الكتاب المقدّس، الكنيسة والنقد
الأب جاك سباركس
نقلها إلى العربية الأب أنطوان ملكي
هذا النص هو جزء من مقالة أطول تحمل العنوان نفسه وقد حُذفَت بعض المقاطع بإذن من الكاتب. الأب جاك سباركس هو عميد أكاديمية القديس أثناسيوس للاهوت الأرثوذكسي ورئيس اللجنة الأرثوذكسية لترجمة الكتاب المقدس في اميركا.
لماذا تهتمّ الكنيسة الأرثوذكسية بالكتاب المقدّس إلى هذا الحد؟ لماذا نحفظه بهذا القدر من الحرص؟ لماذا نوقره ونعتبره مقدّساً؟ لماذا نقرؤه كثيراً في الخدَم؟ أولاً وقبل كل شيء، الكتاب المقدس مركزيّ في إعلان الله للجنس البشري. يكتب القديس غريغوريوس النيصّي: “الكتاب الموحى به من الله، كما يسمّيه الرسول، هو كتابة الروح القدس. هدفه هو منفعة البشر. فهو يكتب: كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع (2تيموثاوس 16:3)”.
أنا أعتقد أنّ هذه الكلمات القليلة البسيطة تقدّم لنا صورة أقل صراحة مما تقتضيه الحقيقة عن نظرة الكنيسة الأرثوذكسية للكتاب المقدس. في الحقيقة، لا يمكن المغالاة في أهمية هذه النظرة التوقيرية للكتاب المقدس واستعماله لكنها تساعدنا على فهم سبب كون التفسير الكتابي شأناً حساساً.
لدينا اليوم فلاسفة ومؤرخون وغيرهم ممّن يسمّون أنفسهم لاهوتيين وهم ينتقدون الكتاب المقدّس ويفسّرونه بدون أخذ العقائد التي حفظتها الكنيسة لأجيال بعين الاعتبار، لا بل هم يهملون هذه العقائد ويزدرون بها. غالباً ما لا يكون هؤلاء اللاهوتيون من أبناء الكنيسة. بغض النظر عن كونهم في الكنيسة أو خارجها فإنهم يعملون بافتراضات مسبقة وطرق غريبة عن الكنيسة. والنتيجة بالتأكيد هي ما يخالف العقيدة المسيحية.
هل ينبغي أن نُسقِط التقليد ونصدّق هؤلاء الناس بدلاً عنه؟ يبدو أن المُتوقَّع منّا هو أن نقبل سيناريواتهم الجديدة ورفضهم لعقائد الكنيسة وتعاليمها لأن المفترَض أنهم واصلون إلى الكثير مما لم يصله آباء الكنيسة. فكونهم عصريين يعني أنهم أفضل.
على عكسهم، فإن آباء الكنيسة يبرزون موقفاً متواضعاً وإيجابياً من الكتاب المقدس، فيقبلونه على أنه كلمة الله الموحى به من الروح القدس. ولقد التزموا بشكل ثابت بالتفاسير التي قبلتها الكنيسة منذ البدء. يكتب القديس ثيوفيلوس الأنطاكي: “علاوة على ذلك، فيما يختص بالبِر الذي يأمر به الناموس، نجد الأنبياء والأناجيل متناغمين مع بعضهم البعض، لأنهم جميعاً تكلّموا كمُلهَمين من نفس الروح القدس”. يكتب القديس إيريناوس أسقف ليون: “إذا، لسببٍ ما، كنّا عاجزين عن شرح كل هذه المقاطع التي نحقق فيها علينا ألاّ نسعى، بهذه الحجة، إلى إله آخر. هذا يكون العُقوق الأعظم. علينا ترك الأمور التي من هذا النوع لله الذي خلقنا، عارفين تماماً أن الكتاب المقدس كامل لأن مَن نطق به هو كلمة الله وبروحه”.
إن استيعاب الإيمان المسيحي وأساسه ومصدر كل عقائده هو الإعلان الذي هو عطية الله. يقول الرسول بولس: “فأعلنه الله لنا بروحه لأن الروح يفحص كل شيء حتى أعماق الله. لأن مَن من الناس يعرف أمور الإنسان إلاّ روح الإنسان الذي فيه. هكذا أيضاً أمور الله لا يعرفها إلاّ روح الله” (1كورنثوس 10:2-11). وأيضاً: “وليس أحد يقدر أن يقول يسوع رب إلاّ بالروح القدس” (1كورنثوس 3:12).
لا يستطيع النقد العلمي أن يُثبت قيمة الإنجيل التقديسية أو يدحضها. الوحي الإلهي هو شيء لا يستطيع العلم تحديده ولا التحقيق فيه كمقولة علمية. هذا لا يعني بالطبع أنه لا يمكن ضمّ الإيمان والعلم، ولا حتى أن العقل لا يستطيع إدراك الحقيقة الدينية. كما أنني لا أقول بالجهة المعاكسة أي بأن الحقيقة الدينية، حقيقة الإعلان، غير ضرورية ولا مقنِعة في أمور العقل. لكن لكي يعمل هذان معاً، العقل والإيمان، على العقل أن يتجلّى.
