سأل أحد الأولاد كاهن رعيته قائلاً: أرى الكثير من الناس يرسمون إشارة الصليب، يا أبتي، ولكن بأشكال مختلفة، لماذا؟
الكاهن: ما من مسيحي يا بنَي، مؤمن أو غير مؤمن، ملتزم أو غير ملتزم، شيخاً أو شاباً أو طفلاً إلاّ ويرسم إشارة الصليب. لكن الأغلبية منهم لا تعرف معنى وكيفية إشارة الصليب.
الولد: أأفتح يدِي أم أضمّها عندما أرسم إشارة الصليب؟
الكاهن: في كنيستنا الأرثوذكسية، لكي نرسم إشارة الصليب بالشكل الصحيح، علينا أولاً أن نضمّ الأصابع الثلاثة الأولى معاً من اليد اليمنى تعبيراً عن الإيمان بوحدة الثالوث أي أنّ الله الآب، الله الابن، والله الروح القدس هم إله واحد في ثلاثة أقانيم. ونطوي الأصبعين الأخيرين على راحة اليد إشارةً إلى الإيمان بطبيعيتي ابن الله الإلهية والإنسانية أي أنّ يسوع هو إله تامّ وإنسان تامّ. أمّا راحة اليد فهي ترمز إلى رحم العذراء مريم حيث وحّد ابنها الطبيعتين معاً.
الولد: يا إلهي الحبيب! أهذه الحركة تعني كلّ هذا؟ لقد علّمتني أمّي كيف أرسم إشارة الصليب منذ صغري، لكن لا أعلم لماذا أضع يدي على رأسي ثم على بطني وبعدها على كتفَي.
الكاهن: حسناً يا بني، سأشرح لك. نرفع يدنا إلى الرأس حتّى تلامس الجبهة، لأنّها الجزء الأعلى من جسم الإنسان، مشيرين إلى العلى أي إلى السماء، ونقول باسم “الآب”، لأنّ الله الآب هو مصدر كلّ الخليقة ولأنّه سينير عقولنا كي نفهم تعاليم الحياة الروحية التي نسمعها في الكنيسة. ثم ننزِل باليد اليمنى إلى البطن حتى تلامسه أيضاً ونقول “والابن” مشيرين بهذا النزول إلى تنازل الله من السماوات وتجسّده في بطن مريم ولأنّ ابنه سيملأ أحشاءنا وقلوبنا بالمحبة له وللآخرين. بعدها تلامس اليدُ الكتفَ الأيمن ونقول “والروح القدس” لأنّ يسوع بعد قيامته وصعوده إلى السماء وجلوسه عن يمين الآب أرسل لنا الروح القدس المعزّي الذي سوف يقوّينا ويعطينا القوّة الجسدية والروحية لنعمل مشيئة الآب وإرادته. ثمّ ننتقل إلى الكتف الأيسر فنقول “الإله الواحد آمين”. وكأننا بهذا الانتقال من اليمين إلى اليسار نلفّ الكون بأكمله ونؤكّد سرّ التدبير الخلاصي الثالوثي.
الولد: وهل هناك وقت محدد نرسم فيه إشارة الصليب؟
الكاهن: نحن نرسم هذه الإشارة، يا حبيبي، مرّات كثيرة خلال صلواتنا والخدم الإلهية، عند دخولنا إلى الكنيسة وتقبيل الأيقونة، قبل وبعد قراءة الإنجيل، قبل الطعام وبعده، عند الانطلاق بالسيارة، عند المباشرة بالدرس أو بالعمل، قبل وبعد النهوض من النوم، وعندما نشعر بالخوف، أو بالفرح أو بالشكر لله…
الولد: أرى البعض يرسم هذه الإشارة ببطء والبعض الآخر باستعجال. فهل للسرعة أي معنى؟
الكاهن: يجب ألاّ نرسَم إشارة الصليب باستعجال وإنّما دائماً بوقار وانتباهٍ وتروٍّ مع إحناءة للرأس دلالةً على التواضع والتوقير. لأنّ الصليب نفسه كليّ الوقار ولأنّه السلاح الذي لا يُغلَب الذي به ننتصر على كلّ شرّ. فهو تاجٌ لكلّ مؤمن حسن العبادة. إنّه المنارة للنور الأبدي. وهو كما جاء في قانون الصليب الكريم “حافظ الأطفال الكلي تسبيحه”.
الولد: يا لروعة كل شيء في كنيستي. لقد علّمتني اليوم الكثير يا أبتي وزادت محبتي للصليب لأني صرت أفهم ما أقوم به، ولن أخاف بعد اليوم لأنّه حافظي.
تمارين مساعدة للطباعة والتوزيع على الأولاد: