رسالة إلى أسقف مُنتَخَب
نقلها بأمانة الأب أنطوان ملكي
أبونا الأرشمندريت الحبيب
أقول أبونا ما دام هذا مُتاحاً إذ أني أجد في كلمة “أبونا” حميمية أفتقدها في كلمة “سيدنا“.
لن أقول لك مبروك، فهذه لغة المجتمع لا الكنيسة، وهي للذي حصل على شيء اشتهاه. أما في الكنيسة فمَن يعرف ثقل الأسقفية لا يبارِك للمتقدّم إليها بل يصوم من أجله.
ولن أقول لك مستحق لأني بتّ مقتنعاً بأننا لم نعد نستعمل هذه الكلمة في مكانها الصحيح. عندما ننادي “مستحق” لأغلب الرجال على كافة الرتب، فعلياً نحن ننادي باستحقاقهم لأن يتأهّلوا لهذه الرتبة، وأنت يا أبونا تأهّلت من زمان، من يوم صرت أرشمندريتاً حاملاً لشهادة اللاهوت. أما الاستحقاق الفعلي للرتبة نفسها، بالاستناد إلى ما نراه في أيامنا، والذي تعبّر عنه هذه الكلمة، فأرى أن يكون مؤجّلاً، والأفضل أن نبقيه لجنازة الإكليريكي فإمّا نقولها معبّرة عن ما عاينّاه أو لا نقولها.
أعرف أن الكثيرين يقرؤون هذا الكلام الأخوي بنيّة سيئة ومع هذا أكتبه لأني مطمئن إلى أني دائماً أقول ما في ذهني بصراحة ومن دون مواربة. أنا أكتب وفي ذهني أيقونة الدينونة التي تقلقني في كل مرة أراها، إذ أرى البطاركة فالمطارنة فالأساقفة فالكهنة فالرهبان فالشعب يتقدمون إلى الباب الواسع المؤدّي إلى الهلاك. الوضع هناك كما هنا.
«نَدِمْتُ عَلَى أَنِّي قَدْ جَعَلْتُ شَاوُلَ مَلِكًا، لأَنَّهُ رَجَعَ مِنْ وَرَائِي وَلَمْ يُقِمْ كَلاَمِي» (1صموئيل 11:15). هذا قول الرب عن كثيرين من الرؤساء. هذا الكلام عرفه قليلون فهربوا من الكهنوت ومن الرئاسة، الذهبي الفم والقديس أفرام السرياني وغيرهما. شعبنا يا أبونا ليس بحاجة إلى عصي مذهبة ولا إلى بدلات مطرزة. شعبنا بحاجة إلى نموذج يتعلّم منه. شعبنا بحاجة إلى قادة متواضعين من غير رياء ومحبّين من غير تملّق.
حبّذا يا أبونا لو أنك ترفض الأسقفية فتكون مثالاً للعفّة والثبات في الإيمان وعدم اللوم. كثيرون يشتهون الأسقفية والرئاسة وقلّة هم مَن يسعون إلى القداسة قبل كل شيء. القداسة تُكتَسَب ولا تُعطى إلا من الله. إن رفضتَ الأسقفية تقدّست وقدّستَنا.