القرارات الصادرة عن المؤتمر اﻷرثوذكسي السابع والعشرين لمندوبي الكنائس حول الهرطقات واﻷديان الماورائية
نقلها إلى العربية اﻷب أنطوان ملكي
1. أكّد المؤتمر أن هناك انتشار هائل للغيبيات في عصرنا. والغيبيات هو الإيمان بحقائق سحرية غامضة وكيانات وقوى يتم الوصول إليها من خلال تقنيات سرية. هذا نظام قديم ومتعدد الأشكال، ذو طابع بشري المركزية تماماً وذو دوافع شيطانية، دائماً. إنه يغرِّب البشرية عن غايتها الحقيقية – التي هي التألّه بالنعمة، وبالمقابل يعطيها وهم تأليه الذات.
2. الغيبيات المعاصرة تطرح نفسها في أشكال الشيطانية الجديدة (Neo-Satanism)، السحر المتنوع، الروحانية، التوسّط (Channelling)، الباطنية (Esotericism)، الكابالا، قراءة البخت (إستحضار الأرواح، قراءة القهوة، تفسير الأحلام، إلقاء التعاويذ (cledomancy)، بطاقات التارو)، التنجيم، الشامانية، علم الملائكة الزائفة، العلاج بالملائكة، الراييكي، الوثنية الجديدة، قراءة اﻷرقام (Arithmosophy)، اﻹيمان بالكائنات الغير محددة (UFOLOGY)، حركة دينوف (Deunov movement المعروفة بالأخوية العالمية البيضاء) والعديد من أشكال الشعوذة الأخرى، وجميعها تنتمي إلى تيار “العصر الجديد” (New Age).
3. إن وجود وهوية وتقنيات الأشكال الأساسية للغيبيات هي بالفعل موصوفة في الكتاب المقدس. ففي الكتاب، يمكن للمرء أن يميّز بوضوح بين المواهب المقدسة الروحية الحقيقية للكنيسة وتلك الشيطانية الزائفة، التي تظهر واضحة في الشعوذة عبر الزمن. لقد أتى يسوع المسيح إلى العالم لتدمير ميدان الشيطان وأعماله. ما يتنبأ به الكتاب المقدس هو الحدث الأخروي المملوء رجاءً بخلاص البشرية فضلاً عن القضاء على جميع قوى الظلام.
4. إن شبابنا هم الأكثر عرضة لآثار الغيبيات. إن الأسباب الرئيسية التي تجعل شبابنا يتأثر بأشكال الغيبيات المختلفة هي: خصائص الفئات العمرية الأصغر سناً، خصوصاً سن البلوغ؛ النقص بالتعليم المسيحي الأرثوذكسي؛ عدم كفاية الأسرة والأزمة الواضحة داخلها؛ أهداف التربية الخاطئة وتغييب المسيحية عنها؛ غياب المعنى من حياة الشباب وسعيهم إلى إيجاده في أمور خطرة روحياً؛ غسل الدماغ المنهجي عن طريق المطبوعات، والألعاب ووسائل الإعلام الإلكترونية (التلفزيون، الإنترنت مثلاً)، فضلا عن الاعتماد المثير للقلق على هذه الوسائل. إن ظاهرة “هاري بوتر” هي حالة مميزة من اختراق الغيبيات والشعوذة لفئات الأطفال والمراهقين.
5. انشغل المؤتمر بدأب بالأشكال الأكثر خطورة من الغيبيات المعاصرة. فالنموذج المنتشر على نطاق واسع هو علم التنجيم، الذي يسعى إلى إظهار ذاته على أنه علم وعنده سحر ملحوظ على الإنسان المعاصر الدهري. إنه يعزل اﻹنسان عن تدبير الله، ويقيّده إلى تصورات قَدَرية بتوقعاته خاطئة، وبالتالي يحتجزه أسيراً إلى “قوى في النجوم” خداعية، هي في الواقع شيطانية. إن علم الفلك الحديث قد فصل بوضوح موقفه من علم التنجيم وأعلن أنه علم زائف.
6. الوثنية الحديثة هي واحدة من القنوات الأكثر قوة بين غيبيات العصر الجديد، وهي تُسقِط وتؤسس معتقداتها على العودة المفترضة لمجد العصور القديمة ما قبل المسيحية. ومع ذلك، هذه المعتقدات ليست سوى القليل من الأشكال الدينية الحديثة لغيبيّات العصر الجديد، والتي تم تشييدها بعناصر من الوثنية القديمة.
7. علم الملائكة الزائف المعاصر لا علاقة له على الاطلاق بتعليم الكنسية عن الملائكة. سواء في ما يتعلق بالمتطلبات الأساسية، أو بما يتعلق بالمضمون، فمحتواها، بشكل واضح، هو ضد المسيح وتوفيقي وغيبيّ. إنه مزيج من عناصر إكسو–مسيحية [1]، مسيحية، باطنية، يهودية وإسلامية، والتي، في عدة مجالات، تذكّر بقوة بالخصائص الغنوصية القديمة، والتي تحمل بوضوح ختم العصر الجديد.
