كتاب خدمة الكهنة
الميتروبوليت ييروثيوس فلاخوس
نقلتها إلى العربية أسرة التراث الأرثوذكسي
من أهم الكتب التي تستخدم في العبادة في الكنيسة ما يسمى بكتاب خدمة الكهنة (ييراتيكون)، وهو موجود دائمًا على المذبح المقدس، بجانب الإنجيل المقدس، لأنه ضروري للكاهن الذي يقيم القداس الإلهي. من الييراتيكون أتى الأركييراتيكون (كتاب خدمة رؤساء الكهنة) الذي يخص الأساقفة، والدياكونيكون (كتاب خدمة الشمامسة) الذي يخص الشمامسة..
هناك العديد من طبعات كتاب خدمة الكهنة المتداولة اليوم. أذكر الطبعة الذي تُستخدم بشكل أساسي، والتي تحتوي كلّ ما يخص الكاهن من خِدِم الليل، أي صلاة الغروب ومنتصف الليل والسحرية والساعات، ترتيب السهرانية طوال الليل، بالإضافة إلى القداديس الإلهية الثلاثة، وهي قداس القديس يوحنا الذهبي الفم، وباسيليوس الكبير والسابق تقديسه، بالإضافة إلى العديد من الخِدَم والصلوات الأخرى لظروف مختلفة. كما أن هناك كتاب “مختصر خدمة الكهنة” يحتوي على صلاة الغروب، كسر الخبزات، منتصف الليل، السحرية، وليتورجيا القديس يوحنا الذهبي الفم والعديد من الطروبريات والقناديق
يحتل الكاهن مكانة عظيمة في القداس الإلهي، لأنه يطلب من الآب أن يرسل الروح القدس ويحوّل الخبز والخمر إلى جسد ودم المسيح، وأيضًا هو ينقل نعمة الله إلى الناس. الكاهن والأسقف هما حضور المسيح المحسوس، ولهذا يتنقلان بين الله والناس. من السمات المميزة أن يكتب القديس إبيفانيوس، أسقف قبرص، أن منصب رئيس الكاهن هو “خدمة تلد الآباء، والأب يلد الكنيسة”، أي أنه سدّة أب يلد لأنه يسيم الكهنة الذين يصبحون آباء الكنيسة. في حين أن الكاهن هو “أب غير قادر على الإنجاب، لأنه يلد الأطفال من جرن إعادة الولادة”، أي أن وظيفة الكاهن هي توليد الأطفال بالمعمودية وليس الآباء الآخرين، لأن الكاهن لا يسيم
وهذا يظهِر أيضًا الاختلاف بين الأساقفة والكهنة، حيث يرسم الأساقفة كهنةً يصبحون آباءً للشعب، بينما يلد الكهنة بالمعمودية أبناءً في الكنيسة. وهكذا ، في حين أن كتاب خدمة الكهنة يشمل كل الخِدَم التي يقوم بها الكاهن، بإذن الأسقف ومباركته، فإن كتاب خدمة رؤساء الكهنة يتضمن خدماً أخرى، مثل السيامة ووضع اليدين، وغيرها من الصلوات الخاصة
يعتبر كتابا خدمة الكهنة وخدمة رؤساء الكهنة كتابَين أساسيين للكهنة والأساقفة، لأنهما يحددان الترتيب الذي يجب أن تتبعه خدمة القداس الإلهي والخِدَم التي كتبها الآباء القديسون والتي أنشأتها الكنيسة. في الكنيسة، لا ينبغي أن تكون هناك صلاة خاصة، ولا ينبغي تطبيق التيبيكون (القواعد) بحسب ما ترغب به الجماعة. نحن نصلي معًا ونطيع الكنيسة
أمر مهم هو أن الكاهن والأسقف لا يجب ولا يستطيعان قراءة الخِدَم والصلوات آليًا أو بطريقة شكلية، بل لفهم محتواها، إذ يجب أن يستوعبوا أيضًا معنى السر ويتعاملوا معه باحترام. لأن ما يحدث على المذبح المقدس ليس مسرحاً بل صلاة وتوجّه نحو الله
الكهنة والأساقفة هم مثل موسى الذي صعد إلى جبل سيناء لمقابلة الكلمة ما قبل التجسد، مع الفرق أنهم يلتقون الكلمة المتجسد. الليتورجيا الإلهية هي العشاء السري، إنها صلاة المسيح في الجثسمانية عندما صلّى من أجل العالم كله، إنها الذبيحة على الجلجلة، إنها قيامة المسيح “والقبر مختوم”، إنها مجيء الروح القدس كما حدث في يوم الخمسين
Homily Three on the Sacred Liturgical Books of the Orthodox Church: “The Hieratikon” (Metr. Hierotheos of Nafpaktos) https://johnsanidopoulos.com/2020/08/homily-three-on-sacred-liturgical-books.html