إذا أردنا أن نتبيّن حقيقة نَفَس الروح القدس في الكتاب المقدّس، علينا أن ننذر أنفسنا للسعي إلى الروح القدس حتى نكسب حدساً وتبصّراً روحيين. علينا أن نتعلّم التفريق بين ما هو مقدس وما هو دهري ودنيوي. علينا أن نعرف وأن نحس بما هو مقدس في مقابل ما هو غير مقدّس. على عكس ما يرى الكثيرون في أيامنا، علينا فقط أن نعترف بأن هناك ما هو مقدّس وهو حقاً منفصل عن ما هو دنيوي. ولا يمكن تحقيق هذا التجلي لضميرنا إلاّ في الكنيسة، أي في كمالها الروحي المواهبي. الوحي أُعطي للكنيسة وليس لأفراد.
لكي نختبر ملء الوحي علينا إذاً أن نكون في الكنيسة ومنها. في العهد القديم أيضاً، بالرغم من أن الله تكلّم إلى أفراد، مباشرة أو بشكل غير مباشر، فالمؤتَمَن على كلمة الله كان شعب الله وليس أفراداً (روما 2:3). الوحي أُعطي فقط للكنيسة ويمكننا الحصول عليه فقط في الكنيسة: هذا الجسد حيث يمكن إيجاد ملء الحياة الروحية.
يصبح الوحي غير واضح وغير مقنع عند مَن هم خارج الكنيسة. هذا النقص في الوضوح هو الوجه الآخر لقلة الانتباه البشري ولعدم رغبتنا بسماع ما ينقله لنا الإنجيل ولا برؤيته، ما يؤدي إلى فقداننا للإدراك الروحي. أو كما يقول الرسول بولس: “يتعلّمون في كل حين ولا يستطيعون أن يقبلوا إلى معرفة الحق أبداً” (2تيموثاوس 17:3) 0
عند هذه النقطة ننظر إلى النقد التاريخي وما يسمّى بالنقد الأعلى وما يتبعهما من النظريات. في أغلبها، النظريات التي تستند إليها هذه الآراء قد نشأت على يد أناس من خارج الكنيسة لا يرغبون بالتعلّم من الروح القدس. في بعض الأحيان يحمل آراءهم بعض الأكاديميين وحتى أساتذة المعاهد في الكنيسة. ولكن مهما كان اتجاههم ، فهم يبقون على نقيض إعلان الله.
هذا هو سبب عدم جدوى النقد الأعلى وأتباعه في فهم إعلان الله. في فهمهم للتاريخ وحده، يضع الناقدون أنفسهم خارج نطاق الإعلان. من الجدير بالسخرية أن يناقش البعض أن موسى وإبراهيم لم يوجَدا أو بأن قبائل إسرائيل الإثني عشر هي خيال تاريخي. هذه الأفكار تجعل أصحابها من متعهدي الهرطقة وغير منطقيين لأن السيد يسوع المسيح والرسول بولس أشارا مباشرة إلى موسى وإبراهيم كشخصيتين تاريخيتين. وبالتأكيد هذا موقف الكنيسة لاحقاً.
الأناجيل ذروة الإعلان
ذروة الإعلان هي في الأناجيل لأن المسيح، موضوع الأناجيل، هو ملء الإعلان. نحن نلاحظ أن العهد الجديد، كما العهد القديم، هو قبل كل شيء تاريخ. ليس أساس العهد الجديد وصايا وتعاليم فقط بل هو أيضاً معلومات وأحداث. يقودنا هذا الأساس إلى المسيح وإلى جسده الكنيسة “ملء الذي يملأ الكل في الكل” (أفسس 23:1). نعم، الأناجيل هي تاريخ واضح جداً وغير مزخرف. هذه الأحداث التاريخية البسيطة، لكن الملفتة للانتباه، هي في الوقت نفسه مصدر الإيمان والرجاء المسيحيين وموضوعهما.
الأناجيل هي سجلاّت البشارة الرسولية وتعليم الرسل لم يكن متضمناً “بكلام الحكمة الإنسانية المقنِع بل ببرهان الروح والقوة” (1كورنثوس 4:2) على ما يعلن الرسول بولس. وهكذا، في ذكريات شعب الله، تنمو صورة يسوع المسيح بقوة حية، وكلُّ قلب حسّاس يتعرّف في يسوع الناصري المصلوب والقائم إلى مخلصَ العالم والله المتجسد، ابن الله وابن الإنسان. من خلال الإيمان، يُكشَف مخطط الإنجيل على الأرض بشكل سرّي، وبقوة الروح القدس يصبح الدليل التاريخي أداةً بها نتمكن من إدراك الحقيقة الإلهية.
