهم، وميلك إليهم، والشرف الكبير المتوجب لهم، فيما فكرك سوف يمضي إليهم من خلال الأيقونة. هذا ما فعله موسى: لقد صنع أيقونات للشاروبيم ووضعها في قدس الأقداس، ليمجّد لا المخلوقات بل من خلالها خالق العالم، أي الله (خروج 18:25-19).
وهكذا أيضاً لا تعبد أيقونات المسيح ولا القديسين، بل من خلالها اعبده هو الذي بعد أن خلقنا أولاً على صورته، ارتضى لاحقاً بسبب إحسانه الذي لا يوصف أن يتّخذ صورة بشرية ويصير موصوفاً بحسبها. أكرِمْ ليس فقط أيقونة السيد بل أيضاً رسم صليبه لأنّه رمزٌ كليّ القدرة وتذكار لانتصار المسيح على إبليس وكل الأجناد الشيطانية. لهذا السبب عندما يرون رسم إشارة الصليب يغلبهم الرعب ويهربون. حتى قبل الصلب، مجّد الأنبياء إشارة الصليب التي أنجزت معجزات عظيمة. وأيضاً عند المجيء الثاني لربنا يسوع المسيح الذي سُمِّر على الصليب والذي سوف يأتي ليدين الأحياء والأموات، سوف تتقدّمه الإشارة المرهوبة بقوة ولمعان شديد. مجّد الصليب اليوم حتى تحدّق إليه بشجاعة لاحقاً وتتمجّد معه.
وقِّر أيضاً أيقونات القديسين لأنّهم صُلبوا مع السيد، راسماً على وجهك إشارة الصليب ومستحضراً إلى فكرك مشاركتهم في آلام المسيح. أكرِم أماكن إقامتهم وكل ذخيرة من عظامهم، لأنّ نعمة الله لم تنفصل عنها، بالتحديد كما أن الله الآب لم ينفصل عن جسد المسيح المكرَّم خلال موته المعطي الحياة.
إذاً بالتصرّف هكذا وبتمجيد الذين مجّدوا الله، لأنّهم ظهروا بأعمالهم كاملين بمحبته، سوف تتمجّد معهم بالله وسوف تنشد مع داود: “أكرمتُ محبّيك يا ربّ”.
3. لا تحلِف باسم الربّ باطلاً
لا تحلِف باسم الربّ باطلاً (خروج 7:20)، عن طريق القسم بشكل كاذب أو لأي سبب دنيوي آخر، أو خوفاً من أحد ما، أو من الخجل أو لربح خاص. إن الإخلال بقَسَم هو إنكار لله. إذاً لا تُقسِم أبداً. تجنَّب كليّاً القَسَم لأنّ من القّسَم يأتي الإخلال بالقَسَم الذي يغرَب الإنسان عن الله ويجعل الحانث بقسمه مخالفاً للناموس. إذا كنتَ دائماً تقول الحقيقة، سوف يصدّقك الناس وكأنّك تحلِف.
وإذا صار صدفة أنّك أقسَمت، هو أمر ينبغي أن تصلّي كي لا يحدث، لكن بما أنّه أمر متّفق مع الشريعة الإلهية، نفّذه وكأنّه شرعي، لكن اعتبر نفسك مُلاماً لأنّك أقسَمت. بالإحسان والتضرّع والحزن وحرمان الجسد، التَمِسْ الرحمة من الله الذي أوصى بألاّ تُقسِم (متى 34:5). أمّا إذا أقسَمت على شيء غير قانوني انتبه ألاّ تنفّذ قَسَمَك لمجرّد أنّك أقسَمت، حتى لا يحسبك الربّ مع يهوذا قاتل النبي الذي قطع رأس السابق الكريم كي لا يكسر قسمه (متى 7:14-12). الأفضل لك أن تكسر ذلك القَسَم غير الشرعي واتّخذ لنفسك قانوناً بألاّ تقسم أبداً، وبأن تسعى إلى رحمة الله مستعملاً العقاقير المذكورة سابقاً وبجهاد أكثر مع دموع.
4. تذكّر يوم السبت لتقدسه
يُسَمّى أحد أيام الأسبوع الأحد، لأنّه مخصّص للرب الذي قام من الموت في ذلك اليوم مظهراً قيامة كل الناس ومثبتاً إياها (في المجيء الثاني) حين عندها سوف يتوقف كل عمل بشري.
