أؤمن بالله لكني لا أزور الكنيسة
الأرشمندريت بولس بابادوبولوس
نقلها إلى العربية الأب أنطوان ملكي
غالباً ما نسمع هذه العبارة من معارفنا وأصدقائنا وأقربائنا، لذا سوف نركز مناقشتنا أكثر على الأمور الروحية.
الحجة الأساسية عند الناس الذين يقولون أنهم يؤمنون بالله لكنهم لا يذهبون إلى الكنيسة للاشتراك في أسرار كنيستنا الأرثوذكسية، هو أنهم ينزعجون من بعض الأمور، كمثل فخامة الكنائس، الكهنة والمرتلون البغيضون، اللغة (في حالة اليونان تستعمل الكنيسة اليونانية القديمة التي يدّعي البعض عدم فهمها، ولكن في بلادنا أيضاً كثيرون يتحججون باللغة الكنسية لعدم الذهاب إلى الكنيسة: المترجم)، الصوت، الأنوار، تقدمة الشموع (حيث يدفع ثمن الشمعة)، طول الخدمة وغيرها.
طبعاً هناك الكثير من الأعذار عندما لا يريد المرء أن يعيش بحسب ما تقول الكنيسة. للأسف، هؤلاء الأشخاص يعتبرون أنفسهم خارج الكنيسة لأنهم لا يقبلون المكوّنات الأساسية للحياة في المسيح، التي هي اشتراك المسيحي في أسرار الكنيسة. هؤلاء ليسوا مسيحيين، أقله ليسوا أرثوذكسيين، لأنهم فيما يؤمنون (فرضياً) لا يتبعون أي كلمة من أقوال المسيح.
بالطبع، الموضوع هو أن أغلب المعمَّدين مسيحيين لا يعرفون مَن هو المسيح أو ما هي الكنيسة، وما يقدمه المسيح والكنيسة للناس. وهكذا، هم لا يأتون إلى الكنيسة لأنهم جوهرياً لا يعرفون ما الذي يخسرونه، ولا يعرفون ما الذي يمكن أن تمنحه الحياة الأسرارية.
الكنيسة، بكل أسرارها، تحوّلنا وتقدّسنا وتأتي بنا إلى الشركة مع الله. إن مشاركتنا في أسرار الكنيسة هي مفتاح قيامتنا الشخصية. الكنيسة ليست موجودة فقط لتأخذ دور الطب وتستنفد كل قواها، كما يتعاطى البعض معها مخطئين. الكنيسة قائمة لتقود الناس المؤمنين إلى المحبة والنور والحياة في المسيح من خلال الأسرار.
من السهل القول بأنك تؤمن بالله، لكن الإيمان بالله بطريقة أرثوذكسية والقيام بالأعمال التي تتماشى مع هذا الإيمان صعب ولكنه غير مستحيل. إذا أراد البعض أن يعرفوا المسيح، فيمكنهم ذلك من خلال الحياة الأسرارية التي تقدّمها الكنيسة. إذا أردتم أن تخدعوا أنفسكم بإمكانكم الادّعاء بأنكم قادرون على تحقيق ذلك بذاتكم. مع هذا، لآ أعرف أحداً تقدّس خارج الكنيسة (الأمر الجنوني هو أنّ البعض يعتبرون الشخصيات مثل الشيخ باييسيوس والشيخ برفيريوس وغيرهم قديسين، مع هذا لا يقبلون طريقة حياتهم. هذا يجعلهم أناساً ملتوين).
كلّ هذا يتمّ لسبب واحد: الأنانية. عندما يؤمن كل واحد بأنه الأفضل في تفسير الكتاب المقدس، ويؤمن بأن الآباء المتوشحين بالله هم دونه مرتبة، ويؤمن بأنه الأكثر ذكاءً، وأنهم أكثر استحقاقاً وقداسة من “المتدينين” العجزة كما يسميهم، وعندما يؤمن بأن لا حاجة للتوبة عن الخطايا، وأنه قادر على الخلاص بذاته (مهما كان نعنى الخلاص بالنسبة لهم)، عندها لن يزعجهم هذا الكلام أبداً، لأنهم مضى عليهم وقت طويل مذ وقعوا في هاوية محبة الذات والخديعة.
العقبة الأكبر التي تمنع الإنسان المعاصر من بلوغ الشركة مع الله هي بالتحديد ما يلي: يحاول الناس أن يعرفوه بالشكل الخطأ مستعملين الوسائل الخطأ، خارج الكنيسة. إنّهم يصرفون النظر عن سر المحبة ويتمسكون طوعياً بإيمان عقيم لا يعني في أفضل الحالات إلا الاعتراف بوجود الله من دون الثقة والالتزام بالتدبير الإلهي.