8. أحد اﻷشكال المميزة للغيبيات هو ما يسمّى “التوسط (channeling)” – وهو بشكل واضح من ممارسات العصر الجديد. وبحسب تعابير ممثلي التوسّط، يتحوّل الشخص المتورّط إلى “وسيط (channeler)“، ويصبح “منسجماً مع الطاقة“بالأرواح، بحيث يصير قادراً على نقل “رسائل وتعليمات من “كائنات مضيئة “(ملائكة ومعلمين وكائنات من خارج الأرض، وما شابه ذلك). الطريقة التي تًمارَس فيها هذه التقنية تجعلنا على يقين من أنها أسلوب غيبيّ خطير “يفتح” قنوات التواصل مع الأرواح النجسة. وعلاوة على ذلك، في التقليد الأرثوذكسي لا يوجد مثل هذه “التقنيات” للتواصل مع الثالوث القدوس وملائكته وقديسيه.
9. بالنسبة للكنيسة الأرثوذكسية، الحقائق والقوى الغيبية في جميع أشكالها هي شيطانية بشكل واضح، وكذلك أساليبها.
لا يمكن التنبؤ بالنتائج المترتبة على الانشغال الغيبيات، فهي قاسية للغاية بالنسبة لصحة النفس كما لصحة الروح عند المتورطين، باﻹضافة إلى صحتهم البدنية، خاصةً أن في السنوات الأخيرة يتم استخدام الغيبيات في “طرق علاجية” من ما يسمى ب “علاجات الطاقة البديلة“، كما أن هناك سعي لاختراق قطاعات الطبّ التقليدي والصحة النفسية. ونتيجة لذلك، فمَن يورّط نفسه بأي شكل من الأشكال في الغيبيات، سواء القوى أو التقنيات، يستأصل نفسه طوعياً من جسد الكنيسة ويخضِع ذاته للقوى الشيطانية.
10. من المؤسف أن ظواهر مماثلة تُواجَه عند الأشخاص المعزولين والجماعات التي تنشط في فضاء الأرثوذكسية، ومنها مثلاً ما يسمى بالمرأة “المستنيرة” و “الرؤاة“. ويمكن أيضاً إيجادهم بين صفوف منشقي التقويم القديم الذين ينشطون في كل من اليونان وغيرها من البلدان، مع الممارسات التي تحيد بشكل خطير من التقليد الأرثوذكسي.
وبالنظر إلى ما ورد أعلاه، فإن اليقظة والوعي – بكل الوسائل المتاحة للكنيسة – ينبغي أن تقدَّم لجماهير المؤمنين، لأن محاولة منسقة لتزييف الضمير الأرثوذكسي جارية على قدم وساق. إلى جانب ذلك، كما سبق أن ذكرنا، الغيبيات والبدع التي تظهر حديثا لا تهدف إلى جذب المؤمنين من الكنيسة، بل إبقائهم داخلها، إنّما بضمير أرثوذكسي مشوه.
وقد وافق المجتمعون بالإجماع على القرارات المذكورة أعلاه، وبموجب هذا خوّل الرئيس التوقيع نيابة عنهم:
الميتروبوليت بولس أسقف غليفاذا، الينيكون، فوﻻ، فولياغماني وفاري
مندوبو الكنائس اﻷرثوذكسية المكلّفون:
البطريركية المسكونية: الميتروبوليت دمسكينوس، مطران كيدونيا وأبوكرونوس
بطريركية اﻹسكندية: الميتروبوليت عمانوئيل، مطران بتوليماييس
بطريركية أورشليم: المطران ديمتريوس ، مطران لدّة
بطريركية روسيا: الأرشمندريت ثيوفان لوكيانوف
بطريركية صربيا: اﻷرشمندريت أفسابيوس ماياندزيا
بطريركية رومانيا: اﻷستاذ كبريانوس ستراتزا
بطريركية بلغاريا: الميتروبوليت سيرافيم، مطران نافروكوبيون
كنيسة قبرص: المتقدم في الكهنة ديمتريوس كوتسوبولوس
كنيسة اليونان: المتقدم في الكهنة كيرياكوس تسوروس
كنيسة بولندا: المتقدم في الكهنة أندرياس لافشاك
مضيف الاجتماع: الميتروبوليت ديونيسيوس، مطران كورنثوس
رئيس اﻻجتماع: الميتروبوليت بولس أسقف غليفاذا، الينيكون، فوﻻ، فولياغماني وفاري
[1] اﻹكسو هو خليط من عدة معتقدات يجمعها الإيمان بوجود كائنات خارج العالم، وبأن كل ما هو جميل ومميز، ومنه الكتابات المقدسة، هو بإيحاء خلال زيارات لكائنات من خارج اﻷرض أو برسائل منها. اﻹكسو مسيحيون هم مسيحيون (؟)، بغالبيتهم من الكاثوليك، المتأثرين بهذه اﻷفكار والتي يمزجونها مع المسيحية ما يوصلهم إلى استنتاجات غريبة (المترجم).