إذاً خصّص الأحد للرب (خروج 8:20). لا تَقُم بأي عمل أرضي غير ما هو ضروري. وكل الذين يعملون لك أو يعيشون معك فليرتاحوا حتى أنّكم جميعاً تمجّدون الذي اشترانا بموته ومن ثمّ قام مقيماً معه طبيعتنا البشرية. احفظ في فكرك الحياة الآتية، لكي تتأمّل بكل وصايا الرب وقوانينه وتتفحّص نفسك حتى إذا كنتَ قد انتهكت بعض الأشياء أو أهملتها، يمكنك أن تصحّح نفسك في كل شيء. في هذا اليوم أيضاً اذهَبْ إلى هيكل الرب واشترك في اجتماع العبادة وشارك بإيمان صافٍ وضمير نقي في جسد المسيح ودمه. ابدأ حياة أكثر قداسة، مجدداً نفسك ومهيئاً إياها لتقبّل خيرات الحياة الآتية.
من أجل هذه الخيرات لا تسئ استعمال الأشياء والاهتمامات الأرضية في الأيام الأخرى أيضاً. يوم الأحد، كونك مكرَّساً لله، تحاشَ بشكل قاطع كلّ هذه الاهتمامات ما عدا الضرورية منها التي يستحيل عليك العيش من دونها. وهكذا، بما أنّ الرب ملجؤك عليك ألاّ تذهب إلى أي مكان، وألاّ تضرِم نار الأهواء ولا تحمل عبء الخطايا.
إذاً، كرِّس “يوم السبت” (خروج 8:20)، أي الأحد، لله حافظاً إياه بامتناعك عن كل ما هو شرير. وإلى الآحاد عليك أن تضيف كل الأعياد الكبيرة قائماً بالأمور نفسها وممتنعاً عن كل ما تمتنع عنه يوم الأحد.
5. أكرِم أباك وأمّك
أكرِم أباك وأمّك (خروج 12:20)، لأنّ من خلالهما أتى بك الرب إلى الحياة، وهما بعد الله سبب وجودك. إذاً، بعد الله أحببهما وأكرمهما طالما، بالطبع، محبتك لهما تساهم في محبتك لله. إذا كانت لا تساهم، ابتعد عنهما مباشرةً. إلى هذا، إذا كانا عائقاً بالنسبة لك وخاصةً الإيمان الحقيقي الخلاصي لأنّ لهما إيمان آخر، ليس فقط عليك أن ترحل بل أيضاً أن تنكرهما مع كل مَن تجمعك به علاقة أو صداقة. عليك أن تنكر حتّى أعضاءك الشخصية وأهواءها وكلّ جسدك ومن خلال الجسد علاقتك بالأهواء لأن المسيح قال: “إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ، حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضًا، فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا. وَمَنْ لاَ يَحْمِلُ صَلِيبَهُ وَيَأْتِي وَرَائِي فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا.” (لوقا 26:14-27 وأنظر متى 37:10).
هذه الإرشادات تتعلّق بوالديك الجسديين وأقربائك وأصدقائك. عليك أن تُكرِم وتحب مَن لهم نفس إيمانك ولا يمنعونك عن الخلاص. وإذا كان يتبغي بك أن تكرِم والديك الجسديين فكم بالأحرى عليك أن تكرِم وتحب آباءك الروحيين. لقد نقلوك من الحياة الجسدية البسيطة إلى حياة البِرّ الروحية. لقد منحوك استنارة المعرفة. لقد علّموك الحقّ. لقد أعطوك إعادة الولادة بحميم التجدد. لقد وضعوا فيك رجاء القيامة وعدم الموت والملكوت السماوي. لقد نقلوك من غير مستحق إلى مستحق للخيرات الأبدية، من الأرضي إلى السماوي، ومن الوقتي إلى الأبدي. لقد جعلوك ابناً وتلميذاً، لا لإنسان بل ليسوع المسيح الإله-الإنسان الذي منحك الروح القدس الذي يجعل الناس أبناء لله، والذي قال: “وَلاَ تَدْعُوا لَكُمْ أَبًا عَلَى الأَرْضِ، لأَنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. وَلاَ تُدْعَوْا مُعَلِّمِينَ، لأَنَّ مُعَلِّمَكُمْ وَاحِدٌ الْمَسِيحُ” (متى 9:23-10).
