مختارات من الشيخ يوسف الفاتوبيذي
نقلها إلى العربية الأب أنطوان ملكي
الافتراء هو أكثر أشكال الكره إثارة للاشمئزاز والجرح الأكثر إيلاماً للذين يعانون منه. الافتراء هو سلاح دفاع الدونية. ولأنه يعجز عن إخفاء عري روحه وخِسّتها، فهو يحاول تسويد الذين يتفوقون عليه لكي يبرر نفسهم، أو هو يظن ذلك. وبما أنها مؤامرة زائفة وغير عادلة، فهي أسوأ جرح لمَن يعانون منها.
ليس لدى الشيطان بُعدُ نظر، ولا هو يعرف ما يفكر به الناس. إنه يستخلص استنتاجات من دوافع عواطفنا ومن ثم يثير أعضاءنا وحواسنا بأفكار ملتهبة تناظِر حالتنا. عندما يرى أن نوايانا بدأت تميل نحو ما يستحضر خيالنا من الصور، سواء كانت حقيقية أو في العقل، فهو يدرك أن ذلك هو المكان الذي توجد فيه رغبتنا وعزمنا. فمن ثمّ يستحضر حدثاً مناسباً لإخضاع ضحيته من خلال طبيعة إرادته.
بحسب تعاليم آبائنا المتوشّحين بالله، فإن قوى الروح هي أربعة: الحكمة، التعقّل، الشجاعة والصلاح. هذه القوى تفعل من خلال ما يسمى بالطبيعة “الثلاثية” للروح، أي العاقلة، الغضبية والشهوانية (قوة الرغبة لدى الروح). إن مهمة الحكمة هي تحفيز الجانب الغضبي، مهمة التعقّل أو المعرفة هي تحفيز الجانب العاقل إلى المراقبة والفطنة؛ ومهمة البِرّ هي توجيه القدرة الشهوانية نحو الفضيلة والله؛ ومهمة الشجاعة تنظيم الحواس الخمس حتى يتخذوا المبادرات المناسبة.
عندما نتحدث إلى الناس اليوم عن الحداد يبدو الكلام غريباً عليهم، لأنهم يعتقدون أن البكاء أمر مخجل. بالطبع ، عندما نتعامل مع أمور عابرة تافهة لا يستحقّ الأمر البكاء. لكن أن يكون الحداد محصوراً على مستوى العرف الاجتماعي. يرتبط الحداد الروحي بعلاقتنا مع الله وهو لا ينتج عن اختيارنا بقدر ما يتعلّق بنعمة الروح القدس. الشعور بالمسؤولية عن الأفعال الشريرة يثقل قلوبنا وهذا يؤدي إلى حالة حداد حزينة.
التعدّي على الوصية جلب السقوط الذي هو اغترابنا عن الله وكل ما له علاقة به. قَبِل الله توبتنا وعودتنا إلى طاعتنا لإرادته الإلهية بعد أن أعاد علاقتنا بمحبته وقدسيته. إن الشكل الأكثر قبولاً للتوبة ، وفقاً للآباء، هو دموع حارّة تنبع من ألم القلب الذي يشعر بذنبه البغيض وخيانة محبة الله الأبوية.