كلمات بسيطة من القداس: “يارب ارحم”

كلمات بسيطة من القداس: “يارب ارحم

المتقدم في الكهنة جورج م. بنغسن

نقلتها إلى العربية رهف خرما

 يا رب ارحم، كم من المرات تُردّد هذه الكلمات في كنائسنا وفي صلواتنا الشخصية. إنها تتكرر في الابتهالات المؤلفة من طلبات استرحام قصيرة تنتهي كل منها ب يا رب ارحم“. تتردد هذه الكلمات في خدم المساء وصلاة الساعات أحياناً ثلاث مرات وأحياناً إثنا عشر مرة وأحياناً أربعين مرة. كم هي رائعة قطعة الملحن الروسي لفوفسكي لعبارة يا رب ارحمتُنشَد في ارتفاع الصليب. وهناك الكثير من الخدم حيث تكرر عبارة يا رب ارحم بإصرار وتوبة.

لا ينبغي أن ننزعج من تكرار بعض الصلوات القصيرة خصوصاً صلاة يا رب ارحمفالغاية من هذا التكرار هي إشباع قلوبنا وعقولنا وأرواحنا بهذه الصلاة. الهدف هو تركيز انتباهنا على موضوع الصلاة ما تعتبره الكنيسة ذا أهمية خاصةً لنمونا الروحي. هذا التكرار، على غرار اللازمة في الموسيقى، يخترق ضمائرنا ويبقى طويلاً في ذاكرتنا مقيماً معنا حتى عندما نترك الكنيسة إلى انشغالاتنا اليومية.

يا رب ارحم“. ثلاث كلمات لكن أي عمق من المعنى تحمل؟

أولاً بمناداة الله يا ربنحن نؤكد سيادته وسلطانه على هذا العالم والبشر، والأهم من ذلك على نفوسنا وعلى الذين يقولون هذه الكلمات. “الربتعني السيد والحاكم، لهذا ندعو أنفسنا خدامًا للرب. هذه التسمية ما من شيء مهين فيها كما يشتبه بسهولة أولئك الذين يرغبون بمحاربة السيد. العبودية بحد ذاتها سلبية لأنها تحرم الإنسان من الهبة الأصلية، هبة الحرية. لكن كما أعطيت هذه الهبة للإنسان من قبل الله كذلك فقط في الله يستطيع الإنسان أن يجد كمال الحرية. وبالتالي فإن خدمة الله هي في الحقيقة الحرية الكاملة في الله.

خدمتنا لله بعيدة عن أن تكون كاملة. في كل يوم، في كل ساعة، نحن نهرب من هذه العبودية المباركة، نهرب إلى حيث لا ضوء، ولا محبة، ولا الحياة التي نجدها في الله. نحن نهرب من الفرح المثالي إلى حفرة عميقة من الحزن والألم. ثم ننهض روحياً، ونعود إلى أحاسيسنا، ونبدأ بإدراك أنه ليس لنا مكان نذهب إليه عندما نهجر الله، إلا الموت. كما قال داوود الملك: ” أَيْنَ أَذْهَبُ مِنْ رُوحِكَ؟ وَمِنْ وَجْهِكَ أَيْنَ أَهْرُبُ؟” (مز 7:139). نحن نعود إلى الله، بعضنا بعد غياب خاطف، والبعض بعد سنوات من الاغتراب. ومن أجل إعادة تأسيس عبوديتنا البنوية له، العبودية التي نهرب منها باستمرار، نرجو الغفران ونردد يارب ارحم، يارب ارحم“.

لذلك هذه هي الكلمات البسيطة، هذه الكلمات القليلة من الصلاة التي نستطيع أن نصلي بها في كل زمان ومكان: “يارب ارحم“. من الحسن أن نقدّرها وننميها ونغذّيها. إنها حبات مسبحة صلاتنا مصنوعة كلماتٍ وهي تربط يدنا بيمين للسيد.

مقالات أخرى

يوحنا الكوكوزاليس

يوحنا الكوكوزاليس إعداد راهبات دير مار يعقوب “إنّ هدف ترانيم الكنيسة هو جعل شرارة النّعمة المختبئة فينا تشتعل بصورة أسطع وأكثر دفء. فالتّراتيل والمزامّير والتّسابيح الرّوحية قد وُضعت كي تضرم الشّرارة وتحوّلها إلى لهيب” (ثيوفان الناسك) تيتّم يوحنّا في سن

اقرأ المزيد

يهوذا أم بطرس أم يوحنا – الشماس تيودور الغندور

يهوذا أم بطرس أم يوحنا الشماس تيودور الغندور   في فترة الصوم الأربعيني المقدس، نقع كثيرًا على موضوع الخطيئة والتوبة وتضع أمامنا الكنيسة المقدّسة العديد من القديسين كأمثلة عن التوبة كالقديسة مريم المصرية. وأما في الأسبوع العظيم المقدّس فيمكن أن

اقرأ المزيد

ينبغي تربية الأولاد ليبقوا مخلِصين إلى النهاية

ينبغي تربية الأولاد ليبقوا مخلِصين إلى النهاية: مثال أم القديس إكليمندس الأنقري القديس نيقولا فيليميروفيتش نقلتها إلى العربية أمل قرة في أيامنا هذه، كثيراً ما تسمع من الأهل هذه الكلمات: “نريد أن نضمن حياة أولادنا” هذا ما يجعلهم يعملون بجدية

اقرأ المزيد