هكذا أنت مدين بكل شرف ومحبة لآبائك الروحيين، لأنّ الشرف الذي ترده لهم يذهب إلى المسيح وإلى الروح الكلي قدسه الذي جعلك ابناً لله، وإلى الآب السماوي الذي يعطي الحياة والوجود لكل الكائنات السماوية والأرضية. جاهد فوق هذا لأن يكون لك طوال حياتك أباً روحياً تعترف إليه بكل خطاياك وأفكارك الشهوانية وتأخذ منه الشفاء والحلّّ. لقد أُعطي الآباء الروحيون السلطة لأن يغفروا للنفوس أو ألاّ يغفروا. كلّ ما يتركوه غير محلول على الأرض سوف يكون بلا حلّ في السماء أيضاً. يحصلون على هذه النعمة والقوة من المسيح. لهذا السبب أنتَ سوف تطيعهم من دون مهاترة، حتى لا تقود نفسك إلى الهلاك. إذا كان، بحسب ناموس موسى، كلّ مَن ردّ كلام أهله يُقتَل، حتى ولو كانوا يتناقشون بأمور محرَّمة من ناموس الله، فكيف يكون ممكناً أن لا يطرد روحُ الله الإنسانَ الذي يرد كلام أبيه الروحي وكيف لهذا الإنسان ألاّ يخسر روحه؟ لهذا السبب، خذ نصيحتهم وأَطِعْهم إلى نهاية حياتك حتى تخلّص نفسك وتكون وارثاً للخيرات الأبدية التي لا تفنى.
6. لا تزنِ
لا تمارس الزنا (خروج 14:20) ولا الفسق حتى لا تصير عضواً للفاجرة بدلاً من عضو للمسيح فتُقطَع من الجسم الإلهي وتسقط من الميراث المقدّس وتُرمى في جهنّم. لأنّه، إذا كان بحسب شريعة موسى، ابنة الكاهن التي تُضبَط في الفسوق يجب إحراقها لأنّها عرّضَت أباها للعار، ألا ينبغي بالذي ألصق هذه النجاسة بجسد المسيح أن يُحرَق في النار الأبدية؟ ليس فقط يُحرَّم عليك أن تزني بل عليك أن تمارس البتولية، إذا أمكنك، وتكون خاصاً بالله بالكليّة وملتصقاً به بمحبة كاملة مقيماً بقربه طوال حياتك. جاهد دائماً وبدون ارتباك لأن تحيا حياة ترضي الله، متمتعاً منذ الآن بالحياة المقبِلة وعائشاً مثل ملاك على الأرض. البتولية هي ميزة الملائكة، وكلّ مَن يمارسها يصبح مثلهم، بقدر الإمكان، مع أنّه ذو جسد. إلى هذا، إنّه يصبح أكثر منهم، فهو يصير مشابهاً للآب الذي قبل الدهور وَلَد الابن بطريقة بتولية، كما أنّه يصير مشابهاً للابن البتولي الذي ولد قبل الدهور من الآب البتول وتجسّد في آخر الأزمنة من أم عذراء، وأيضاً هو يصير مشابهاً للروح القدس الذي خرج بطريقة لا تُوصَف من الآب وحده، ليس بالولادة بل بالانبثاق. إنّ مَن يختار البتولية الحقيقية، أي المتبتّل بالنفس والجسد، الذي يجمّل كل حواسه وفكره وعقله برونق البتولية، يتشبّه بالله ويتّحد به مقيماً معه زواجاً لا يفسد.
إذا كنتَ لا تفضّل أن تحيا حياة بتولية، ولا أنتَ وعدتَ الرب بذلك، بإمكانك بحسب ناموس الرب أن تتخذ امرأة بالزواج. هي وحدها تساكن، وهي وحدها تتّخذ، هذا وهدفُك هو القداسة. بكل قوتك ابقَ بعيداً عن النساء. تكون قادراً على حفظ نفسك منهن إذا تلافيت المحادثات غير الضرورية معهن، إذا أدَرتَ عيني جسدك وعيني نفسك عنهن، بقدر الإمكان، وإذا لم تكن تجد لذة في سماع الكلمات الشهوانية ولم تّصِر معتاداً على التفرّس بالوجوه الجميلة. كلّ مَن ينظر إلى امرأة بشهوة كريهة يكون قد زنا بها ولهذا هو غير طاهر أمام المسيح الذي ينظر إلى القلوب. إلى هذا، من هذا النظر الشرير يمكن للإنسان التعيس أن ينتهي مرتَكباً خطيئة الدعارة بالجسد أيضاً. لكن لماذا أتحدّث فقط عن الفسق والزنا وكل النجاسة المرتبطة بالوظائف الطبيعية؟ فالإنسان يميل بشكل مخالف للقوانين إلى الأعمال البذيئة غير الطبيعية عندما يتفرّس بشكل فضولي في جمال الأجساد.
إذاً، إذا قطعتَ الجذور المرّة من نفسك، فلن تجمع الثمار المميتة، بل سوف تجني الطهارة والقداسة التي تأتي معها، والتي بدونها لن ترى السيد.
