فاسولا ريدن: وجهة نظر أرثوذكسية |
إعداد الأب أنطوان ملكي |
—————————————————————————————————————————————————————–
فاسولا ريدن: وجهة نظر أرثوذكسية |
إعداد الأب أنطوان ملكي |
تعاليمها
أهم تعاليم فاسولا هو الدعوة إلى الوحدة المسيحية. وهي لذلك تحلّل المناولة المشتركة، خاصةً خلال رحلات الحجّ التي تنظمها. وهي تؤكّد أن يسوع كشف لها أن الإفخارستيا ينبغي أن تكون الوسيلة لبلوغ الوحدة: “يدعونا ربّنا إلى عيش الوحدة في قلوبنا، حول مذبح واحد متشاركين بالمناولة” وتضيف أنّ “السلطات الكنسية لا تفهم هذا الأمر لأنّ عليهم أن يتوبوا لكي يتمكّنوا من الاستماع لما يقوله الروح القدس لهم”.[1]
من أوضح دعواتها في هذا الإطار كلام في إحدى رحلات الحج في تركيا: إذا قال لكم البعض أنكم تقومون بعمل خاطئ عندما تعيشون الوحدة الروحية أو تشتركون بالمناولة، كما جرى اليوم وفي الأيام الماضية، فعليكم أن تقولوا لهم: … أنا أتبع وصايا المسيح وحسب. فما هو الأفضل لكم أن تتبعوا وصايا المسيح أو أن تعصوها؟ … سوف أستمع لوصية الرب وأبقى فيه لأني قرأت، بمعونة الروح القدس، علامات الأزمنة التي تدعونا إلى الوحدة والاشتراك حول مذبح واحد”[2]
من تعاليم فاسولا، التي تشترك مع غيرها من دعاة الوحدة غير المستندة إلى التقليد والكتاب، هو الدعوة إلى توحيد تاريخ التعييد للفصح. ففي عام 2007 أطلقت جماعة الحياة المسيحية في الله عريضة عنوانه “تاريخ واحد” مطالبة الأرثوذكس والكاثوليك بتوحيد تاريخ عيد الفصح، استناداً إلى ما طلبه يسوع في الرسائل التي نقلتها فاسولا. وبحسب فاسولا إذا نجحت العريضة فإن يسوع يَعِد بزمان من السلام[3]. وكما يشرح أحد أتباعها في مقال منشور على موقع TLIG الرسمي: “إذا توافق رؤساء الكنائس على تاريخ التعييد للفصح، فإن كل الحروب على المسكونة سوف تتوقّف. سوف يكون عندنا سلام كوني: كلّ شيء سوف يقع في مكانه. كلّ شيء سوف يصير أفضل للجميع. هذا ما شرحته لي فاسولا”[4].
وتؤكّد فاسولا أن يسوع كرّر أكثر من مرة أنّ “الحروب… الإرهاب، الكوارث الطبيعية، كالتسونامي مثلاً، كلّ هذا بسبب انقسام الكنيسة”[5]
هذا وقد تعرّض نقّاد فاسولا لموثوقيّة رسائلها لأنّ هذه الرسائل تغيّرت مع الوقت. ففي 1995 ذكرت فاسولا في مقابلة مع The Times أنّ الله أعطاها الإذن بالقيام بهذه التغييرات. فقد ذكرت: “من الممكن لإله كامل أن يندم (regret) على ما سبق له قوله، تماماً كما ندم على خلقه لجنس سقط من النعمة.[6]
التزامها بالكثلكة وملاحظات عامّة حول تعليمها
أمّا عن التزامها بالكثلكة، فيذكر أقرب تابعيها، الأب رينيه لورانتاين، في حديثه عن أنّ البابا والحبل بلا دنس هما نقطتا الخلاف الأبرز بين الأرثوذكس والكاثوليك: “في هاتين النقطتين، فاسولا تلتزم (adheres) بالكامل بالعقيدة الكاثوليكية، وهذا ما يشكّل مشكلة لدى بعض الأرثوذكس”[7]
إلى هذا، يوجد عدد من النقاط التي يلاحظها قارئ رسائلها وينبغي التوقّف عنده:
-
تدّعي أنّها تزوّجت بيسوع وأعطاها خاتماً بطريقة فائقة الطبيعة (رسالة 23 آذار 1987).