صحيح أنه ليس الجميع يرون في أيامنا كما أن الجميع لم يروه عندما حدث لأول مرة. وبشكل مطلق، لم يكن “اللحم والدم” مَن كشف أن يسوع المسيح هو ابن الله الحي (متى 16:16-17) بل الله نفسه. في اتّحاد طبيعتيه السرّي كإله وإنسان، أظهر صورته الحقيقية كإله وإنسان وعُرفت. وعلى هذا المنوال نراه في كتابات الإنجيليين.
بالواقع، إنّ كل العهد الجديد هو صدى للإنجاز التاريخي، ما كان قد تُنُبئ به والآن تحقق. تذكّروا، نحن لا نتكلّم فقط عن أي مجرى للأحداث الطبيعية على الأرض. نحن نتكلّم عن القصة الحقيقية لهذا الالتقاء بين السماء والأرض وبين الإله والإنسان، عن هذا الالتقاء والاتحاد: “والكلمة صار جسداً” (يوحنا 14:1).
ومع هذا، “ليس أحد يقدر أن يقول يسوع رب إلاّ بالروح القدس” (1كورنثوس 3:12). هذا يعني أننا نسمع ملء الإعلان بوضوح فقط في الخبرة الروحية. لهذا السبب أُرسِل المعزي روح الحق إلينا: “ليرشدكم إلى جميع الحق” (يوحنا 13:16)، و”يذكركم بكلّ ما قلته لكم” (يوحنا 26:14). وعبر الأجيال إلى يومنا هذا “تعلّمكم هذه المسحة عينها عن كلّ شيء” (1يوحنا 27:2). نعم، نحن اليوم لدينا الروح القدس نفسه الذي أعطي منذ البداية لكل عضو من الكنيسة ليحفظه في الحق.
كتاب الكنيسة
كًتبت الأناجيل داخل الكنيسة. إنها سجلاّت تعليم يسوع المسيح وتبشيره. إن قوة هذا التبشير وقدرته بَنَتا الكنيسة كما توقّع السيد عندما قال لتلاميذه: “اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمّدوهم باسم الآب والابن والروح القدس. وعلّموهم أن يحفظوا كل ما أوصيتكم به” (متى 19:28-20). الأناجيل هي سجلات أو خبرات إيمان الكنيسة، سجلاّت ما نحتاج لمعرفته عن يسوع المسيح وخبرة تلاميذه معه. فقط في الكنيسة يمكن الحصول على صورة المسيح هذه بشكل تام وكامل. غالباً ما قال لنا الآباء القديسون أن الكنيسة هي اللقاء المتقدّم والحي باستمرار بين المؤمنين والمسيح الذي يلبسه كل المؤمنون في سر المعمودية المقدسة ويمتلئون به من الروح.
الإعلان الإلهي محفوظ في الكنيسة. كلمات الكتاب تَحفَظ الإعلان وتصونه، مع أنها لا تشمله بالكامل. هذا يعني أن كلمات الكتاب لا تحتوي كل الإعلان. حتى الكتب المقدسة لا تستطيع أن تحتوي كل الخبرة المسيحية وكل نشاط الكنيسة الروحي وذاكرتها. هناك أكثر بكثير ممّا يمكن رؤيته أو وصفه لأن خبرة الكنيسة أكثر رحابة وعمقاً مما هو معبّر عنه كتابةً.
كما يكتب الرسول يوحنا: “وأشياء أُخر كثيرة صنعها يسوع إن كًُتبت واحدة فواحدة فلست أظن أنّ العالم نفسه يسع الكتب المكتوبة”. لذلك، فالذين يقيمون في الكنيسة، مطمئنين فيها وواثقين بنعمة الروح القدس وسلامه فيها، يعرفون بشكل أفضل ممّن هم خارجها بشكل غير محدود ومختلف جداً. إن شهادة الروح تجلب الوضوح والملء للكتاب المقدس عند الذين يقيمون في الكنيسة ويختبرون الاستنارة التي يحصلون عليها هناك. نعم، وهذه الشهادة تبقى حية في خبرتهم الشخصية أي في ما يعرفون ويرون ويفعلون.
لهذا السبب بالذات لا يصحّ أن نتحدّث عن كفاية الكتاب الذاتية وكأنه بذاته يحتوي كل ما أعطى الله للكنيسة، أو كأنه ممكن أخذه لوحده بدون قوة التفسير والتعليم التي يعطيها الروح القدس للكنيسة وفيها. الإعلان هو خبرة روحية داخلية لأعضاء الكنيسة.
بالواقع، الكنيسة نفسها هي إعلان. هناك تيار غير منقطع من الإعلان بدءً من يوم العنصرة، حين دخل الروح القدس الكنيسة ليقيم فيها، إلى اليوم. في العنصرة، حمل الروح المعمودية النارية للعالم المخلوق وقد ظهرت من خلال الألسنة النارية التي اختبرها الرسل الإثني عشر والذين كانوا معهم كأولى الأثمار المختارة ممثلة العالم المخلوق.
