التعامل مع عيد ميلاد مدهرَن
سؤال: أنا أكره دهرنة عيد الميلاد. كيف يمكننا، أنا وعائلتي، أن نحافظ على صوم الميلاد ونحتفل بالعيد من دون الدخول في كل الاستهلاك التجاري الذي يحيط به في المجتمع؟
تقريباً، كلّ ما يمكن أن يُقال في الردّ على هذا السؤال واضحٌ جداً وبسيط، ولكن قد يكون من الصعب تنفيذه. بالنسبة للعائلات، من المستحسن الحديث عن كل هذه النقاط ضمن العائلة وتشجيع الأفراد بعضهم البعض على التمسّك بالصوم خاصةً مع الاقتراب من عيد ميلاد ربنا. هذه الاقتراحات هي بداية، إن لم تكن قد أُحرِزَت فالوقت ليس متأخراً للبدء بذلك.
أولاً وقبل كلّ شيء، تأكدوا من أن تحفظوا الصوم! باحترام الصوم كما ينبغي، يتم تلقائياً القضاء على العديد من الاختراقات التي يقوم بها العالم للدخول إلى بيوتنا خلال هذه الفترة. تذكروا، الصوم لا يقتصر فقط على الغذاء، ولكنه يشمل الترفيه العبثي أيضاً.
مع هذا في الاعتبار، نود أن نؤكد أنه لا ينبغي لأحد أن ينظر إلى “الصيام” كامتناع أو عمل سلبي: “لا نستطيع أن نفعل …”، “لا يمكن أن نأكل …”، “لا يمكن ان نذهب…” بدلاً من ذلك نحن بحاجة إلى إعادة تعريف رؤيتنا لفترة الصيام. إنها فترة إعداد وزمان للنمو الروحي، وهذه الفكرة بالتأكيد ليست مفهوماً سلبياً!
إن العالم الذي نعيش فيه يتطفّل باستمرار في عمق حياتنا حيث يهاجم كلّ حواسنا الجسدية. هذا الأمر يكون أكثر وضوحاً خلال هذه الفترة من السنة. إنه يشجّعنا على أن نرى ونسمع ونتذوّق ونلمس ونشمّ كلّ أنواع الأشياء التي تلهي عقولنا عن الخروج في الطريق إلى بيت لحم لميلاد المسيح.
بالتأكيد، بالنسبة لأولئك الذين بلا عائلة وأطفال صغار في المنزل، ما يتعين القيام به لجعل صوم الميلاد زماناً فعلياً للنمو الروحي أسهل بكثير. إن الكثير من الإعلانات خلال هذه الفترة تستهدف مباشرة مَن هم أكثر عرضة للخطر، أي الأطفال، والأشياء التي يتم الإعلان عنها هي عادة الأشياء ذاتها التي علينا تجنبها عادةً. كل أسرة هي حالة فريدة من نوعها، وهذا ينبغي أخذه بالاعتبار عندما نحاول تنفيذ المقترحات التي نود تقديمها.
مَن لديهم أطفال في المنزل غالباً ما يجدون الصوم الفعلي عن الأطعمة صعباً خلال هذه الفترة التي يبدو أن الكثير من الأطعمة الغنية المغرية وبالتأكيد غير الصيامية تُدفَع إلينا. في كثير من الأحيان من المُساعد أن يكون هناك أطعمة صيامية خاصة تحبها الأسرة وتقدمها فقط في فترات الصيام. طبعاً، نحن لا نريد أن نركّز فقط على الجوانب المطبخية من الصيام في هذه المقال؛ نحن نفترض أن جميع القرّاء ملتزمون بالفعل بهذا الجانب من الصيام، لأنه ليس اختيارياً.
إن الامتناع فقط عن أطعمة معينة ليس بالتأكيد من ضمن استعداداتنا للميلاد. يشمل الصوم تجنّب الترفيه، وهو شيء يزخر به هذا الموسم. من الممكن تقريباً في كل الظروف تفادي حفلات المكاتب والجلسات الأخرى بتصريحنا بصدق أننا نحن المسيحيين الأرثوذكس لا نبدأ بالاحتفال حتى يصل العيد. إن لم يكن ممكناً أبداً تلافي حضور مثل هذا اﻷمور، فمن الممكن دائماً إيجاد أطعمة نتناولها من دون كسر الصوم، أو الاعتذار مسبَقاً في وقت مبكر.