-
تذكر أن يسوعها يسمّي الذين لا يتوافقون معها “زمرة قايين” (رسالة 18 كانون الثاني 1991) وأن مَن يرفض فاسولا يرفضه هو شخصياً (رسالة 15 تشرين الثاني 1991).
-
تعلّم عن الجحيم تعليماً هو أقرب إلى الخرافة وتعاليم البدع منه إلى ما تذكره الكنيسة خاصةً في التفاصيل والمناقشات التي دارت بينها وبين الشيطان، إذ تروي أنّها زارت الجحيم برفقة يسوع (رسالة 7 آذار 1987).
-
تعليمها عن ضد المسيح، معطوفاً على تعليمها عن الجحيم، أقرب إلى تعليم الألفيين خاصةً في التهديد والوعيد الذي يحمله، وربط الكوارث والمحن بمجيء ضد المسيح وإيقافها باتحاد المسيحيين.
-
تستعمل لغة العصر الجديد، أي لغة عمومية مبهَمة وتحمل الكثير من التفاسير، خاصةً عند حديثها عن الرئاسات الكنسية وعن الأقانيم الثلاثة.
من ناحية ثانية، يمكن إيراد عدد من الملاحظات تسهم في طرح البعد الفائق للطبيعة عن رسائل فاسولا وسلوكها:
-
التبدل في عدد من الأفكار الواردة في الرسائل
-
شكل تلقّي الرسائل، خاصة موضوع الخط الغريب، مثير للشكوك لعدم تطابقه مع التقليد، ما يوحي بالمسّ الشيطاني أكثر منه بالخبرة الروحية البنّاءة.
-
عدم وضوح موقف فاسولا من الرئاسات والقوانين الكنسية واستعدادها لتخطيها والدعوة لإهمالها في الكثير من الحالات.
-
الدور الرئيسي الذي تظهر فاسولا من خلاله في هذه الرسائل، حيث تكون رفيقة يسوع وزوجته ورسولته…
مواقف الكنائس الأرثوذكسية
بالإضافة إلى الموقف الواضح الصادر كنيسة اليونان والمذكور آنفاً، صدر في 2002 موقف عن كنيسة أورشليم برسالة موقّعة من الراهب سارافيم، أمين سر البطريركية، ومن أهمّ ما جاء فيه: ” إن حركة السيدة فاسولا غير مقبولة كحركة أرثوذكسية، بل هي مسكونية وتساوم ضد الحقيقة وترتكز على رؤاها… الرؤى التي تصفها السيدة رايدن لا تشترك مع رؤى الآباء القديسين بأي من الصفات. فالمتوشّحون بالله مُنحوا الرؤى بعد لله وللقريب ت كثيرة من حياة الصليب والطاعة والاتّضاع والصلوات والصوم والمحب وإخفاء الذات طوعياً، ومن كلّ هذا لا يظهر لدى السيدة رايدن إلا إقلاعها عن حياتها الدنيوية السابقة…”[8]
أمّا كنسة رومانيا، فقد صدر موقفها من بعد زيارة حجّ نظّمتها في أيار 2010، حيث استقبلها الكاهن دانيال كريشان في مدينة بوسكا. وقد تكلّمت فاسولا في الكنيسة بالحجاج ودعتهم إلى المناولة المشتركة، وقد شارك في القداس أحد الكهنة الكاثوليك المرافقين لها. موقف الكنيسة الرومانية عبّر عنه المجمع، بطلب من مطران بوسكا، في رسالة رفضت فيها تعاليم فاسولا والنشاطات المماثلة لرحلات الحج التي تقوم بها كما أوقفت الكاهن دانيال عن الخدمة[9].
آخر المواقف هو للكرسي القسطنطيني الذي اصدر بياناً مجمعياً في السادس عشر من آذار 2011، على أثر انتقال فاسولا للعيش في رودس، وقد جاء فيه: “إن الكنيسة الأرثوذكسية باتباعها بدقّة مثال الرسل القديسين وتعاليمهم، كما تعاليم خلفائهم آباء الكنيسة، وقرارات المجامع المسكونية الملهَمَة من الله، تصون الإيمان كجوهرة غالية الثمن، إيمان الكنيسة الواحدة المقدّسة الجامعة الرسولية، الذي تختبره الجماعة المسيحية باشتراكها في الأسرار ومجمل حياة الجسم الكنسي المؤسَّس من الله.