ضمن الكنيسة، ينادي الكتاب داعياً إلى فتحه وشرحه. وأي عرض أو شرح صحيح سوف ينبع دوماً من الحقائق الموجودة في الكتاب. ينبغي ألاّ يكون الشرح خارجياً يقدمه أولئك الذين لم يختبروا الكنيسة، بل هو شرح داخلي ينمو من أعماق خبرة الكنيسة الروحية. عند هذه النقطة نحن لا نفكّر كثيراً في الحدس الروحي الشخصي لكل إنسان يحاول تفسير الكتاب المقدس، بل فوق كل شيء نحن مهتمون بالملء الحي للخبرة الروحية للكنيسة ذاتها. من خلال هذه الخبرة يكون الكتاب مفعماً بالحيوية من الروح نفسه الذي أوحى به. تشهد الكنيسة لما وضعه الكتاب وأخبر عنه عندما تشرحه، أي إنها تشرح ما كوّنه الروح القدس في وسطها.
في بعض الأحيان، يجب استعمال بعض الكلمات الجديدة لإيضاح الحقيقة وإيصالها في زمان جديد. مثلاً، في مجمع نيقيا في القرن الرابع، احتاجت الكنيسة لعبارة جديدة لإيصال حقيقة أن الابن هو من نفس جوهر الآب ومساوٍ له. العبارة كانت “من جوهر واحد (homoousian)”، وقد أربكت هذه العبارة الهراطقة. في الأصل، تُكتَسَب الاستنارة في صمت الإيمان، صمت التأمّل، فهكذا هي أولى لحظات تلقّي اللاهوت. وفي هذه السكينة المتقبِّلة والموقف المُستَجيب يُمنَح ملء اللاهوت ويُتَقبَّل.
لكن مع ذلك يجب أن يعبَّر عن الحقيقة بعبارات يفهمها البشر لأن الكنيسة وشعبها ليسوا مدعوين فقط إلى تقبّل الحقيقة بيقظة بل أيضاً إلى الشهادة لها. ففي الكنيسة، الصمت المتقبِّل في الانفتاح النسكي والوعي لا يستنزف مهمة اللاهوتي بشكل كامل. يجب نقل كلمة الله في واقعية العبارات البشرية محرِّكة الفكر البشري وعاكسة معرفة الله.
نقل الإعلان
هناك طريقتان أساسيتان بهما تنقل الكنيسة إعلان الله في خبرتها:
1. الأولى هي الصور، النماذج والرموز، الشعر والتراتيل. هذه نجدها عند أنبياء العهد القديم وفي وعظ الرسل وعند كتّاب الأناجيل وما تزال معنا إلى اليوم، لأن الكنيسة ما زالت تعلّم في التراتيل والمزامير التي هي حركة الخِدَم وفاعليتها. هذه هي اللغة والأداة لنقل التعليم، والشهادة هي إحدى وسائل نقل الحقيقة الإلهية.
2. وصف الحقيقة الإلهية باستعمال المفاهيم العقلية المستنتَجَة من الدراسة. هذه هي لغة العقيدة أي اللاهوت العقائدي.
إن التعليم والعقيدة هما الوسيلتان الأساسيتان اللتان تستعملهما الكنيسة لنقل الحقيقة، أي الوحي الداخلي الذي كان دائماً موجوداً في الكنيسة بقوة الروح المقيم فيها. هذا الوحي، أي هذا التعمّق والنمو في معرفة الحقيقة، هو حياة الكنيسة كما يقول الرسول بولس”إلى أن ننتهي جميعنا إلى وحدانية الإيمان ومعرفة ابن الله، إلى إنسان كامل، إلى قياس قامة ملء المسيح” (أفسس 13:4).
العقيدة هي كل ما أعلنه الله للكنيسة خلال خبرتها الطويلة وعبَّرت عنه بالكلمات في تحديدات ومفاهيم. وهكذا، فالعقيدة هي أيقونة للحقيقة الإلهية بالكلمات والأفكار. لكنها أيضاً تحديد وتعبير عن الحقيقة والمعنى. لهذا السبب كلا المعنى الداخلي والاختيار الخارجي للكلمات مهمان جداً في الصياغات العقائدية ولهذا نحن نسمّي قانون الإيمان النيقاوي “رمز الإيمان” و”تحديد الإيمان”. ضمن هذا القانون، تُعلَن الحقيقة الممنوحة للكنيسة واختيار الكلمات للتعبير عنها مشحوذ بدقة. العقيدة، كالقانون النيقاوي، ليست وحياً. إنها شهادة للوحي الإلهي المُعطى والمُختَبَر والمُعتَرَف به إعلاناً لأسرار الحياة الأبدية المكشوفة للكنيسة من الروح القدس. إن عقيدة الكنيسة الأرثوذكسية يُوحى بها كاملة من خلال النظر والاستماع لله في احتكاك حقيقي مع الأمور “التي لا ترى” (عبرانيين 11:1).