7. لا تقتل
لا تقتل (خروج 13:20) حتى لا تكفّ عن كونك ابناً للذي أقام الموتى، وحتى لا تصير بأعمالك ولداً للذي كان منذ البداية قاتلاً للإنسان. يأتي القتل من العراك، والعراك من الشتم، والشتم من الغضب والغضب من الأذى أو الضرب أو السباب للآخر. لهذا السبب قال المسيح: “وَمَنْ أَخَذَ رِدَاءَكَ فَلاَ تَمْنَعْهُ ثَوْبَكَ أَيْضًا” (لوقا 29:6). إذا ضربك أحدهم لا تردّ له الضربة. إذا شتمك أحدهم فلا ترد له الشتيمة. وهكذا سوف تنجو من خطيئة القتل، أنت والذي يؤذيك. إلى هذا، سوف تحصل على غفران خطاياك من الله لأنّه هو قال: “فَإِنَّهُ إِنْ غَفَرْتُمْ لِلنَّاسِ زَّلاَتِهِمْ، يَغْفِرْ لَكُمْ أَيْضًا أَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ.” (متى 14:6). في أي حال، إنّ مَن ينطق بالشر أو يقوم به سوف يُدان في النار الأبدية لأن المسيح قال أيضاً: “وَمَنْ قَالَ لأَخِيهِ: رَقَا، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْمَجْمَعِ، وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ” (متى 22:5).
إذاً، إذا كنتَ قادراً على اقتلاع الشر وجذوره، مؤمِّناً لنفسك النعمة والبركة، مجِّد المسيح معلمنا وزميلنا في تحقيق الفضائل. من دونه، كما تعلمتَ لا نستطيع أن نقوم بأي عمل حسن. ومن ثم أيضاً، إذا كنتَ غير قادر على أن تبقى هادئاً من دون أن تغضب، وجّه اللوم لنفسك لأنك غضبت واطلب المغفرة من الله كما من الذي سمع الأذى أو تحمّله منك. كلّ مَن لا يحس بألم الندامة على خطاياه الصغيرة، سوف يقع من بعدها في خطايا كبيرة أيضاً.
8. لا تسرق
لا تسرق (خروج 15:20)، حتى أن الله الذي يعرف أعمالك السرية لا يرد لك العقاب أضعافاً. إنّه من الأفضل لك أن تعطي سرياً مما لك إلى المحتاجين، لكي تحصل من الله الذي يرى كلّ ما هو خفي، مئات الأضعاف مع الحياة الأبدية في العالم الآتي.
9. لا تشهد بالزور
“لاَ تَشْهَدْ عَلَى قَرِيبِكَ شَهَادَةَ زُورٍ” (خروج 16:20)، حتى لا تكون مشابهاً للشيطان الذي ذمّ الله أمام حواء، وصار ملعوناً لعمله هذا. إلى هذا، من الأفضل أن تغطي على خطيئة قريبك، إلا إذا كانت تؤذي آخرين، حتى تكون مشابهاً لسام ويافث وليس لحام، وهكذا تحصل على البركة. كان سام وحام ويافث أبناءً لنوح. وفي مرة شرب نوح خمراً كثيراً وسكِر وتعرّى. عندما رأى حام عورة أبيه أخبر أخويه بشكل هزلي. أمّا الأخوان فهما ليس فقط لم يضحكا من أبيهما بل مباشرة أخذا عباءة وسارا إلى الخلف حتى لا يريا عورة أبيهما وغطياه باحترام. عندما استيقظ نوح وعرف بما جرى، لعن حام، بينما بارك سام ويافث (تكوين 18:9-27).
10. لا تشتهِ ما لغيرك
ينبغي بك ألا تشتهي ما لقريبك، لا ممتلكات ولا مال ولا مجد ولا أي شيء آخر مما له (أنظر خروج 17:20)، لأن الشهوة عندما تنشأ في النفس، تلِد الخطيئة. والخطيئة عندما تكتمل تولّد الموت. إذا لم تشتهِ أشياء الآخرين، تبقى بعيداً عن الطمع وعن اغتصاب ما للغير. إنّه من الأفضل لك أن تعطي مما لك لمَن يسأل، وأن تحسِن على المحتاجين بقدر ما تستطيع. إذا أراد أحد ما أن يقترض منك لا ترفضه. إذا وجدت غرضاً ضائعاً ردّه إلى صاحبه حتى ولو كان عدوك. وهكذا، سوف تتصالح معه وتخزي الشر بالخير كما يأمرك المسيح.
إذا حفظت كل هذه بكل قوتك وسلكت بحسب هذه الوصايا، سوف تخزن في نفسك كنز التقوى، ترضي الله، تنتفع منه ومن شعبه وتصير وارثاً للخيرات الأبدية التي نحصل عليها جميعنا بنعمة ربنا وإلهنا وخلصنا يسوع المسيح ومحبته للبشر. له المجد والإكرام والسجود مع أبيه الذي لا بدء له وروحه الكلي قدسه الصالح والمحيي، الآن وكل أوان وإلى دهر الداهرين. آمين.