وعليه، كل حركة وتوتر مرتَجَل، سواء كان شخصياً أو جماعياً، ويحمل ازدراءً او خرقاً لعقائد الإيمان والحياة الأرثوذكسيين اللذين يُعاشان في المسيح ضمن الكنيسة على أنّهما السبيل الوحيد لخلاص نفوسنا، وبخاصةً الصادرة عن شخصيات تدّعي لذاتها المواهبية، مرفوضة دائماً على أنّها ابتداع غير مقبول.
بهذه الروح، وحرصاً على الشعب الأرثوذكسي الورع، الذي لا يعرف جيداً الأمور المترتّبة من خطر الخديعة، ولحمايته المفيدة من التشوّش الروحي، نشجب فاسيليكي باراسكيفيس بنداكي – رايدن، المعروفة على نطاق واسع باسم فاسولا، من الكنيسة الأمّ، ومعها منظمّتها التي تحمل اسم “الحياة الحقيقية في الله”، لأنّها تقترح بطيش تعاليم تقوم على ما يُزعَم بأنّه “حوار مباشر بينها وبين مؤسس الكنيسة ربّنا يسوع المسيح”، كما نشجب الذين استولَت عليهم وداعمي “الحياة الحقيقية في الله”، لكونهم ينحرفون اعتباطياً عن تعليم الكنيسة المُعطى من الله، لا بل أنّهم يحيّرون ذهنية المؤمنين الأتقياء.
لذا، نحن ندعو أنصار هذه البدَع المرفوضة والأشخاص الذين يدعمونها، الذين من الآن وصاعداً لن يُقبَلوا في الشركة الكنسية، ليس فقط إلى عدم التورّط في أعمال تبشيرية في الأبرشيات المحلية، بل أيضاً إلى عدم نشر تعاليمهم المبتَدَعة، للحيلولة دون الوقوع تحت العقوبات التي تنصّ عليها القوانين المقدّسة.
أخيراً، نعبّر عن أسف البطريركية المسكونيّة العميق لأعمال بعض إكليريكيي الكنيسة الأرثوذكسية – لحسن الحظ أنّهم قلّة – الذين يحاورون المسمّاة فاسولا ويعطونها “شهادة في الأرثوذكسية”.”
يدافع أتباع فاسولا عنها في وجه هذه المواقف بالقول بأنّ قرار كنيسة اليونان لا يذكر كلمة “حرم excommunication”، خاصة أنّ الكنيسة لا تحرم أحداً إلا بعد أن تناقشه، وكنيسة اليونان لم تناقش فاسولا. أمّا في قرار كنيسة القسطنطينية فهم يرون أنّ لا قيمة له لأنّه ليس صادراً عن البطريرك شخصياً، في حين أنّه قرار مجمعي صادر عن سكريتيريا المجمع. وفي هذه الحجة الأخيرة دليل واضح على عدم فهمهم لتركيبة الكنيسة الأرثوذكسية حيث البطريرك متقدّم بين متساويين. إلى هذا، إنّهم يبرزون عند أي حوار صورة لورقة موقّعة من بطريرك الإسكندرية ثيوذوروس، يقولون أنّها شهادة بأنّ إيمان فاسولا أرثوذكسي، ويستندون إلى قانون يقول بأنّ الإنسان عند انتقاله من مكان إلى آخر يبقى لمدة خمس سنوات تحت سلطة الكرسي التي كان فيها. فلكَون فاسولا مصرية الأصل فإن رسالة البطريرك ثيوذوروس شهادة كافية. وهنا لا بد من الملاحظة أنّه لا يوجد هكذا قانون في الكنيسة الأرثوذكسية، إضافة إلى أنّها تركت مصر مما يزيد عن الأربعين سنة.
[1] “Vassula speaks of unity and intercommunion”, 2008, http://www.tligvideo.org/chich.html
[2] www.tlig.org/print/en/news/2007-06-29/2045
[3] رسالة 10 كانون الأول 2001.
[4] “My Valentine’s Day Kitchen Table Talk with Vassula” (http://www.tlig.org/en/news/2007-03-27/2035
[5] من فيديو أثناء رحلة حج في تركيا سنة 2007، مصدره http://vimeo.com/11074886 عند التوقيت 4:50 من الفيديو.
[6] http://www.latimes.com/news/local/la-me-visionary10jan10,1,4003585.story
[7] http://www.propheties.it/celestial/vassula/rydentes.htm
[8] النص كاملاً موجود باللغتين اليونانية والإنكليزية على موقع دير الضابط الكلّ http://www.impantokratoros.gr/EFC7D523.en.aspx.