إن الحقيقة الثابتة المعلَنة والمحفوظة منذ البداية هي مصدر السلطة العقائدية خلف القانون النيقاوي وغيره من التعاليم المُتسلَّمَة في الكنيسة الأرثوذكسية. وهذه التعاليم لا تتطوّر ولا تتغيّر، بل هي مقدّسة ودائمة، حتّى في الاختيار الخارجي لكلماتها. أهو مفارقة القول بإمكانية نشوء العقائد وتثبيتها والتعبير عنها من دون أن تتطوّر؟ بالرغم من صحة هذا الكلام، عندما تتثبّت عقيدة ما تصبح مقياساً للإيمان وقانون إيمان ثابتاً إلى الأبد.
ينبغي الملاحظة بأنه عندما تُعلَن بعض الحقائق الجديدة تعبّر عنها الكنيسة بكلمات من الحقيقة المحفوظة في ثنايا شهادتها العقائدية. إن الهدف الأول لشهادة الكنيسة هو إيجاد الكلمات المطلوبة وتحديدها للتعبير بشكل صحيح عن خبرتها. إذ ينبغي أن تحمل هذه الكلمات تحديداً دقيقاً للحقيقة لأن حقيقة الإيمان هي حقيقة عقلية أيضاً، ومهمة اللاهوتي هي الدخول إلى معرفة الحقيقة كما يحددها الرسول بولس في رسالته الأولى إلى تيموثاوس: “لأن هذا حسن ومقبول لدى مخلصنا الله. الذي يريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحقّ يقبلون” (1تيموثاوس 3:2-4). في هذه العملية يتجلّى عالم الفكر ويتقدّس ويتجدّد.
الحقيقة الإلهية
عندما تستعمل الحقيقةُ الإلهية كلماتٍ بشرية، تتجلّى الكلمات المُستَعمَلة. وكون حقائق الإعلان قد تحدّدت بصور ومفاهيم منطقية هو شهادة لتجلّي الكلمة والفكر. هكذا تصبح هذه التركيبة من الكلمات مقدّسة. كلمات التحديدات العقائدية المأخوذة غالباً من مجموعة المفردات الفلسفية المألوفة لا تبقى كلمات بسيطة عَرَضية كان ممكناً، أو هو من الممكن، استبدالها إذ في هذا الاستعمال تصبح كلمات أبدية لا تُستَبدَل.
هذا يخبرنا بشيء مهم جداً ومثير للدهشة بعض الشيء. في تركيب تعبير مناسب لحقيقة إلهية، بعض الكلمات، أي المفاهيم والأفكار المحددة، صارت خالدة فيما معناها ثابت. لقد تمّ اختيار هذه المفاهيم وخطوط التفكير لأنها توصل إلى أفكار خالدة ومطلقة. بالتالي، إنها نافعة للتعبير الصحيح عن حقيقة الإعلان. الكثير من هذه الكلمات والمفاهيم موجودة في الكتاب المقدّس بدءً من كلمات بسيطة مثل المعمودية والرسول والكلمة.
نحن نتكلّم هنا عن حقيقة الإعلان التي أعطيت للكنيسة بشكل مُطلَق، لا كاقتراح، أي كأمر ممكن أو مُفتَرَض، بل كشيء مُعطى ومفروغ منه. مهما كانت معرفتنا الحالية جزئية بالمقارنة مع المعرفة الموعودة التي هي “وجهاً لوجه” (1كورنثوس 12:13)، فالآن، كما دائماً، إنها الحقيقة التي أعلنها الله. منذ البدء، تُعلَن الحقيقة في خبرة الكنيسة وتُوضَّح في تحديدات عقائدية.
تكرّر تعاليم الآباء، بتصنيفات فكرية محددة، محتويات التعليم الرسولي الثابتة، معبّرة بكلمات مناسبة لمسائل ذلك الزمان عن نفس العقائد التي عبّر عنها الصيادون في ما مضى بكلمات بسيطة، فهم قد تلقّوا الحكمة للقيام بذلك بقوة الروح.
ضروري الانتباه لعبارة “بقوة الروح” عند قراءتنا لقوانين المجامع الكنسية وكلمات الآباء. لأننا مجدداً نشعر، في تحديدات الكنيسة العقائدية، بالقوة المحيية لروح الحق روح الحكمة. لا تُعلَن العقائد لأن الناس تقرر أنها تريدها بل هي تُعلَن بوحي من الروح. وفي قوانين المجامع المسكونية التي هي مصدر قسم كبير من تحديدنا العقائدي إعلان الروح القدس معروف بشكل خاص.
