قوانين الصوم في عيد البشارة وأحد الشعانين
جون سانيدوبولوس
نقلتها إلى العربية صبا نعمة
تلقيت السؤال التالي ورأيت ضرورة توضيحه بشكلٍ عام تفادياً لأي لغط من حيث القوانين الكنسية.
السؤال:
جون، أردت أن أسألك حول أحد الشعانين وعيد البشارة. خاصةً حول الصوم فيما يخصّ تناول السمك في فترة الصوم الكبير. منذ سنوات حصل نقاش بين أبي وكاهن الرعية لأن كتاب البيذاليون [شروحات القديس نيقوديموس الآثوسي للقوانين الكنسية– المترجم] ينصّ على أن تناول السمك يجوز فقط في يوم عيد البشارة “خلال الصوم الكبير“. عندما يقع عيد البشارة خلال الأسبوع العظيم المقدس، يمكن تناول السمك في أحد الشعانين. بناءً عليه، فإننا أمام ثلاثة طبعات مختلفة للبيذاليون “من حيث النسخات“: نسخة أبي من أواسط ١٩٣٠ باليونانية، نسخة الكاهن حوالي ١٩٩٠ بالإنكليزية ونسخة لكاهن آخر من أواسط ١٨٠٠باليونانية.
المشترك بين الثلاثة هو قانون واحد في موضوع تناول السمك خلال الصوم الكبير: أنه يجوز تناول السمك فقط في عيد البشارة. ما يثير الانتباه ملاحظة ترد في أسفل الصفحة في النسخ الثلاث، أن كل شذوذ عن القانون يجعل الإنسان عبداً لمعدته “δουλος της κοιλιας”.
بعد البحث والتدقيق تمّ التوصّل إلى أنّه مع مرور السنوات اعتاد الناس على تناول السمك في أحد الشعانين لوقوع عيد البشارة في الأسبوع العظيم المقدس. في السنة اللاحقة لاعتبارهم أنهم تناولوا السمك في أحد الشعانين قبل سنة ومع وقوع عيد البشارة قبل الأسبوع العظيم المقدس تمّ تناول السمك في عيد البشارة و أحد الشعانين.
هذا ما أدّى إلى العادة “الجديدة” لتناول السمك في العيدين (أحد الشعانين وعيد البشارة). هل باستطاعتك جزم أي ممّا سبق؟
أخبروني أنّه تمّ التلاعب بكتاب البيذاليون بعد أن ائتمن أحدهم عليه لنشره منذ بضعة أجيال. اعتقد الأب أنّ هذا يفسّر التناقض الحاصل. ربما القانون كان بسماح تناول السمك في هذين اليومين قبل هذا التلاعب.
للمصادفة، فانّ الأب الذي بحوزته كتاب الشرع الكنسي الأقدم قال أنّ الأساقفة قاموا بإعطاء الحل طالما أنّه يتم بسريّة لعدم فضح الآخرين الذين يعتمدون قانون مغاير.
الجواب:
باعتقادي أنّ الملاحظة التي ذكرتها الواردة في البيذاليون هي من أقوال القديس نيقوذيموس الأاࣤثوسي، من المهم الأخذ بعين الاعتبار نظريّة “التطور” التي شرحت من خلالها كيف أصبح مسموحاً يوم بتناول السمك في أحد الشعانين، لكن حتّى القديس نيقوذيموس صرّح أنّها تكهنات.فهذه النظرية تجزم أن ممارسة الكنيسة جمعاء والاكليروس المتعلم هي بموضع تساؤل من قبل أقليّة عندها شك فيما هو واضح من القوانين أّنه تقليد مهم.
مع ذلك لست متأكداً فيما إذا كان تقليداً قديماً أن إذا وقع عيد البشارة في الأسبوع العظيم المقدس يسمح بتناول السمك في أحد الشعانين بدلاً عنه، رغم أنه تمّ الامتناع عنه في أحد الشعانين في سنين عديدة). إلى حد علمي لا يوجد ما يؤكد ذلك.
غير أننا لا نعلم مصدر موضوع تناول السمك في أحد الشعانين، وبرأيي لا أظن أن له أي علاقة بعيد البشارة.
من العادات والتقاليد تناول السمك كما الزيت والنبيذ في سبت لعازر وأحد الشعانين، مع ذلك هناك من يمتنع عن السمك في سبت لعازر. على سبيل المثال، من العادات تناول الكافيار في روسيا في سبت لعازر، أمّا في اليونان يمتنعون عن السمك (يتناولون اللازاراكيا بدلاً عنه).
