ماذا يعني الصراع ضد الشر
البطريرك بولس الصربي
نقلتها إلى العربية شيم حموي
“أَيْضًا سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ:لاَ تَحْنَثْ، بَلْ أَوْفِ لِلرَّبِّ أَقْسَامَكَ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تَحْلِفُوا الْبَتَّةَ، لاَ بِالسَّمَاءِ لأَنَّهَا كُرْسِيُّ اللهِ، وَلاَ بِالأَرْضِ لأَنَّهَا مَوْطِئُ قَدَمَيْهِ، وَلاَ بِأُورُشَلِيمَ لأَنَّهَا مَدِينَةُ الْمَلِكِ الْعَظِيمِ. وَلاَ تَحْلِفْ بِرَأْسِكَ، لأَنَّكَ لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَجْعَلَ شَعْرَةً وَاحِدَةً بَيْضَاءَ أَوْ سَوْدَاءَ. بَلْ لِيَكُنْ كَلاَمُكُمْ: نَعَمْ نَعَمْ، لاَ لاَ. وَمَا زَادَ عَلَى ذلِكَ فَهُوَ مِنَ الشِّرِّيرِ. «سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ، بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضًا. وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَاصِمَكَ وَيَأْخُذَ ثَوْبَكَ فَاتْرُكْ لَهُ الرِّدَاءَ أَيْضًا. وَمَنْ سَخَّرَكَ مِيلاً وَاحِدًا فَاذْهَبْ مَعَهُ اثْنَيْنِ.” (متى33:4-41).
يذكّرنا الربّ أنه يجب أن لا نحلف، ويجب أن يكون فيما بيننا من محبّة الحق والثقة ما يجعل القول “نعم” يعني “نعم” وقول “لا” يعني “لا“. هناك بالطبع بعض الحالات الضرورية التي تسمح فيها الكنيسة بالإقسام لتأكيد الحقيقة خاصةً في المحاكم. نعرف من الكتاب المقدس أن الله قد حلف مرة بنفسه. ليس أن القَسَم ممنوع بشكل قاطع بل واجبنا أن نحاول أن نكون محبّين للحقّ لأن الله هو الحقّ، والشيطان هو الكذّاب وأبو الكذب. بهذا المعنى يجب أن نحبّ الحقّ. وأكرر ذلك.
قيل في ناموس موسى القديم أنه “عين بعين وسن بسن” (خر 24:21) هذه كانت قانوناً أعلى مما سبقه. قال لامك الذي كانت له امرأتان “إِنِّي قَتَلْتُ رَجُلاً لِجُرْحِي، وَفَتىً لِشَدْخِي” (تك 4: 23). ويظهر ناموس موسى يقول: “عين بعين وسن بسن ويد بيد وقدم بقدم” (خر 24:21) بقدر ما يفعلون بكم يمكنكم أن تردوا بالمثل.
وفي النهاية يعلمنا الرب يسوع أن نفعل أكثر من ذلك، أن نبدأ بمقاومة الشر. يقول الربّ: لا تقاوموا الشر بالعنف. ليس ألا نقاوم الشر البتة حيث ستكون هذه سلبية وإبادة للفارق بين الخير والشر، لكن ليس مقاومته بالعنف، ولا الردّ على الشر بالشر. ويقول بولس الرسول: “لاَ يَغْلِبَنَّكَ الشَّرُّ بَلِ اغْلِبِ الشَّرَّ بِالْخَيْرِ” (رو 21:12). هذا هو معنى قول السيد المسيح، ولكن مجدداً أكرر هذا ليس حرفياً. لأنه هو نفسه عندما كان واقفاً أمام المحكمة لم يحوّل خده الأيسر للخادم الذي جاء وصفعه بل قال له: “إِنْ كُنْتُ قَدْ تَكَلَّمْتُ رَدِيًّا فَاشْهَدْ عَلَى الرَّدِيِّ، وَإِنْ حَسَنًا فَلِمَاذَا تَضْرِبُنِي؟” (يو 23:18).
أظن أنكم فهمتم ما الذي قصده بالضبط، علينا أن نكون مستعدين لمواجهة الشر الموجّه ضدنا بالخير، وأن نبحث عن فرصة لتقويم الخاطئ وأن نفعل كل شيء لكي يفهم حجم خطيئته. بكل الأحوال لا يجب أن نكون سلبيين بل أن نأخذ المبادرة ونوجهها نحو الخير. كم من المجرمين الحقيقيين صاروا مسيحيين حقيقيين لأن المسيحيين تبعوا كلمات المسيح وأحبّوا أعداءهم محاولين توجيههم إلى التوبة؟
فليسعفنا الرب لنبني محبة الحقّ فيما بيننا، لنحبّ حتى خصومنا: لنصلي إلى الله ليريهم بحياتنا الحقيقية أنهم يتخبطون في جحيم روحي وظلمة أبدية وبأن عليهم أن يتوبوا ويكونوا مُخلَّصين.
فليبارككم الرب
* من كتاب مواعظ وأقوال البطريرك الصربي بولس “السير إلى الأبدية – مواعظ مختارة – حوارات“، نشره دير سريتينسكي