وإلى ذلك، خبرة الكنيسة في رؤية الله وسماعه ليست مجموعة فقط في عقائدها كما أن الوحي ليس محدوداً في كلمات الكتاب المقدس. في التعريفات العقائدية تُحدّد الحقيقة وتُصان لكنها لا تُغطّى كلياً. خبرة الكنيسة وإيمانها أكثر تماماً وشمولاً ممّا تعبّر عنها العقائد. هناك الكثير ممّا تشهد الكنيسة له، حتى إلى يومنا هذا، بالصور والرموز والتشابيه، أي باللاهوت الرمزي. على الأرجح أن هذه الأوجه الصغيرة من حياة الكنيسة سوف تبقى إلى آخر الأزمنة، إلى آخر عبور من هذا العالم إلى العالم الآخر.
من الأكيد أن الكنيسة، كجسد المسيح، مُنِحَت ملء المعرفة منذ البداية. لكن هذا الملء لم يُقدَّم كاملاً مرة واحدة في البداية بل قُدِّم بشكل تدريجي. علينا الاعتراف بأن ما لدينا هو “بعض المعرفة”. أمّا الملء النهائي والمطلق والكامل فسوف يُعلَن فقط خارج الزمن، أي في المجيء الثاني حيث اللقاء العظيم والنهائي مع سيدنا. كما نعلم، الكنيسة دوماً هي في موقع ودور الحاجّ على طريق الرب، الذي هو في العالم من دون أن يكون منه.
إذاً، أمام أعيينا دوماً، كأعضاء لجسد المسيح، الأهداف التي هي منذ البداية: معرفة الله وفهم الإعلان. هناك الكثير مما لم ينجَز ونحن نعرف القليل على ما يبدو. في أي حال، علينا ألاّ نستسلم للشكّ في حقيقة معرفتنا بسبب عدم كمالها. كما علينا أن لا نستسلم للظن بإمكانية استبدالها. لا، إن الحقيقة العقائدية التي نملكها هي فعلاً صحيحة وأكيدة. أسرار كثيرة تبقى لدينا للتأمل ضمن حدود خبرة الكنيسة هي أسرار لم توجد لها بعد الكلمات العقائدية. ضمن هذه الجدران هناك مجال كبير للآراء والبحث اللاهوتيين. كما أن هناك بالتأكيد حرية في مساعدة الناس على فهم العقائد المحددة. لكن بالتأكيد لا يوجد في الكنيسة أي دور للخيارات والتغييرات الاعتباطية وغير الموضوعية. على اللاهوت أن يبقى حياً ومسموعاً ومُتسَلَّماً من الله وليس مبنياً بالتفكير العقلي ولا مقسوماً إلى مفاهيم منفصلة منعزلة، وكأن كلاً منها صمد أو انهار بسبب أهليته. للتكرار، عقائد الإيمان هي حقائق الحياة مع الله مُختَبَرة في الكنيسة، ورؤيته وسماعه باستنارة الروح القدس. لهذا لا يمكن فصل هذه الحقائق أو ألغازها أو فهمها من خلال أي عملية من التفكير الاستدلالي أو التحليل بل من خلال الحياة الروحية أي المشاركة فعلياً في ملء حياة الكنيسة. لا يُبلَغ إلى أي مفهوم لاهوتي صحيح من خلال الاستنتاج المنطقي بل فقط عن طريق رؤية الله وسماعه ما لا يمكن توقعه بدون قداسة الحياة.
اللاهوت مُلك الكنيسة
وهكذا يكون اللاهوت الحقيقي خاصاً بالكنيسة. فهل نريد أو نتوقّع أن نكتسب المعرفة اللاهوتية الصحيحة؟ هذا ممكن لكن بطريقة واحدة. على الذين يحاولون أن يمتلكوا المعرفة اللاهوتية أن يختبروا تجلياً جامعاً أي أن عليهم أن يستنيروا بالروح القدس وهم في وحدة مع الكنيسة قديماً وحاضراً. إن الذين يؤمنون بأنهم قادرون على “إنتاج اللاهوت”، بأنفسهم وخارج الكنيسة، هم يخطئون في جامعية الكنيسة.
إن هذا الكلام هو تحذير للذين يتدرّبون على التفكير بأنهم قادرون، باستعمال قواهم العقلية، على مقاربة الحقيقة أكثر مما تقاربها تعاليم الكنيسة. تحارب الجامعية كل أشكال التحيّز الشخصي وكل جَزْم بالحصرية الذاتية، وهي ضد الانعزال والادّعاء بالتفوّق الفكري. إن الذين تعتبرهم الكنيسة معلمين حقيقيين لخبرتها ووعيها تدعوهم آباء ومعلمين لأن كتاباتهم ليس مجرد معتقداتهم الشخصية بل شهادة الكنيسة. إنهم يتكلّمون من فيض الكنيسة منذ البداية إلى اليوم. لهذا نحن نحس بنفحة الروح في ما يكتبون.