القديس ثيوذورس الستوذيتي كان يسمح لرهبانه بتناول السمك في يومي سبت لعازر وأحد الشعانين في القرن التاسع.
إن سبت لعازر وأحد الشعانين من الأعياد الكبيرة في الكنيسة، (ويأتيان في الأعياد الأخيرة الاثنا عشر الكبيرة. الفترة التي تفصل بين الصوم الكبير والأسبوع العظيم هي ذات طابع فصحيّ. سبت لعازر وأحد الشعانين من الأعياد المبهجة. لذلك يلبس الكهنة ملابس كهنوتية ذات طابع احتفالي (الأبيض، الذهبي والأخضر)، والمائدة المقدسة تغطّى برداء مزخرف بهيّ. سبت لعازر هو مقدمة للقيامة أمّا أحد الشعانين فهو مقدمة للملكوت السماوي.
بناءً للتقليد المقدس لدينا سبعة أعياد سيّديّة للسيد: رفع الصليب الكريم المحيي (أو الصليب المقدس) في الرابع عشر من أيلول، ميلاد ربنا والهنا ومخلصنا يسوع المسيح بالجسد (أو ميلاد المسيح( في الخامس والعشرون من كانون الأول، الظهور الالهي المقدس في السادس من كانون الثاني، أحد الشعانين الأحد قبل الفصح، الصعود أربعون يومًا بعد الفصح، العنصرة خمسون يومًا بعد الفصح، والتجلي في السادس من آب
إذا وقع أي من هذه الأعياد في يوم صوم، يسمح بتناول السمك (أو حتى يلغى الصوم نهائيًا)، ما عدا يوم رفع الصليب فهو يوم صوم كامل. والحال نفسه مع الأعياد الكبيرة الخمسة للسّيدة (الوالدية) التي من ضمنها عيد البشارة. عندما يقع عيد للسّيدة في يوم صوم، يسمح بتناول السمك، النبيذ والزيت باستثناء: إذا وقع عيد البشارة في الأسبوع العظيم المقدس، يسمح بتناول النبيذ والزيت (ما عدا السمك)؛ إذا وقع عيد البشارة في يوم الجمعة العظيم المقدس أو في السبت العظيم المقدس، يسمح بتناول النبيذ (ما عدا الزيت والسمك).
الأعياد السّيد تعتبر أعياد من “الدرجة الأولى” وأعياد السّيدة تعتبر من “الدرجة الثانية“. هذا يعني أنّ أحد الشعانين هو عيد أهمّ من عيد البشارة، (من حيث الدرجات.)
من هنا يمكننا أن نفهم لما السمك مسموح في أحد الشعانين وبالتالي استخلاص تفسير لتطوّر الممارسة هو من غير الضروري.
بالنسبة لأنّ القوانين تسمح بتناول السمك في يوم واحد خلال الصوم الكبير، عيد البشارة، فهو لا يتعارض مع ممارسة تناول السمك في أحد الشعانين أو حتى في سبت لعازر. أحد الشعانين لا يقع في الصوم الكبير، بل هو جزء من الفترة الانتقالية بين الصوم الكبير والاسبوع العظيم المقدس. فالصوم الكبير ينتهي في يوم الجمعة قبل أحد الشعانين.
من هنا، فإنّ القانون الذي ينص على أنّ عيد البشارة هو اليوم الوحيد الذي يسمح خلاله بتناول السمك في الصوم الكبير، صحيح. من الواضح، أن اللغط الحاصل هو ما أدّى إلى نظريّة “التطوّر“. زد على ذلك أنّ مصادر أرثوذكسية تقع في هذا اللغط. على سبيل المثال: على الموقع الإلكتروني OCA في الخامس والعشرين من آذار حيث نشر شرح عن عيد البشارة، يرد الخطأ التالي:” إنّه يوم من اثنين من الصوم الكبير حيث يسمح بتناول السمك (أحد الشعانين هو اليوم الثاني)”. لكن كما سبق وأشرنا أحد الشعانين لا يقع في الصوم الكبير.”
أخيرا من الصعب الجزم، أن هناك تلاعب أو لغط في البيذاليون، لذلك يجب القيام بدراسة حول الموضوع.