بالتأكيد ينبغي أن نكثّف قراءتنا وصلواتنا في هذه الفترة التي يقع فيها عدد من أعياد القديسين العظماء: القديس نيقولاوس في 6 كانون الأول، والقديس اسبيريدون في 12 كانون الأول، والقديس هيرمان في 13 كانون الأول، القديس اغناطيوس الأنطاكي في 20 كانون الأول، وهذا غيض من فيض. جيد أن نقرأ سيَرَهم ونصلّي حقاً لهم. أيضا، في وقت هذا الصوم هناك عدد غير قليل من أنبياء العهد القديم الذين نذكرهم في هذه الفترة فنقرأ نبوءاتهم. كاطافاسيات عيد الميلاد تبدأ في 21 تشرين الثاني، سواء كانت مرتّلَة أم لا، جيد الحصول على الكلمات والموسيقى من الكاهن وتعلّمها وترتيلها خلال النهار عندما نكون لوحدنا أو مع أسرتنا. أنها جميلة جدًا وترفع المعنويات.
العديد من الرعايا تقدّم الخلوات أو الندوة في هذه الفترة. إذا كانت رعيتك لا تقيم شيئاً من هذا القبيل، فقد يكون في إحدى الرعايا القريبة! في حال ليس هناك خلوات ولا ندوات، أو حتى لو وجدَت، فمن الأفكار الجيدة أن يشكّل عدة أشخاص، مثلك، ممَن يريدون إعادة توجيه أولوياتهم خلال فترة الصوم مجموعة قراءة. إن المشاركة تجعلنا نقرأ ونصلّي أكثر!
ما يسمّى بـِ ” خاصّ بعيد الميلاد” على شاشة التلفزيون وفي سيل الإعلانات التجارية التي توجّهنا نحوالأشياء التي يجب أن نشتريها لكي نكون أمّاً أو أباً أو أخاً أو قريباً أو صديقاً صالحين، وما إلى ذلك، هي سببٌ كافٍ للجميع للتخلّي عن التلفزيون! يبدو أنّ الخاصّ بعيد الميلاد هو في التشديد على أن “المعنى الحقيقي لعيد الميلاد” ينطوي على أن يكون الإنسان محبّاً مهتماً معطياً وما إلى ذلك مما يرِد بين الإعلانات التي تغري على الطمع، لكنها لا تذكر شيئاً عن حقيقة أن الله قد تجسّد في محبته للبشرية ليعيد إلينا الصورة المفقودة!
الآن نأتي إلى الجانب الأكثر وضوحا للاحتفال الدهري بعيد الميلاد وهو الهدايا. فلتكن الهدايا على الحد الأدنى الممكن. بالتأكيد، الجميع يقولون في وقت ما: “السنة المقبلة” ستكون مختلفة وأكثر بساطة. لكن ابدؤوا الآن. هناك الكثير من الطرق للقيام بذلك، ومرة أخرى، يختلف الأمر من حالة إلى أخرى. معظم الناس يحبّون أن تقدّم باسمهم الهدايا أو الهبات للجمعيات الخيرية. داخل الأسر، قد يكون هناك صعوبة في الحد من موجة تبادل الهدايا عندما يتقرر ذلك.
فوق كل شيء، في الخامس والعشرين من كانون الأول، نسمع أناساً من غير الأرثوذكسيين يقولون: “حسناً، كان ذلك الميلاد لطيفاً، ولكننا سعداء لانه انتهى.” بالنسبة لنا، إذ صمنا متوقعين ولادة الرب أربعين يوماً، نحن في بداية الاحتفال، أمامنا التراتيل وإراحة أجسادنا المرهَقة بالأطعمة الغنية.
بدلاً من أن نكون متعبين ومُتلَفين مرددين مشاعر من هم خارج الإيمان الذين يسعدون لرؤية هذه الأيام المقدسة تأتي إلى نهايتها، دعونا نحتفل بعيد تجسّد الرب بفرح روحي مرنمين: المسيح وُلِد فمجّدوه! المسيح أتى من السماوات فاستقبلوه! المسيح على الأرض فابتهجوا، رتّلي للرب أيتها الأرض كلّها ﻷنه قد تمجّد.
* عن موقع Pravmir.com