نحن نعلَم أن في إعلان الكنيسة لأي قرار عقائدي لا تقول ما لم يكن في السابق صحيحاً لكنها تقول ما يلزم لأمر لم يشكّل في الماضي تحدياً ولم يكن من ضرورة لتوضيحه (مثلاً عقيدة الثالوث القدوس)، أو لأمر سبق إعلانه وقد تمّ وشُهِد له (عقيدة شخص المخلص).
شهادة في الرموز والتشابيه
في ما يختصّ بأشكال أخرى من الأمور، تفضّل الكنيسة أن تشهد بالرموز والتشابيه، ليس عقائدياً بل ليتورجياً، كما في عيدي الصعود والتجلّي. في هذين العيدين الكبيرين، وفي الحالات المشابهة، تقدّم الكنيسة شهادة أساسية عن أمور لم يُخصص لها بعد تعابير عقائدية كونها أموراً تتعلّق بتقديس العالم وكماله لكنها لم تكتمل. يُكشَف سر صعود الرب فقط عند مجيئه الثاني إذ عندما “سيأتي هكذا كما رأيتموه منطلقاً إلى السماء” (أعمال 1:1). لماذا؟ لأنه فقط في حينه ومع قيامة الكل سوف يُجدّد الجسد بشكل كامل ويصبح غير فاسد.
وعلى ارتباط شديد مع هذا السر هو سر تجلّي الرب. إنه إعلان لا يجوز المرور به بدون اهتمام. بالحقيقة، لقد أُعطينا الكثير فقط في هذه الإعلانات. علينا أن نلاحظ في أي حال أن هذه الحقيقة لا تعني أنه يحق لنا أن نُطلق رأينا في ما يختص بالحقائق التي لم تحدد كعقائد، أو أن نرفض شرعية أي رأي سبق في هذه الأمور.
مركزية الكنيسة
إن غياب وجود بيانات عقائدية أو تحديدات تعليمية في هذا الأمر أو ذاك لا يعمي أن لا شيء معروف، ولا أن غياب هذه التحديدات يعني أننا أحرار بقول ما يحلو لنا في هذه القضايا. في خبرة الكنيسة، كونها مصدر كل التحديدات العقائدية، نجد تعليماً حول ما لَم يوضع له بعد تحديد عقائدي. أيضاً نجد الحقيقة معطاة في الكتاب المقدس وهو العمق الذي لم يُعبَّر عن كل ما اكتُشِف فيه بتحديدات عقائدية فيما هو مليء بالأسرار والنبوات. لا تعلِن الكنيسة عقائدياً عن كل ما عُلم وكَشِف لكن كل شيء موجود بطريقة أو بأخرى في خبرة الكنيسة المرتبطة برأسها يسوع المسيح سرمدياً وهي إلى الأبد تستنير بالروح القدس وتستلهمه.
يتكلّم الله معنا من خلال روحه ونحن نفهم صوته فقط بقدر ما نسكن في الروح لأن: “الريح تهبّ حيث تشاء وتسمع صوتها لكنك لا تعلم من أين تأتي ولا إلى أين تذهب. هكذا كل مَن وُلد من الروح” (يوحنا 8:3).
كلّ سبل الحياة الروحية متصلة بالكنيسة. منذ يوم العنصرة، يقيم الروح في الكنيسة حيث يسكن أيضاً شعب الله. هنا أعطينا الحياة الأبدية بقوة الروح. هنا كلمة الله يعلن وهو مسموع فكل شيء محدد منذ البدء. هنا ملء البِر والسبيل إلى المعرفة الإلهية. كفاح الروح والصلاة لاكتسابه هو الطريقة التي يمكننا بها تمجيد الله داخل جدران الكنيسة. يستمر إعلان الله في الحياة من خلال نَفَس الروح ويتعزّز كيان الحقيقة غير المنقسمة الحيّ.
فلنفرض الآن أن أحداً ما أتى ببعض الافتراضات وطرق التحقيق من خارج الكنيسة وهو يقول: “نحن نرفض تعاليمكم واستنتاجاتكم لأنها تخالف ما تعلّمنا واكتشفنا”. كما نعلم، لقد قام البعض بذلك. كيف نجيب؟ أولاً، نحن نرفض كل افتراضاتهم وطرقهم استنتاجاتهم التي تخالف إيمان الكنيسة وممارستها. تالياً، نحن نقارن ما قالوه بالعقيدة والتعليم الأرثوذكسيين. نعود إلى تعاليم الكتب المقدسة والمجامع والآباء والخِدَم الليتورجية والأساقفة، كونهم القاعدة والحياة والمعرفة المحتواة في الكنيسة…
الكلمة الثابتة في عالم متغيّر
يجب ألاّ نخطئ. عند تفحّصنا مقاربة الكثيرين من باحثي الكتاب المقدس المعاصرين، نجد أنفسنا في مواجهة لاهوتيين يعلّمون عقيدة مختلفة ويربكون الناس. علينا أن نُظهر بشكل واضح الفرق بين الإيمان الأرثوذكسي وما يعلّمون. لقد تأخرنا في الواقع لأنهم قد غزوا جاعلين الكثيرين يرتابون في إيمانهم.
