ماذا نعني بكلمة “أرثوذكسي”؟

القديس نيكولا ماكسيموفيتش

نقلها إلى العربية الأب أنطوان ملكي

مباشرة بعد أن بدأ الإيمان بالمسيح بالانتشار بين الأمم، بدأ أتباع المسيح في أنطاكية يسمّون أنفسهم مسيحيين (أعمال 26:11). كلمة “مسيحي” أشارت إلى أولئك الذين انتموا إلى المسيح: انتموا بمعنى التكريس للمسيح وعقيدته. من أنطاكية انتشر اسم المسيحيين في كل مكان.

بفرح سمّى أتباع المسيح أنفسهم باسم معلمهم وسيدهم الذي يحبّون، أما أعداء المسيح فدعوا أتباعه مسيحيين من باب النية السيئة والحقد الذين كانوا يضمرونهما للمسيح. مع هذا، ما لبث أن ظهر أشخاص يسمّون أنفسهم مسيحيين فيما لم يكونوا بالروح للمسيح. عنهم تكلّم المسيح قبلاً: “لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ لِي: يَارَبُّ، يَارَبُّ! يَدْخُلُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. بَلِ الَّذِي يَفْعَلُ إِرَادَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ” (متى 21:8). لقد تنبأ المسيح أيضاً بأنّ كثيرين سوف حلّون أنفسهم مكانه: “َإِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ بِاسْمِي قَائِلِينَ: أَنَا هُوَ الْمَسِيحُ!” (متى 5:24). وقد أشار الرسل في رسائلهم إلى أن في زمانهم قد ظهر مَن يدّعون حمل اسم المسيح بغش: “وَكَمَا سَمِعْتُمْ أَنَّ ضِدَّ الْمَسِيحِ يَأْتِي، قَدْ صَارَ الآنَ أَضْدَادٌ لِلْمَسِيحِ كَثِيرُونَ” (1يوحنا 18:2).

لقد أشار الرسل إلى أن الذين انحرفوا عن عقيدة المسيح لا ينبغي أن يُعتبروا منهم: “مِنَّا خَرَجُوا، لكِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مِنَّا” (1يوحنا 19:2). كما حذّروا من الخلافات والتنازع على الأمور الصغيرة (1كورنثوس 10:1-14) وفي الوقت نفسه أمروا تلاميذهم بتجنّب الذين لا يأتون بالتعليم الصحيح (2يوحنا 10:1). الرب، في إعلانه للرسول يوحنا اللاهوتي هاجم بشدّة الذين يسمّون أنفسهم مؤمنين من دون أن يعملوا بحسب اسمهم.

ما فائدة أن يدعو المرء نفسه يهودياً أو تابعاً للعهد القديم إن لم يكن هو كذلك؟ هذا ما يسمّيه الكتاب المقدس مجمع الشيطان (رؤيا 9:2). بالطريقة عينها، المسيحي بالمعنى الدقيق للكلمة هو فقط ذلك الذي يعترف بالعقيدة الحقيقية المسيحي ويحيا بما يتوافق معها. إن امتياز المسيحي يكمن في تمجيد الآب السماوي في حياته. “فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ” (متى 16:5). لكن التمجيد الحقيقي ممكن فقط إذا كان المرء صاحب إيمان حق ويعبّر عن هذا الإيمان بالكلمات والأعمال. لهذا، المسيحية الحقّة وهي وحدها يمكن تسميتها “التمجيد الحقيقي” (Orthodoxy). بكلمة “أرثوذكسية”، نحن نعترف بقناعتنا الثابتة بأن عقيدة المسيح الصحيحة هي إيماننا على وجه التحديد. عندما نطلق صفة الأرثوذكسية على أي شيء وأي كان نشير إلى صحة وأصالة مسيحيته رافضين في الوقت عينه ما يتّخذ اسم المسيح عن غير حق.