قتل الأهواء
الشيخ موسى الأثوسي
نقلها إلى العربية الأب أنطوان ملكي
إن المسيحيين الذين يسعون مجاهدين ليسوا مغفلين، ولا هم ساذجين، تبسيطيين، سطحيين، ضحلين، مكتئبين، غريبي الأطوار، ولا تائهين. لو كانوا كذلك لما كانوا مسيحيين حقيقيين. المسيحيون المجاهدون متفائلون فرحون صادقون مشرقون ومتواضعون. نقطة البداية للتحسين الذاتي لا تتمركز على الإطلاق حول الذات. إن شعوري بخطيئتي يجعلني نادماً لا خائفاً ولا غاضباً
الاقتناع بأني قادر على التغيّر وأنني خاطئ كبير، لا ينبغي أن يكون تمنيات ولا تواضعاً زائفاً، بل على الأكيد كلمات وأعمالاً دقيقة وحازمة. إن اكتشاف محبة الله الصالح غير المتناهية وعصياني وارتدادي وتغرّبي يعطيني دموعاً حارة عن ندامة أصيلة
إن محبة الله لنا تحرّكني وتقودني إلى التوبة، تقلقلني وتستعيدني. إن نقطة البداية هي اعترافي بخطيئتي. هذا الاعتراف الصادق سوف يحمل إليّ الندامة من الله ما يجعل نفسي تكره ما أحبَّت وتحبّ كل صلاح كانت قد غفلَت عنه
سُئل مرة أحد الشيوخ الأثوسيين: ما هو الجبل المقدّس؟ فأجاب: ’عندنا أناس كثيرون هنا في طور التوبة. أو بالأحرى هنا كلنا توّابون’. شيخ آخر قال: ’يلبس الراهب التوبة. محبة الله تأكله فيحيا في التوبة’. هذه الكلمات الأخيرة مهمة جداً. التوبة ليست وضعية خاملة نندب فيها مصيرنا ونلعن حظّنا
بالمقابل، بحسب الأبّا إسحق السرياني، إن القلب المشتعل بمحبة الله، والناس الآخرين وكل الخليقة، هو قلب الذي يتوبون إذ يحتوي شعلة المحبة المحترقة وبالتالي يحاولون أن يعوّضوا الوقت الذي أضاعوه في الخطيئة فيندبون معاصيهم. إنهم لا يهتمّون ولا يقلقون على أنفسهم، ولا على كيف أن شخصاً رائعاً استطاع أن يسبب كل هذه البلبلة في الأمور، لأن هذا يدلّ على الكثير من الغرور بالذات. أنت لا تستطيع أن تقتني محبّة الله إن لم تكن محبّاً للآخرين. هذه المحبة تجعلني حليماً، مسامحاً، متعاطفاً، كريماً، مؤانساً وطيّباً مع الآخرين، لا قاسياً، دياناً، منتقداً، عنيفاً، عابساً، أو متزمتاً