مع هذا فلم يتأخر كثيراً فتح خطوط المعركة، لكن فلنفتحها بالفهم وبمقاربة الكنيسة للوحي وبالمحبة والتجذّر الأكيد في الإيمان. قبل قرون كتب النبي “إلى الأبد يا رب كلمتك مثبتة في السماوات” (مزمور 89:119). ومع هذا أمام ناظرنا، فلنحترس في تعاطينا مع أعمال الباحثين أصحاب الافتراضات المسبقة الأخرى، وبالواقع إيمان آخر، والذين بالتالي يهاجمون بشكل طائش عناصر جوهرية من الإيمان. فهم يبدؤون بأماكن متعددة ويتقدّمون بأساليب مختلفة، كما يعبّر وولتر بروغمان (Walter Brueggemann) عن هذا الأمر: “من جهة التفسير، نحن الآن على مسافة بعيدة من أعمال وولتر إيشترودت (Walter Eichrodt) وجيرهرد فون راد (Gerhard von Rad) مع أنها أعمال حديثة نسبياً. لقد اقترحنا أن عبارة ليو بيرديو (Leo Perdue)’ انهيار التاريخ‘ لا تشير فقط إلى الطرائق المتغيرة بل أيضاً إلى الافتراضات الثقافية والدعامات السياسية التي سهّلت الدفاع عن نوع معين من العمل التفسيري طوال القرن العشرين”.
يثبِت خليط الافتراضات المتضاربة الدائمة التغيّر والمنهجية التي تبعت صعود المفسرين الأكاديميين، أتباع النقد العلمي وخلفائهم، على مدى المئة سنة الماضية أن عملهم لا ينطبق في الكنيسة. فمن فيلهوزن (Wellhausen 1844-1918) إلى ألبرخت ألت (Albrecht Alt) ومارتن نوث (Martin Noth 1966) إلى جيرهرد فون راد (Gerhard von Rad 1962) جيرغن مولتمان (Jurgen Moltmann 1967) وليو بيرديو (Leo Perdue 1994) وجوزيف بلانكنسوب (Joseph Blenkinsopp 1992) وصولاً إلى مقاربة أنتي لاتو (Antii Laato) المتعلقة بالأعراض إلى إعادة بناء تاريخ الأنبياء (1996)، كل هؤلاء الباحثين لم ينتجوا نور الله بل بالأحرى، وببساطة وصدق، أنتجوا التشوس الكامل. نحن لا نشكك باستقامتهم أو بقدراتهم العقلية بل ببساطة نجد أنهم لا يتفقون مع عمل الكنيسة. إنهم لا ينفعون، بل هم مجرد عائق وويل للاهوتي الأرثوذكسي الذي يقع في نظرياتهم.
ببساطة وبشكل أساسي، إن الكتاب المقدس جوهري للإيمان بتعاليمه بما فيها التاريخ المدون فيه. أفضل مرشد لنا هو الكنيسة. يضع القديس كيرللس الإسكندري بعض الملاحظات الحادة في هذا الموضوع: “إن الذين يرفضون التاريخ المدوّن في الكتب المقدسة الملهمة من الله معتبرين أنه تاريخ تخطاه الزمن، يعيقون أنفسهم عن اكتساب فهم صحيح بحسب المعنى المقصود… عندما تُقدَّم لنا بعض الأعمال التاريخية في الكتب المقدسة، من الملائم البحث عن منفعة هذا التاريخ، إذ في كل الأحوال الكتاب الموحى به من الله هو لمنفعتنا ومساعدتنا”.
إذا كان عندك الإيمان المسيحي إذاً ثِقْ بالكتاب المقدس وقاربه كمؤمن. أطلب المعمودية والميرون وضعْ نفسك في عناية الكنيسة. وإذا كنتَ عضواً للكنيسة تصرّف على هذا الأساس وعِشْ هذه البنوّة. من جهة أخرى، إذا لم يكن عندك الإيمان، إنسَ الكتاب المقدس كمرشد إلى الحياة. في أي حال، إذا اخترت الدرب الأخيرة فلا تدعُ نفسك مسيحياً أو أرثوذكسياً.
إن الكتاب المقدس هو سراج لرجلنا ونور لسبيلنا (مزمور 105:119). إنه موحى من الله ومحكوم فيه روحياً (1كورنثوس 14:2). إنه “نافع للتعليم والتوبيخ للتقويم والتأديب الذي في البِر” (2تيموثاوس 16:3). إنه كنز نتشارك به مع أبنائنا. إذ نقرؤه فلتستنر أعين ذهننا (أفسس 18:1) حتى نكون “مفصلين كلمة الحق باستقامة” (2تيموثاوس 15:2).